العودة الى الصفحة السابقة
لاَ يَحْتَاجُ الأَصِحَّاءُ إِلَى طَبِيبٍ بَلِ الْمَرْضَى. لَمْ آتِ لأَدْعُوَ أَبْرَارًا بَلْ خُطَاةً إِلَى التَّوْبَةِ (مرقس 2: 17)

لاَ يَحْتَاجُ الأَصِحَّاءُ إِلَى طَبِيبٍ بَلِ الْمَرْضَى. لَمْ آتِ لأَدْعُوَ أَبْرَارًا بَلْ خُطَاةً إِلَى التَّوْبَةِ (مرقس 2: 17)


تتكلم عناوين الجرائد عن الحروب والسياسة والأموال والفضائح. ولكنها لا تتكلم عن الله. فلماذا لا نسمع إلا القليل عن الخالق العظيم في التلفزيون؟ أو لماذا لا ندرس بشوق كلمته المقدسة؟ ولماذا يجلس الناس ساعات معاً يتكلمون بغيظ حاسد عن الجيران، وعن الحصاد البائر، والرياضة المثيرة، والأفلام الخليعة، ولكنهم يستحون أن ينطقوا باسم المسيح في أوساطهم؟

الجواب بسيط فالله ليس في محور تفكير الجماهير، لأنهم يظنون أنهم غير محتاجين للمسيح. هذا هو مرض البشر، إذ يحسبون أنفسهم أقوياء وأذكياء وعظماء. وكل يشعر أنه إله صغير مكتف بذاته، فهم يشتاقون إلى الاستقلال عن كل من أنواع السلطة والمسؤولية.

هذه هي خطيتنا، إننا لا نعرف الله، لأننا ابتعدنا عنه، بسبب استكبارنا واتكاليتنا على أنفسنا. فأصبحت حياتنا كلها ملتوية عوجاء. إن الله هو القاضي والمعين والمخلص الوحيد، ولكن البشر قد فقدوا مقياس الله، أهملوا ناموسه. وفكروا مترفعين أنهم صالحون مستقيمون ومقبولون. ما أهول الخداع. لأنه كما أن الأشعة الكهربائية عند الطبيب، تكشف أمراضك الداخلية، هكذا يعلن لك ناموس الله كذبك وسرقتك ونجاساتك، ولا مهرب لك ولا منفلت ولا مناص.

ولربما تقول، أنك حفظت شريعة الله منذ صغرك. حقاً فإن الله يحبك لهذا القصد. والمسيح يقول ليكملك في تقواك: «أحب الرب إلهك من كل قلبك، وفكرك. وأكرم والديك. لا تبغض أحداً، ولا تنتقم قط. اغفر للناس ذنوبهم، وعش طاهراً بالفكر والقول والعمل. كن قديساً كالله، ورؤوفاً كالرحيم، وفرحاً في روحه القدوس».

ألا زلت تظن أنك بلا خطية؟ فانظر إلى المسيح، الذي شفى الأمراض في محبته ولم يحتقر الزناة والسارقين، بل خلصهم. وهو لم يستغفر لنفسه، لأنه عاش قدوساً في كل حين.

وكل إنسان لا يعيش كاملاً كالمسيح، يُدان، لأن الله لا يحتمل خطية صغيرة. والمسيح يريك هدف إنسانيتنا بقوله: «فَكُونُوا أَنْتُمْ كَامِلِينَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ كَامِلٌ» (متّى 5: 48). وللأسف فإن علينا الاعتراف أنه ليس قلب امرىء كاملاً. لأننا جميعاً ناقصون خطاة محتاجون إلى رحمة الله.

ولقد أبرز المسيح الكمال هدفاً لحياتنا، لأنه هو كامل. وقد حل روح الله فيه، فظهر قدوساً رحيماً وصبوراً. تعال إلى المخلص ليشفيك ويطهرك ويريك أثر المسامير في يديه ورجليه، شهادة لمحبته العظيمة. لقد سُمر على خشبة الصليب، لأنه قال للجميع توبوا، وارجعوا عن خطاياكم. ولكن المتكبرين من العهد القديم، أبغضوه بغيظ، لأنه لم ينكر أنه ابن الله الحي. فلم يدركوا في تعصبهم سلطان المحبة الإلهية، العاملة فيه. وحتى اليوم يعمى كثيرون، بسبب تدينهم وغيرتهم الدينية. أما المسيح فقد غفر ذنوبهم، وصالح المستكبرين مع أبيه. لأنهم لم يعلموا ماذا فعلوا.

هكذا حمل يسوع ذنبك أيضاً، وكفّر عن آثامك بموته ومنحك براً أعلى من السماء وأعمق من البحار. والله بنفسه يحبك لأجل المسيح، ويقبلك باراً. ويقبلك كابنه المتبنى ليس لصلاح فيك، بل لأنك تؤمن بالمسيح. فكل إنسان يلتجئ إلى المسيح يحسب الله له كماله هبة. ويجعله قديساً، بروحه الطاهر.

أيها الإنسان، إنك محتاج إلى الإنجيل. اقرأه بانتباه، لأنه يتضمن الدواء لمرضك وقلبك، وعندئذ تدرك نجاستك وتتطهر بإيمانك في المسيح، ويتواضع ذهنك بقوته الإلهية. ويلجم لسانك الحاد الجارح إن سلمت زمامه للمسيح. ومن يأتي إلى مخلص العالم، يتجدد في أخلاقه. فينتهي الكذب، ويبتدئ الحق، ويضمحل الكسل، ويقوم الاجتهاد فيصلي المتكل على المسيح، ويصح في قوة الله. تعال إلى المسيح طبيب نفسك، واعترف بهمومك وذنبك وعنادك. فيخلصك لأنه قريب ويطلبك.

كتب شاب لنا أن ابن عمه يحصل على منشورات دينية منذ نصف سنة. وكان سابقاً شاباً فاسداً نجساً متكبراً. أما الآن فتغير كلية وأصبح لطيفاً، نظيفاً. مجتهداً. فما هو السر في هذه المطبوعات؟ ولِمَ يتغير بواسطتها الناس؟ وطلب إلينا أن نرسل له منشورات مثلها. ونريد اليوم، ان نكتب لك بصراحة عن سر نشراتنا. ليس إلا الشهادة من يسوع مخلص العالم، الذي يجعل بقوته القلوب الشريرة صالحة، ويقدس الأذهان الرافضة. فتعال إلى الطبيب الحق، وسلم نفسك إلى معالجته الناجحة فتختبر خلاص الله، وسلامه في كل حياتك.

وإن طلبت منا الإنجيل نرسله مجاناً إليك.