العودة الى الصفحة السابقة
دستور من مادة واحدة

دستور من مادة واحدة

جون نور


تكوين 18:42 «ثُمَّ قَالَ لَهُمْ يُوسُفُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ: «افْعَلُوا هذَا وَاحْيَوْا. أَنَا خَائِفُ اللهِ».

«أنَا خَائِفُ اللهِ».

هل سمعتم عن دستور من مادة واحدة لا تتجاوز كلمات ثلاث ومع هذا فإن هذا الدستور يتضمن بين ثناياه كل ما يمكن أن يحكم علاقة الأرض بالسماء والأرض بالأرض وينظم علاقة الإنسان بالله وعلاقة الإنسان بأخيه الإنسان بل والإنسان بنفسه

«أنَا خَائِفُ اللهِ». لقد عاش قائل هذه الكلمات قبل أن يوجد قانون أو ناموس أو توجد كنائس ومعابد، عاش في أرض وثنية لا تعرف الله هذا هو الدستور الذي نحن بحاجة إليه «أنَا خَائِفُ اللهِ». على مستوى الفرد والعائلة وعلى مستوى العالم كله.

لو كانت مخافة الله في بيوتنا وفي مجتمعاتنا وهيئة أممنا لما كان هنالك انحراف أو انجراف أو حروب أو قلاقل ولما كان إنسان ينهش أخاه الإنسان ويرتفع على حطامه وأشلائه لو كانت مخافة الله بيننا لانتفت منا المطامع والأحقاد وظن السوء وأصبحنا مؤمنين حسب إرادته وضمن وصاياه.

1 - ما معنى أن يخاف الإنسان الله؟

أن يخاف الإنسان الله معناه أن يتجنب الإنسان الإثم والخطية هل مخافة الله أن أحفظ يوم الأحد والجمعة وبقية الأسبوع لي، هل مخافة الله في بيت الله، ولكن ماذا عن العمل والبيت والمصنع والمؤسسة.

مخافة الله في معناها الحقيقي والعملي هي تجنب الإثم والخطية، وقف يوسف أمام الخطية بكل اغرائاتها وطغيانها وجبروتها وأمام خزائن مصر وفرعون وظروفها المواتية وقف يوسف ليقول: «كَيْفَ أَصْنَعُ هذَا الشَّرَّ الْعَظِيمَ؟» (تكوين 39: 9).

«كيف أستطيع أن أفعل هذا الشر العظيم وأخطئ إلى الله» هذه هي مخافة الله حيث لا رقيب ولا حسب.

يا ليتنا اعزائي المستمعين نخاف الله في قلوبنا ويا ليتنا نخاف الله في أقوالنا ونخاف الله في جلساتنا وحياتنا المعلنة والخفية ليتنا نخاف من الله الذي يرى كل شيء الذي قال عنه أيوب: «ماذا أفعل لك يا رقيب الناس وأنت تبصر وترى»، والذي قال عنه داود: «يَا رَبُّ، قَدِ اخْتَبَرْتَنِي وَعَرَفْتَنِي. فَهِمْتَ فِكْرِي مِنْ بَعِيدٍ. لأَنَّهُ لَيْسَ كَلِمَةٌ فِي لِسَانِي، إِلاَّ وَأَنْتَ يَا رَبُّ عَرَفْتَهَا كُلَّهَا مِنْ خَلْفٍ وَمِنْ قُدَّامٍ حَاصَرْتَنِي... أَيْنَ أَذْهَبُ مِنْ رُوحِكَ؟ وَمِنْ وَجْهِكَ أَيْنَ أَهْرُبُ؟ (مزمور 139: 1 - 7) في كل مكان عيناك تراقباني لك عينان تخترقان أستار الظلام وكل شيء عريان ومكشوف أمام ذلك الذي معه أمرنا.

مخافة الله ما هي... هي تجنب الإثم والخطية أيوب النبي العربي يقول عنه الكتاب: «كَانَ هذَا الرَّجُلُ كَامِلاً وَمُسْتَقِيمًا، يَتَّقِي اللهَ وَيَحِيدُ عَنِ الشَّرِّ» (أيوب 1: 1). لا ننتظر من السماء أن تخلق لنا جواً معقماً من الخطية، الخطية موجودة في كل مكان، حتى أنها أخذت يسوع على جناح الهيكل وأرادت أن تجربه في اقدس مكان وهو في أقدس حالة، بعد أن صام أربعين يوماً وأربعين ليلة الخطية تستطيع أنت تجربنا حتى ونحن هنا في بيت الله. لأن العالم قد وضع في الشرير وأفكار الإثم موجودة في كل مكان ولكن إن كنت ابناً لله وتريد أن تعيش مستقيماً وكاملاً أمام الله فاتقي الله وحد عن الشر.

2 - ما هي الأسباب التي تجعلني أخاف الله؟

أولاً الإيمان بوجود الله... الله موجود فأنا أخاف الله ولكن هنالك الكثيرون الذين يقولون لا يوجد إله.

قال يسوع ليكن لكم إيمان بالله وفي العالم أنواع وأصناف من الناس لها مواقف في إيمانها بالله.

1 - صنف يعترف بوجود الله ولكن ينكره بأعماله... «يَعْتَرِفُونَ بِأَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ اللهَ، وَلكِنَّهُمْ بِالأَعْمَالِ يُنْكِرُونَهُ، إِذْ هُمْ رَجِسُونَ غَيْرُ طَائِعِينَ، وَمِنْ جِهَةِ كُلِّ عَمَل صَالِحٍ مَرْفُوضُونَ» هذا الكلام في رسالة تيطس الأصحاح الأول عدد 16.

2 - صنف يقول لله ابعد عنا... كما في سفر أيوب الأصحاح 21 عدد 14 - 15 «فَيَقُولُونَ ِللهِ: ابْعُدْ عَنَّا، وَبِمَعْرِفَةِ طُرُقِكَ لاَ نُسَرُّ. مَنْ هُوَ الْقَدِيرُ حَتَّى نَعْبُدَهُ؟ وَمَاذَا نَنْتَفِعُ إِنِ الْتَمَسْنَاهُ؟».

3 - صنف يقول الله لا يرانا كما في حزقيال 8:12 «ثم قال لي أرأيت يا ابن آدم ما فعله شيوخ بيت إسرائيل في الظلام... كل واحد في مخادع تصاويره لأنهم يقولون إن الرب لا يرانا.

4 - صنف يقول إن الله لا يحسن ولا يسيء كما في سفر صفنيا 12:1 «وَيَكُونُ فِي ذلِكَ الْوَقْتِ أَنِّي أُفَتِّشُ أُورُشَلِيمَ بِالسُّرُجِ، وَأُعَاقِبُ الرِّجَالَ الْجَامِدِينَ عَلَى دُرْدِيِّهِمِ، الْقَائِلِينَ فِي قُلُوبِهِمْ: إِنَّ الرَّبَّ لاَ يُحْسِنُ وَلاَ يُسِيءُ».

5 - صنف يقول ليس إله... «قَالَ الْجَاهِلُ فِي قَلْبِهِ: «لَيْسَ إِلهٌ» وتكررت هذه الآية في مزمورين متشابهين إلا القليل من ألفاظهم في مزمور 14 ومزمور 53.

6 - صنف يقول أين هو الله... إذا كان الله موجوداً فلماذا هذا الألم لماذا الموت لماذا الحزن لماذا القلوب المكسورة لماذا الكوارث المفاجئة... أين هو الله... لماذا هذا الفساد المنتشر... لماذا الجريمة... لماذا الحروب... لماذا الدماء؟

احبائي الفساد والخطية والموت والألم كلها نتائج جسمية لسقوط الإنسان وستتلاشى تماماً «وَالْمَوْتُ لاَ يَكُونُ فِي مَا بَعْدُ، وَلاَ يَكُونُ حُزْنٌ وَلاَ صُرَاخٌ وَلاَ وَجَعٌ فِي مَا بَعْدُ، لأَنَّ الأُمُورَ الأُولَى قَدْ مَضَتْ. قَالَ الْجَالِسُ عَلَى الْعَرْشِ: «هَا أَنَا أَصْنَعُ كُلَّ شَيْءٍ جَدِيدًا!» (رؤيا 21: 4 و5).

7 - صنف الذين يؤمنون بالله ويختبرونه في حياتهم الداخلية ويعيشون لإرضائه إلى أن يأتي يوم اللقاء به.

إن مكافأة التقوى ومخافة الله أن الله يتواجد مع الإنسان التقي ويحول كل الشر حوله لخيره الله يكون معه ومهما يصنع الرب ينجحه الله يكافئ التقوى الأمينة ويكون مع الإنسان الذي يخافه لأنه يكرم الذين يكرمونه.

اتق الله واحفظ وصاياه هذا هو الإنسان كله اترك كل قوانين الدنيا واتق الله من كل قلبك فتنال سؤل قلبك.