العودة الى الصفحة السابقة
البيت النموذجي

البيت النموذجي

جون نور


«فَبَنَى هُنَاكَ مَذْبَحًا وَدَعَا بِاسْمِ الرَّبِّ. وَنَصَبَ هُنَاكَ خَيْمَتَهُ، وَحَفَرَ هُنَاكَ عَبِيدُ إِسْحَاقَ بِئْرًا» (تكوين 25:26).

لا بد أننا جميعاً سيما ونحن نمر بأزمة مشتركة وهي أزمة الغلاء وارتفاع إيجارات البيوت الباهظة. لا بد أننا نحلم جميعنا أن نصل في يوم من الأيام إلى الحصول على بيت خاص بنا، بيت نموذجي لا يشكو أزمة مياه ولا ضيقاً في المساحة ولا عيباً صحياً البعض يتذمر لقلة الشمس، والبعض الآخر لكثرة الشمس. لذا أرى أنكم ستتقبلون كلامي في هذه الحلقة عن البيت النموذجي. ليس البيت الذي يشكو من الزواج أو عدم الزواج أو الأولاد أو عدم الأولاد أو المحبة أو عدم المحبة بل ذلك البيت الذي قصده الله ليكون لنا عوضاً عن الفردوس وليس جحيماً كما هو للكثيرين.

ذلك البيت الذي قصده الله.

بيت على الأرض لكنه يضيء بنور السماء مبني من مواد الأرض لكنه أثمن من الدرر مظهره غير معتبر فهو ليس كالقصور ولكنه سيد البيوت بلا جدال.

هذا فضلاً عن سهولة الحصول عليه للجميع فيمكن أن يناله الفقير كما الغني صاحب الملك كما المستأجر قليل العلم كما المثقف.

إن هذا البيت الذي أتكلم عنه ليس من اختراعات القرن الحادي والعشرين بل هو من مخلفات الأقدمين وضع تصميمه رجل عاش قبل الميلاد بآلاف السنين وسعد فيه سعادة لا مزيد عليها ولم يكتم الرجل سر سعادة بيته بل أخبرنا به وحملته لنا السجلات القديمة المقدسة.

كانت عناصر البيت كما قدمها إسحاق ثلاث:

1 - بنى مذبحاً ودعا باسم الرب - المذبح وهو يمثل الحياة المتعبدة لله أو دعونا نقول كلمة الله.

2 - العنصر الثاني (الخيمة) نصب هناك خيمة والخيمة تمثل الحياة العائلية. مزمور 10:91: «لاَ تَدْنُو ضَرْبَةٌ مِنْ خَيْمَتِكَ».

«لأَنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّهُ إِنْ نُقِضَ بَيْتُ خَيْمَتِنَا الأَرْضِيُّ، فَلَنَا فِي السَّمَاوَاتِ بِنَاءٌ مِنَ اللهِ، بَيْتٌ غَيْرُ مَصْنُوعٍ بِيَدٍ، أَبَدِيٌّ» (2كورنثوس 1:5).

3 - ثم العنصر الثالث (البئر) وهي تمثل المال.

عناصر البيت النموذجي إذن ثلاثة (الله، والعائلة، والمال) وهي حسب الترتيب الذي ذكرته كلمة الله إلا أن خطأ بيوتنا منشأه نقص هذه العناصر أو على الأقل خطأ ترتيبها. إن أكثر بيوتنا تكتفي بالبئر كعنصر أول وبالخيمة كعنصر ثاني والبعض يضعون نقطة نهائية بعد البئر وقليلون جداً مكاناً يوجدون ضيقاً بعد الخيمة فتحشر فيه ما تيسر من المذبح أي من كلمة الله.

يقول الكتاب المقدس: «أَيُّهَا الرِّجَالُ، أَحِبُّوا نِسَاءَكُمْ كَمَا أَحَبَّ الْمَسِيحُ أَيْضًا الْكَنِيسَةَ وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِهَا» (أفسس 5: 25)، الحب هو روح الخيمة فإذا وجد تحولت واستحالت كل النقائص في الخيمة إلى كمالات أهي خيمة ضيقة. أهي حقيرة المنظر إنها تصبح كالقصور وكم من سكان القصور يحسدون البيوت الفقيرة التي فيها ترسم صفحة الحياة أجمل صورة تشتهيها العين. ليس فيها الحب الذي تتحدث عنه الروايات والقصص بل هو أسمى وأنقى محبة يضع الله بذرتها فإنها نامية أثرها في خيمة إسحاق ورفقة.

الخيمة تمثل:

بساطة الحياة: كانت خيمة وليس قصراً بل وليس بيتاً لقد ظن البعض أن أسباب الراحة هي جمال البناء وزخرفته وكثرة أثاثه، أتمنى لكم يا أحبائي خيمة إسحاق ومحبتها واحتمالها وبساطتها والخيمة تمثل أيضاً.

البئر:وهو المال وأحدثكم عن عنصر أساسي لسلامة البيت.

لقد وجد في العالم قوم قالوا إنهم يحتقرون المال فتركوا العمل وعاشوا على فضلات الغير وبعض هؤلاء تذرعوا بالدين سبباً.

ارغب في حديثي عن البئر أن لا يتسرب إلى أذهانكم أني أقول بلزوم كثرة المال كي يكون البيت سعيداً موفقاً وإنما أقول أن يعمل الرجل لكي يكفل بيته حاجياته، لست أقول بضرورة وجود بئر فائضة بالمال إلى حافتها لكن أقول بوجود بئر به الكفاف، أحفر بئرك ولو كان ماؤها لا يكفي إلا لشربك فإذا استطعت أن تحفر بئراً ماؤها أكثر فافعل فإن كان في بئرك ما يزيد عن كفايتك وما يمكنك من بسط يدك للآخرين فاشكر الله.

والأمر الثالث والأخير: -

- المذبح:

والمذبح يمثل الدين في البيت وضعه إسحاق في المرتبة الأولى فبنى أولاً مذبحاً وبعد ذلك نصب الخيمة وأخيراً حفر بئراً. أما نحن فنهمل الجزء الأول تماماً وإن اهتممنا به نضعه تحت رقم 3 لقد عرف إسحاق أن مكان المذبح هو أولاً وكان قراره صائباً لأن الدين هو العنصر الأول والأساسي والجوهري في البيت فيمكن أن يقوم البيت ويسعد ولو كان مبنياً باللبن وغير مبلط ولا مقصور، وإن كان لا تزينه الصور الجميلة نعم يمكن أن يقوم البيت ويسعد ولو لم توجد فيه الكماليات للحياة، أما إذا فقد الدين من البيت فلن تقوم له قائمة وسيكون قطعة من الجحيم.

أريد أن أتحدث إليكم بشيء من الصراحة في هذه الحلقة واسمحوا لي أن أقترب من قدس الحياة الزوجية لأننا اعتدنا أن نسمع عن هذا الموضوع فقط في اوقات الاحتفالات بالزواج وللأسف في تلك اللحظة لا أحد يسمع العروسان يهيمان في أودية الأحلام الأولاد يتطلعون إلى علب الحلوى والناس تراقب العروس حتى تراقب حركاتها. لذا أرغب أن تسمعوا ما أقوله بأعلى صوتي إن البيت الذي لا يكون الله عنصره الأساسي بيت محكوم عليه بالخراب سلفاً.

هل نبدأ بيوتنا الجديدة بدعوة الرب يسوع لكي يكون هو أول ضيف يدخل البيت.

أيها الأحباء لا ضمان للحياة الزوجية ولا أمان للزوج من الزوجة والزوجة من زوجها بعيداً عن المذبح عن كلمة الله.

- المذبح والأبناء:

لا تعلموا أيها الآباء مقدار الأذى التي تسببونه للأجيال الآتية بإهمالكم مذبح العائلة، إن ذنب أبنائك يقع على عاتقك اهتموا أيها الأحباء بالمذبح لا تهملوه لأن ضياعه هو ضياع كل شيء.هل يوجد إله في خيمتك.إن كان عندكم مذبح متقد فارجوا أن تزيدوا ناره.وإن كانت ناره ضعيفة فلا تتركوه حتى ينطفئ بل ألهبوه.وإن كان منهدماً فأعيدوا بناءه وأقيموه.وإن كان لا يوجد مذبح لغاية الآن من هذه الساعة ابنوا واحداً قبل أن يسقط البيت ويتلاشى.