العودة الى الصفحة السابقة
سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ عَلَيْكُمْ، وَتَكُونُونَ لِي شُهُوداً (يوحنا 1: 8)

سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ عَلَيْكُمْ، وَتَكُونُونَ لِي شُهُوداً (يوحنا 1: 8)


هل تعرف من هو الروح القدس؟

توجد أرواح كثيرة في العالم، متنجسة مستكبرة ومحتالة وجذابة. ولكن إن أردت أن تعرف حقيقة الروح القدس فنقترح عليك أن تتقدم إلى المولود من الروح الأزلي وهو المسيح، الذي وحده يستطيع أن يفسر لك من هو الروح القدس. كلنا مخلوقون من الله، أما المسيح فهو المولود من روح الرب. لذا يستطيع أن يعمقنا في أسرار الجواهر الإلهية.

وسمى المسيح الروح القدس بالروح الحق، لأنه يكشف كل كذب. فهذا الروح يوبخ أولاً خطايا الناس، الذين يفكرون أنهم صالحون أقوياء وأذكياء. ويسحق هذا الروح المستقيم سكرنا في الاستكبار، ويطعن كل خطايانا وفضائحنا. طوبى لك إن وبخك ضميرك، ولم تستطع النوم لأجل دينونة الله على أعمالك الشريرة وكلماتك البذيئة وأفكارك الرديئة. إن الروح القدس هو قدوس، فيحارب الظلم والعار والنجاسة. والله هو عدوك إن لم تتب وترجع إليه، وتنكسر لكبريائك مستغفراً لأن الروح القدس يرينا أننا خطاة أجمعون.

وإن عرفت خطاياك، واعترفت بها، يدلك المسيح على الروح القدس، لأنه المعزي الإلهي، الذي يرحمك بمحبته الأزلية، وأنت خاطئ ضال هالك. وينيرك بجودة الله، ويقودك إلى الصليب، ويؤكد لك أن الله قد غفر ذنوبك كلها لأجل دم ذبيحة المسيح، الذي ناب عنك في دينونة غضب القدوس. فقد محا الله ذنوبك. وإن وبخك ضميرك أو شك عقلك في خلاص نفسك، فيهمس الروح القدس في أذنك بصوت حنون: إيمانك قد خلصك، لا أعمالك ولا سلوكك. ذبيحة المسيح وحدها تقدسك وتطهرك. ألست أنت صالحاً في ذاتك، بل فاسد وشرس وغبي. أما الله فرحمك وخلصك حقاً بواسطة المسيح. والروح القدس يؤكد لك خلاصك ويعزي ضميرك كل يوم.

من يتقدم إلى المصلوب مؤمناً ويقبل موته الكفاري، تلمسه قوة الله، والروح القدس يحل فيه ويستنير عقله، وتنفرج نفسه. إنه لسر عظيم: الروح القدس ينسكب في كل مؤمن بالمسيح أبغض خطيته واعزم على تركها.

والروح القدس لم يستطع قبل حادثة الصليب أن يحل في عامة الناس، إلا في الأنبياء والملوك ورؤساء الكهنة، الذين اختارهم الله وطهرهم وفوضهم للخدمة. ولكن بعدما كفّر المسيح عن خطايا كل البشر، لم يعد مانعاً لعاصفة محبة الله أن تأتي إلينا. فجرت قوة السماء إلى عالمنا، خالقة خليقة جديدة طاهرة.

هل تعمدت بروح المحبة والحق؟ إن امتلأنا بهذا العنصر السماوي هو غاية صليب المسيح، ليغيرك جوهر الله إلى صورته، وتصبح إنساناً صالحاً حسب قدوة المسيح. فحلول الروح القدس في إنسان بسبب ولادة ثانية روحية، لأن محبة الله تغير الخطاة إلى قديسين والفاسدين إلى خدام نافعين.

ولا فرح في العالم أعظم من سكن الروح القدس في إنسان. فالمخلصون من الخطايا والمفديون من غضب الله يشكرون دائماً المسيح ربهم لأجل خلاصه العظيم، ويشهدون جهراً أن موته اقتنى لهم الحياة الأبدية.

إننا نعلم أن المولود من روح الله هو اليوم جالس عن يمين أبيه، مالك معه في وحدة الروح القدس العوالم، وإن سألتنا كيف لنا العلم ببنوة المسيح لله؟ فنجيبك: إن الروح القدس فتح أعين قلوبنا لحقيقة الله، لنعلم أن الله هو الآب مفعم المحبة والحنان والرأفة والرحمة. فالروح القدس أكد لنا أن الله القدوس في نعمته قد تبنانا نحن فاعلي الشر، وأكثر من ذلك، فقد حل جوهر الله فينا، لنصبح أولاد الله، لأننا نؤمن باسم ابنه فادينا المجيد. فمن يؤمن بالمصلوب ويتكل عليه ينل حياة الله الأبدية اليوم رغم جسده الفاني. فلن يموت إلى الأبد حقاً بل يدخل بموته مباشرة إلى النعيم.

وغنى كنوز الروح القدس تظهر في شركة القديسين لأن بحر محبة الله يحررنا من أنانيتنا، ويعلمنا خدمة كل الناس، ويساعدنا لاحتمال الصعبين، ويقودنا لنسامح أعداءنا تماماً. فهناك يبتدئ الفردوس على الأرض، والله يسكن فيهم. إن الروح القدس هو الله بالذات. وكل المؤمنين بالمسيح الحقيقيين أصبحوا معاً هيكلاً للرب الأزلي. وفيهم تتحقق الآية الذهبية: «اَللهُ مَحَبَّةٌ، وَمَنْ يَثْبُتْ فِي الْمَحَبَّةِ، يَثْبُتْ فِي اللهِ وَاللهُ فِيهِ» (1يوحنا 4: 16).

أيها الأخ نقترح عليك أن تطلب اليوم من الله هبة الروح القدس، لأن العلي يشاء أن يطهرك من كل ذنوبك ويعزم الحلول فيك، ليس لأنك صالح أو مستحق بل لأن المسيح أهلّك بدمه المسفوك لأجلك.

فاطلب إلى الله بالمواظبة لأجل امتلائك بروح الحق. فتتعظم محبته، وتعيش أمامه كولد لأبيه، وهو يعتني بك بلا انقضاء.

اقبلوا الروح القدس

إن أردت امتلاءك بروح الله نرسل لك مجاناً أسفار هذا الروح أي الإنجيل الذي ينيرك وبملأك بفضائل ربك. تأمل يومياً بكتب الروح القدس، فتتغير إلى صورة المسيح الحق.