العودة الى الصفحة السابقة
إنجيل المسيح

إنجيل المسيح

جون نور


لو أني وجهت سؤالاً للبعض قائلاً ما هو الإنجيل لربما سمعت إجابات متعددة منها بأن الإنجيل هو بشارة متّى ولوقا ويوحنا. ولربما أجاب البعض أن الإنجيل هو العهد الجديد من متّى إلى الرؤيا. أو أن الإنجيل هو البشارة المفرحة أو الخبر السار.

وإن كانت كل هذه الإجابات تحوي بعض الحق. لكنها لا تحوي كل الحق. فالإنجيل له تعريف جميل جاء على لسان بولس الرسول حين قال في رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس 1كورنثوس 15: 1 - 4 «وَأُعَرِّفُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ بِالإِنْجِيلِ الَّذِي بَشَّرْتُكُمْ بِهِ، وَقَبِلْتُمُوهُ، وَتَقُومُونَ فِيهِ، وَبِهِ أَيْضًا تَخْلُصُونَ، إِنْ كُنْتُمْ تَذْكُرُونَ أَيُّ كَلاَمٍ بَشَّرْتُكُمْ بِهِ. إِلاَّ إِذَا كُنْتُمْ قَدْ آمَنْتُمْ عَبَثًا!فَإِنَّنِي سَلَّمْتُ إِلَيْكُمْ فِي الأَوَّلِ مَا قَبِلْتُهُ أَنَا أَيْضًا: أَنَّ الْمَسِيحَ مَاتَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا حَسَبَ الْكُتُبِ».

فالإنجيل بحسب هذا التعريف الصحيح، هو بشارة موت المسيح ودفنه وقيامته حسب الكتب. وهذا الإنجيل البسيط، هو قوة الله للخلاص لكل من يؤمن.

لقد حاول الكثيرون على مر العصور أن يستبدلوا الإنجيل بإنجيل من صنع أيديهم، فقد استبدل عالمنا المتحضر الإنجيل بالمبادئ الإباحية والفلسفية، وما إلى ذلك من مبادئ ونظريات فلسفية ومادية، لكن هذه المبادئ لم تستطع أن تعطي السعادة والسلام لمعتنقيها ولم تهدي نفوس الذين آمنوا بها.

وتعالوا معي في هذه الحلقة لنفحص النفس البشرية تحت المجهر الإلهي ولنبدأ بالقلب ولنسمع ما يقوله الله.

- القلب أخدع من كل شيء وهو نجيس من يعرفه أنا الرب فاحص القلوب والكلي.

وإن شرحنا هذا القلب فماذا سنجد «لأَنَّهُ مِنَ الدَّاخِلِ، مِنْ قُلُوبِ النَّاسِ، تَخْرُجُ الأَفْكَارُ الشِّرِّيرَةُ: زِنىً، فِسْقٌ، قَتْلٌ، سِرْقَةٌ، طَمَعٌ، خُبْثٌ، مَكْرٌ، عَهَارَةٌ، عَيْنٌ شِرِّيرَةٌ، تَجْدِيفٌ، كِبْرِيَاءُ، جَهْلٌ» (مرقس 7: 21 و22) جميع هذه الشرور تخرج من الداخل وتنجس الإنسان.

لنفحص الحنجرة «حَنْجَرَتُهُمْ قَبْرٌ مَفْتُوحٌ» (رومية 3: 13) هذه الحنجرة التي تخرج الأصوات الجميلة هي قبر مفتوح إن لم تمجد الله.

اللسان والشفاه: «بِأَلْسِنَتِهِمْ قَدْ مَكَرُوا. سِمُّ الأَصْلاَلِ تَحْتَ شِفَاهِهِمْ» (رومية 3: 13).

الفم: الفم مملوء لعنة ومرارة منه تخرج اللعنة والبركة به نلعن وبه نبارك.

العيون: «لَيْسَ خَوْفُ اللهِ قُدَّامَ عُيُونِهِمْ» (رومية 3: 18).

ولو أردنا أن نصف البشرية على حقيقتها لوجدنا أنهم مبغضين الله ثالبين متعظمين مدعين مبتدعين شروراً غير طائعين للوالدين بلا فهم ولا عهد ولا حنو ولا رضى ولا رحمة (رومية29:1 – 31) هذه هي حقيقة البشرية والإنسان ونعرفها من الإنجيل.

وأيضاً هو الإنجيل الذي:

1- يرينا جمال المحبة الإلهية:

أعذب الكلمات التي يمكن أن تقرأها في الإنجيل هي الكلمات التي سجلها يوحنا 16:3 «لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ...».

لكن أي عالم هذا الذي أحبه الله، ومن هم الناس الذين أحبهم، هم الذين وقفوا موقف الكراهية تجاهه. وقالوا له: «بِمَعْرِفَةِ طُرُقِكَ لاَ نُسَرُّ» (أيوب 21: 14)، لكن رغم هذا، أحب الله العالم، حتى بذل ابنه الوحيد. فأتى يسوع إلى عالمنا، وأوصل إلينا هذه المحبة. هذه المحبة التي غفرت لبطرس الناكرة وتوما الشكاك، وشاول الطرسوسي المضطهد الناكر، والمفتري لأن هذا الحب الذي يعلنه إنجيل المسيح.

وهو أيضاً.

2- الإنجيل الذي يوضح لنا الطريق:

فتظهر وتبدو روعة هذا الإنجيل بأنه إنجيل الأرض. وإنجيل الأبدية، فقد أنار لنا الحياة في الأرض وأنار لنا الخلود، لذا يطلب منا الرسول بولس قائلاً فقط عيشوا كما يحق لإنجيل المسيح (فيلبي 27:1) عيشوا له أي عيشوا لهذا الإنجيل:

1- لأنه إنجيل الحياة الطاهرة: حيث يقول إن كانت يدك اليمنى تعثرك فاقطعها وألقها عنك وهو إنجيل.

2- الحياة الأمينة والصادقة: سمعتم أنه قيل لا تحنث بل أوف للرب أقسامك، وأما أنا فأقول لا تحلفوا البتة لا بالأرض ولا بالسماء بل ليكن كلامكم نعم نعم ولا لا وكل ما زاد على ذلك فهو من الشرير.

3- وهو إنجيل التضحية: من لطمك على خدك الأيمن فحول له الآخر أيضاً ومن سخرك ميلاً فسر معه اثنين ومن أراد أن يخاصمك ويأخذ ثوبك فاترك له الرداء أيضاً من سألك فأعطه ومن أراد أن يقترض منك فلا ترده.

4- وهو إنجيل الحياة المتسعة: سمعتم أنه قيل تحب قريبك وتبغض عدوك أما أنا فأقول لكم أحبوا أعدائكم باركوا لأعينكم أحسنوا إلى مبغضيكم وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم.

5- وهو الإنجيل الذي يعطينا صورة صادقة للحياة الأبدية: أحب… لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية ما هي الحياة الأبدية هل هي أنهار خمر أو جواري وحوريات بل هناك مقام لا يفنى ولا يتدنس ولا يضمحل محفوظ لنا في السماوات لنكون هناك فيه مع المسيح قديسين وبلا لوم.

فالعالم ينظر للمسيح والمسيحية فقد نظروا إلى العالم فلم يجدوا سوى الخيبة والازدراء، العالم بعلمائه يقدم الدمار. وبأدبائه يقدم الإلحاد المعاصر. العالم ينظر ويفتش ولكن لا ولن يجدوا ضالة نفوسهم بعيداً عن الحق الإلهي المعلن في إنجيل المسيح.

إن حق لنا أن نتخذ شعاراً لنا كمسيحيين في هذا الزمان السيء فلا أجمل وأحلى من كلمات الرسول بولس:

لأني لست أستحي بإنجيل المسيح لأنه قوة الله للخلاص لكل من يؤمن.

آمين