العودة الى الصفحة السابقة
اجتياز التجارب

اجتياز التجارب

جون نور


«فَاجْتَمَعَتِ الْمَرَازِبَةُ وَالشِّحَنُ وَالْوُلاَةُ وَمُشِيرُو الْمَلِكِ وَرَأَوْا هؤُلاَءِ الرِّجَالَ الَّذِينَ لَمْ تَكُنْ لِلنَّارِ قُوَّةٌ عَلَى أَجْسَامِهِمْ، وَشَعْرَةٌ مِنْ رُؤُوسِهِمْ لَمْ تَحْتَرِقْ، وَسَرَاوِيلُهُمْ لَمْ تَتَغَيَّرْ، وَرَائِحَةُ النَّارِ لَمْ تَأْتِ عَلَيْهِمْ» (دانيال27:3).

حياة المؤمن هي عبارة عن جهاد مستمر وتضحية متواصلة هي عبارة عن انتصار يتلوه انتصار وغلبه تتلوها غلبة وفوز بعد فوز حياة الإيمان هي سلسلة من الانتصارات الباهرة يحصل عليها كل من جاهد الجهاد الحسن وأكمل السعي وحفظ الإيمان.

وعلى كل مؤمن أن يجتاز عقبات وأن يتغلب على تجارب قاسية ويجوز وسط نيران شديدة الاضطرام تجارب كثيرة ومن بين تلك النيران التي يتعرض لها المؤمن ويجتاز نيرانها.

أول تجربة ينبغي أن يجوزها المؤمن هي:

1 - نار التجارب

ويسوع بنفسه تعرض لنيران التجارب وفاز عليها بشرف وإباء ولما كان يجوز التجربة كانت الملائكة حاضرة هناك وتخدمه. إن بطرس الرسول كان على خطأ عندما ادعى في (مرقس 29:14) بأن نار التجارب أضعف من أن تنال منه، وإن شك فيك الجميع فأنا لا أشك فقال له يسوع.

«الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّكَ الْيَوْمَ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ، قَبْلَ أَنْ يَصِيحَ الدِّيكُ مَرَّتَيْنِ، تُنْكِرُنِي ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فَقَالَ بطرس بِأَكْثَرِ تَشْدِيدٍ: وَلَوِ اضْطُرِرْتُ أَنْ أَمُوتَ مَعَكَ لاَ أُنْكِرُكَ! وَهكَذَا قَالَ أَيْضًا الْجَمِيعُ» (مرقس 14: 30 و31). ولكنه عندما سقط في التجربة ذهب وبكى بكاءاً مراً.

إننا لا نمر في هذا العالم دون امتحان إيماننا بيسوع المسيح وإخلاصنا له وشهادتنا لمبادئه. ففي كل يوم يمكننا أن ننكره وأن نخونه فنسلمه مرة أخرى للصليب. كما يمكننا أيضاً أن نسهر معه ونشهد له ونكون أمناء في تأدية البشارة المفرحة للذين يحيطون بنا؟ قد تختلف تجارب الواحد عن الآخر لكن كتلاميذ ليسوع يطلب منا أن نجاهد ونكافح ونكمل السعي. كان بطرس بطلاً مغواراً غيور متحمس محارب جريء ولكنه كان عرضة لنقائض عديدة ككل إنسان آخر وهكذا يمكنا أن نجزم بأن لكل إنسان حسنات وسيئات ولا يستثنى أحد على الإطلاق.

أيها الأخ والأخت عندما تبتعد عن شعب الله وعن جماعته فإنما أنت تصطلي على نيران العالم وتدفئ يديك على لهب الخطية وسعير الأنانية ومحبة العالم وساروا وراء البعل وما أكثر الأبعال في هذا العالم التي تحاول أن تبعد الناس لكي يسيروا وراء الخطية والإلحاد والزندقة والابتعاد عن الله الحقيقي «تَرَكُونِي أَنَا يَنْبُوعَ الْمِيَاهِ الْحَيَّةِ، لِيَنْقُرُوا لأَنْفُسِهِمْ أَبْآرًا، أَبْآرًا مُشَقَّقَةً لاَ تَضْبُطُ مَاءً» (إرميا 13:2).

وبمعنى آخر التصق بيسوع تأمن السقوط في التجارب وإن لم تستطع فعساه أن يلتفت هو بدوره أن يلتفت إليك التفاتة خاصة علها تخترق أحشاءك وتصل إلى أغوار نفسك فتعود إلى رشدك وتقول عند ذلك كلمات الابن الضال «أَقُومُ وَأَذْهَبُ إِلَى أَبِي وَأَقُولُ لَهُ: يَا أَبِي، أَخْطَأْتُ إِلَى السَّمَاءِ وَقُدَّامَكَ وَلَسْتُ مُسْتَحِقًّا بَعْدُ أَنْ أُدْعَى لَكَ ابْنًا. اِجْعَلْنِي كَأَحَدِ أَجْرَاكَ» (لوقا 18:15 و19).

النار الثانية التي يجتازها المؤمن:

2 - نار تأديب الله لأولاده (عبرانيين 5:12 و6)

«يَا ابْنِي لاَ تَحْتَقِرْ تَأْدِيبَ الرَّبِّ، وَلاَ تَخُرْ إِذَا وَبَّخَكَ. لأَنَّ الَّذِي يُحِبُّهُ الرَّبُّ يُؤَدِّبُهُ، وَيَجْلِدُ كُلَّ ابْنٍ يَقْبَلُهُ».

دخل كافر دكان حداد مؤمن وأخذ يحدث الحداد بمثل هذا الكلام إنه لا يعتني بك ولا يهتم لأمورك. أنظر أنك فقير معدم أما أنا رغم أني لا أحب الله فأنا غني وأستطيع أن أشتري كل شيء بالمال. أنظر لقد ضربك الرب في صميم حياتك أمات امرأتك وابنتك الصغيرة ولكن الحداد لاذ بالصمت ولم يجب فسأله الكافر الملحد أني متحير ومتعجب منك لماذا لا تجيبني فقال له الحداد لقد أجبتك وأنا أعمل ألم تراني أحاول تطويع قطعة الحديد في يدي بواسطة النار وعندما لم أجدها صالحة رميتها بين النفايات واستبدلتها بواحدة غيرها وها هي تلين وتتشكل تحت مطرقتي حسب رغبتي بالضبط. هذا ما أراه بشأني وشأنك على الأرجح أن الله طرحك خارجاً وأخشى أن يكون قد رماك بين النفايات ولا يريد أن يزعج نفسه بك.

أيها الأحباء لا تضلوا فالمادة ليست علامة الصحة في الحياة ولا هي دليل على درجة النجاح وليست عربون محبة الله ورضاه.

والامتحان الثالث هو:

3 - امتحان الأساس في (1 كورنثوس 11:3 - 13)

«لاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَضَعَ أَسَاسًا آخَرَ غَيْرَ الَّذِي وُضِعَ، الَّذِي هُوَ يَسُوعُ الْمَسِيحُ. وَلكِنْ إِنْ كَانَ أَحَدُ يَبْنِي عَلَى هذَا الأَسَاسِ: ذَهَبًا، فِضَّةً، حِجَارَةً كَرِيمَةً، خَشَبًا، عُشْبًا، قَشًّا، فَعَمَلُ كُلِّ وَاحِدٍ سَيَصِيرُ ظَاهِرًا لأَنَّ الْيَوْمَ سَيُبَيِّنُهُ. لأَنَّهُ بِنَارٍ يُسْتَعْلَنُ وَسَتَمْتَحِنُ النَّارُ عَمَلَ كُلِّ وَاحِدٍ مَا هُوَ».

لكن لنعلم أن النار ستمتحن عمل كل واحد منا فما هو الأساس الذي تبنى عليه حياتك في هذا الوقت الذهب يشير إلى كأس ماء بارد يسقى باسم المسيح فهل نقدمه وحولنا وحوالينا الكثيرون من أخوة يسوع الأصاغر بحاجة إلى مساعدتنا ليعرفوا طريق الخلاص.

والفضة تشير إلى العمل لتنقية حياة الآخرين وصهرها وتنقيتها لتكون خالصة كالفضة وهذا العمل مطلوب من كل مؤمن.

والحجارة الكريمة إشارة إلى قيمة النفس المعنوية وثمنها الذي لا يقدر بالمادة.

أما العشب والقش فتشير إلى الضعف لأن هذه تشتعل ويرتفع لهيبها وقثامها إلى الجو وتترك وراءها الرماد الله لا ينظر إلى الأعمال بل ينظر إلى النوايا والمقاصد والدافع نفسه.

فقد يبني أحدهم مستشفى أو ملجأ للعجزة أو دار للأيتام ولكن هل الغاية نبيلة هل بنيت من قش أو من ذهب وفضة.

فهل ندخل في التجربة ونارها ونخرج بالتزكية وقد اجتزناها باسم يسوع.