العودة الى الصفحة السابقة
الطريق إلى السعادة

الطريق إلى السعادة


العالم متعطش إلى الفرح. وهذا يدل على خلو الكثيرين منه، فيركضون من لهو إلى لهو. أما السرور الحق فلا يعرفونه.

قال لي شاب يملك أحد المصانع: لقد فتشت عن الفرح في كل مكان، ولم أجده. لقد يئست من العالم، وأكره الحياة التافهة الخالية من الفرح. هل هذا ما تحس به؟ وبحثت عنه في كل مكان، ولم تجده؟ فتشبه تلك الأميرة التي وصفت الحياة بهذه الكلمات: يبحثون عن ضالتهم في الحب والشرف والحظ. فيرجعون مشحونين بالخطايا وغير مرتاحين. حقاً لولا الخطية، لتحقق فرح أكثر في العالم، لأن الخطية تدمر الفرح في حياتنا.

لكن الحمد لله، يوجد شخص يعطيك الفرح الدائم. إنه المسيح يسوع، الذي يقول: «كَلَّمْتُكُمْ بِهذَا لِكَيْ يَثْبُتَ فَرَحِي فِيكُمْ وَيُكْمَلَ فَرَحُكُمْ» (يوحنا 15: 11) وهو يقصد بهذا شيئين: إن الفرح منه، وأنه يريد أن يعطيك الفرح الكامل. فبمجيء المسيح إلى عالمنا جاء الفرح إلينا. وفي يوم تجسده قال الملاك فوق حقول بيت لحم: «هَا أَنَا أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ» (لوقا 2: 10). فيسوع المسيح هو ينبوع الفرح الحق. ففي اللحظة التي يتوب فيها الإنسان، ويرجع إلى المسيح مسلماً حياته إليه، يبتدئ الفرح السماوي فيه. لأن غفران الخطايا يسبب لنا سلاماً مع الله وصلحاً أبدياً.

عاش شاب في خطايا ثقيلة، واضطراب ضميره، فأدرك سوء مسلكه، لأن كلمة الله كشفت كل شيء في حياته. وبعدما اعترف أمام الرب بكل ذنوبه، صرخ فرحاً: لا أعرف كيف صرت إلى هذه السعادة الرائعة. أشعر كأن حملاً ثقيلاً سقط عن قلبي. كم أنا فرحان! فبغفران خطاياه دخل إلى فرح عميق، وابتدأت البهجة في حياته، وثبت في مسرة الله. ففي غفران الخطايا يجد فرحك أساساً ثابتاً. ولا يريد المسيح، أن يعطيك الفرح للحظة واحدة، بل يهبك سعادة باقية، تثبت في كل حالات الحياة.

والرسول بولس كان رجل الفرح، الذي ابتدأ في قلبه لما التقى بالرب في طريق دمشق، فوبخه بكلماته: شاول شاول لماذا تضطهدني؟ كان شاول ضد المسيح، وحتى ذلك اليوم مضطهداً أتباعه، محتقراً إياهم. ولكن برؤيته المسيح انسحق وترك الطعام والشراب ثلاثة أيام بلياليها، ونال كل فرح وسعادة، حتى سقطت من عينيه قشور. فدخل إلى قلبه فرح عظيم فوراً. ولم يفارقه، رغم أن حياته صادفت صعوبات واحتقاراً وأخطاراً من مضطهديه العنيفين. وبعد سنوات نجده سجيناً في روما مقيداً بالسلاسل إلى جندي روماني، يراقبه. فلم يتذمر ولم ييأس لحالته الأليمة، بل احتملها راضياً صابراً فرحاً لامتيازه بالتألم من أجل المسيح. ولا نجد رسالة ممتلئة بالفرح، كالتي كتبها من سجنه في روما إلى أهل فيلبي. وفيها ذكر فرحه مراراً، قائلاً: أنا أفرح بل سأفرح أيضاً. وكان يطلب من قرائه دواماً: «اِفْرَحُوا فِي الرَّبِّ كُلَّ حِينٍ وَأَقُولُ أَيْضاً افْرَحُوا» (فيلبي 4: 4). فبرهن بولس أن المسيحية الحقة هي دين الفرح والسعادة والسرور.

ربما تسأل أيمكن للإنسان أن يظل فرحاً دائماً؟ أليس هذا مبالغة؟ كلا لأنه إن كانت حياتنا هي المسيح، فلا بد أن نختبر في شركته اليومية، إن فرح الرب هو قوتنا. والذي يعيش في هدى المسيح وتحت حمايته، يستلم الفرح والضيق منه، مؤمناً «أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ» (رومية 8: 2). ونرى هذا القول واضحاً في حياة شاعر مؤمن، عاش أيام حرب الثلاثين سنة في أوروبا. كان الجوع عاماً، فخبزوا خليط قشور الشجر مع الطحين وأكلوه. وعمّ الطاعون حتى شقوا الأرض ليدفنوا فيها الأموات جماعياً. وفقد هذا الشاعر امرأته وأولاده الأربعة، ولكن هذه المصيبة لم تنتزع فرحه حسب قوله: لماذا أحزن وعندي المسيح؟ من سيأحذه مني؟ هو راعي وينبوع فرحي. هو لي، وأنا له، ليس أحد يفرقنا. وبعد هذا، قال أيضاً: قلبي يقفز فرحاً، ولا يقدر أن يحزن، وهو مفعم السرور والترتيل، والنور الذي ينيرني هو يسوع المسيح ربي.

هكذا ترى من قصة هذا الرجل حقيقة استمرار السعادة. وخادمة الرب التي كان يلزم قطع يديها ورجليها بسبب المرض، لم تيأس من نصيبها المرير، بل لما جاءتها سيدة غنية قائلة: أريد أن أقدم إليك فرحاً، جاوبتها المريضة بعينين لامعتين: يا سيدتي، ليس عندي أية أمنية، لأنني مكتملة السعادة. كيف يمكن اكتمال الفرح لهذه الخادمة؟ لأن يسوع المسيح كان سعادتها وفرحها. قد ملأ قلبها بالسلام والسرور.

هل تعرف مما قلناه إمكانية الفرح الدائم؟ يسوع المسيح مستعد أن يمنحك أيضاً هذا الفرح، إن طلبته منه. جرب الصلاة وقل للرب: امنحني هذا الفرح الحق. وكل ما يعارض فرحك في حياتي، أسلمه إليك. فاعترف بخطاياك أمامه، واستودع حياتك بين يديه، فتختبر أيضاً أن المسيح، يمنحك مع غفران الخطايا فرحاً باقياً، فتنادي: المسيح هو فرحي وزينتي ومستقبلي.

اقرأ كلمة الله كلها

إن أردت أن تسمع أكثر عن فرح الرب وفعله في حياتنا. فنحن مستعدون أن نرسل لك إنجيل متّى مجاناً إن طلبته منا. وإن كان عندك أسئلة حول الإيمان والخلاص وكتبتها إلينا، نجاوبك بكل صراحة وإخلاص.