العودة الى الصفحة السابقة
وما منع الناس أن يؤمنوا بربهم!؟

وما منع الناس أن يؤمنوا بربهم!؟


سكنت أرملة فقيرة على شاطئ البحر، وكان ولدها البحار قد سافر منذ سنة إلى البلاد البعيدة، ولم يعد. فكانت الأم تنتظره يومياً لعله يعود، رغم قول الجيران لها أن تقطع الأمل من عودته، لأنه لو كان ما يزال حياً، لكاتبها. وأصرت الأم على موقفها، قائلة أنها لا تصدق خبر وفاته، بل سترقبه حتى يعود إليها.

وكما كانت هذه الأم تنتظر عودة ولدها، هكذا الله ينتظر رجوع كل الناس إليه. ولكن يا للعجب، فكثير من الناس يريدون الإيمان ولا يقدرون على ذلك، ويعيشون في قبضة الشك! وثقل الكابوس الضاغط عليهم!

فما هو سبب عدم الإيمان وإحجامنا عن الرجوع إلى ربنا؟ يوجد أناس، يتهجمون على الله، ويضعون الحق عليه بقولهم أنه لو أراد لجعلهم مؤمنين. إنهم أغبياء، لأن الحق ليس على الله، بل على كل فرد، فالله يريد أن يقبل الجميع خلاصه. ولكن في حياة الإنسان توجد موانع تسبب عدم الإيمان فيه. فاسمح لنا أن نبحث بعض هذه الموانع التي تصد قدرة الإنسان عن الإيمان بالله.

يقول البعض: «نحن ضعفاء. من منا يقدر أن يتصل بالله ويدركه؟» فلو كان هذا القول حقاً، لمتنا وهلكنا جميعاً، لأننا نجسون. ولكن منذ المسيح كفّر عن خطايا البشر، فلا يهلك أحدهم لأجل خطاياه وضعفه بل لروحه المتكبر العنيد. فإن الإنسان بطبيعته متمسك بالبر الذاتي طامع أن يبين قدرته ولا يريد الاهتداء، لقبول نعمة ربه. كما صرّح شاب في إحدى مناقشاته عن الإيمان: لا أريد قبول هدية بل أصمم أن أربح السماء باجتهاداتي. ولم يدرك الشاب حقيقة قلبه الشرير، لأنه لا خلاص بلا مخلّص ولا نعمة بدون انكسار الكبرياء أمام المنعم.

وإن لم تستطع الإيمان، فذلك لا بد أن يكون بسبب خطية معينة في حياتك. والروح القدس يذكرك بها مرة بعد أخرى، حتى تنكسر وتعترف أنك أنت الخاطئ.

ولربما كذبت، ولا تقدر أن تنسى كذبتك. حدث مرة أن شاباً خدم في محل تجاري، وطلب منه سيده أن ينظف كل المحل بعد انتهاء العمل، فزعل لأنه كان على موعد مع خطيبته. ولما ابتدأ بتنظيفه بسرعة وبلا وعي منه، حطم الباب الزجاجي بالمكنسة فتساقطت أجزاؤه في مدخل المتجر قطعاً مهشمة. ولما سأله صاحب المحل في اليوم الثاني عما حدث، قال: «الهواء ضرب الباب فانكسر».

ولكنه بعد هذه الكذبة، أخذ ضميره يؤنبه ويدفعه للاعتراف جهراً. وظلت هذه الكذبة رابضة على صدره مدة عشر سنوات كاملة، حتى اعترف بها أخيراً لصاحب المحل. ومنذ هذه اللحظة ابتدأ الفرح في قلبه ونهض لإيمان حي.

وفي أحد المصانع كانت تحدث سرقات مستمرة، وقد اشترك أحد الموظفين بالسرقة. ولكن ضميره استيقظ قائلاً له: «اعترف باشتراكك في السرقة». ولكن صوتاً آخر في نفسه كان يقول: «لا، إن اعترفت تفقد ثقة الرئيس». وعاش هذا الموظف سنوات طويلة في هذا الانقسام النفسي. والتقى مرة بصديق مؤمن، كلّمه عن المسيح الحق والخلاص الحاضر لأجله. فسمع فجأة صوتاً عالياً في قلبه يقول: «اعترف الآن بذنبك قبل فوات الأوان». فعاد الموظف إلى بيته وكتب اعترافه إلى صاحب المحل بدموع الندامة والتوبة. فحصل على جواب من رئيسه الذي أعجبه إعجاباً كبيراً حيث كتب له: «شكراً لاعترافك قد سامحتك، وأعتبرك شخصاً أميناً، وأتكل عليك اتكالاً كاملاً. وإن عدت للعمل عندي فأرحب بك، كأنه لم يحدث شيء من قبل». ومن هذه اللحظة تحرر الموظف وابتدأ الإيمان في قلبه، وثبت في غفران ربه.

وربما تكون شهوة الجسد هي المانع لإيمانك، لأن كل تلاعب بجسدك يمنعك من الإيمان الحي. وأنت تعلم من صميم قلبك أن الارتباطات النجسة تعارض سرورك. التجئ إلى المخلص من كل خطية، لأن امنياتك الصالحة لا تحررك حقاً. ولكن إن التجأت إلى المسيح تسمع صوته: «إِنْ حَرَّرَكُمْ الابْنُ فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ أَحْرَارًا» (يوحنا 8: 36). وتختبر عندئذ الحق الأزلي، إنه قد غفر ذنبك.

ولربما تكون محبة المال في حياتك، هي المانع للإيمان. لأن الميل للممتلكات والحرص على النقود يقسي قلبك قساوة شديدة. وقد قال مرة أحد الأثرياء لقسيس: «صلّ معي، لأتأكد من خلاص نفسي». وبحثوا قبل الصلاة عن طريقة لحصول هذا الخلاص، فظهر بسرعة أن هذا الفتى كان مقيداً بالبخل، ولم يرد الحل من هذه القيود المذهبة. فحبه للمال وطموحه للممتلكات منعت عنه الإيمان، فبقي بدون فرح صحيح. إن البخل والحسد هما أصل كل الشر. فسائل نفسك، هل أنا رب على مالي؟ أو أن مالي هو ربي؟ فإن أدركت أنك صرت عبداً للمال، فالتجئ إلى المسيح، ليحررك من قيودك. لأنك وأنت مقيد بها، لا تقدر على الإيمان. وقال المسيح: «لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْدِمَ سَيِّدَيْنِ، لأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يُبْغِضَ الْوَاحِدَ وَيُحِبَّ الآخَرَ، أَوْ يُلاَزِمَ الْوَاحِدَ وَيَحْتَقِرَ الآخَرَ. لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَخْدِمُوا اللهَ وَالْمَالَ» (متّى 6: 24).

فإذا عرفت خطأك فنقترح عليك أن تسلم للرب يسوع ارتباطاتك، وتعترف أمامه بسيئاتك. فيفتح باب الإيمان لك، ويساعدك لمسير مستقيم. إن المسيح يحررك من عبودية الخطية وسلطتها الشنيعة ويطهرك ويقدسك تماماً.

فعندئذ تعرف ألا شيء يفصلك عن الله. فتذهب إلى القدوس وتعرف أنه المحبة. وتشكره مسلّماً له حياتك ثابتاً في شركته إلى الأبد. تب وآمن ببشرى الخلاص المعطى لك بالمسيح.