العودة الى الصفحة السابقة
العظمة الحقيقية

العظمة الحقيقية

جون نور


«أَمَّا وِلاَدَةُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ فَكَانَتْ هكَذَا: لَمَّا كَانَتْ مَرْيَمُ أُمُّهُ مَخْطُوبَةً لِيُوسُفَ، قَبْلَ أَنْ يَجْتَمِعَا، وُجِدَتْ حُبْلَى مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ» (متّى 18:1).

كل إنسان يرغب في أن يكون عظيماً، لكن كثيراً ما يخطئ الإنسان في اختيار الطريق للوصول إلى هدفه.

البعض يظن أن العظمة في المال... فيجد ان «مَحَبَّةَ الْمَالِ أَصْلٌ لِكُلِّ الشُّرُورِ» (1تيموثاوس 6: 10)، والبعض يظن أن العظمة في العلم... فيدرس ويتعلم إلى أن يجد أن في كثرة العلم كثرة الغم.

لكن لنسال أنفسنا ما هو مقياس العظمة الحقيقية واين نجدها؟ لان الكثيرين يقيسون العظمة بمقاييس خاطئة. مشهد في منتهى البساطة فتاة اسمها مريم مخطوبة لرجل اسمه يوسف تعيش حياتها اليومية كما يقول التقليد تملأ ذاكرتها نصوص العهد القديم التي تتحدث عن مجيء الرب يسوع المسيح وهذا ما يؤكده نشيد مريم العذراء.

يدخل إليها الملاك ليكلمها ومرات كثيرة نتخيل المشهد كما نراه في صور الرسامين الغربيين ملاك في جمال خارق يكلم العذراء الغارقة في الصلاة: «سَلاَمٌ لَكِ أَيَّتُهَا الْمُنْعَمُ عَلَيْهَا! اَلرَّبُّ مَعَكِ. مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ». واضطربت هذه الفتاة البسيطة والبريئة... ما «مَا عَسَى أَنْ تَكُونَ هذِهِ التَّحِيَّةُ! قَالَ لَهَا الْمَلاَكُ: لاَ تَخَافِي يَا مَرْيَمُ، لأَنَّكِ قَدْ وَجَدْتِ نِعْمَةً عِنْدَ اللهِ. وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْنًا وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ. هذَا يَكُونُ عَظِيمًا، وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى، وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ». فتجيبه ببساطة وبراءة «كَيْفَ يَكُونُ هذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلاً؟». «اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ. فتجيبه «هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ» (لوقا 1: 28 - 38).

في هذه الآية أظهرت العذراء مريم أيماناً عظيماً في قبولها كلام الله إلى هنا وكل شيء طبيعي.

مريم مخطوبة حسب الشريعة ليوسف والخطبة تعني حسب الشريعة عقد الزواج قبل المساكنة أي حسب الشرع هي زوجته. وخلال هذه الفترة يكتشف يوسف شيئا لا يمكن أن يكون أمراً بسيطا في عرف الناس والتقاليد والمجتمع وأحتار يوسف ولماذا الحيرة (مريم حبلى) ويا ليت الأمر كان مكشوفا ليوسف فقط ولكن كما يظهر كان مكشوفا للجميع وربما ظن الناس ان هذا الامر قد تم بين يوسف ومريم ولكن يوسف كان في عالم آخر أتكون مريم خائنة للعهد الذي قطعته له. والشريعة تقول أن من ارتكبت هذا الفعل ترجم خارج أبواب المدينة.

شكوك تعصف بيوسف يميناً ويساراً فأراد تخليتها سراً خوفاً من تعريضها لهذا العقاب عقاب الشريعة وعقاب الناس. الناس ينظرون إلى مريم وقد انتفخ بطنها. ويمكننا أن نتصور عواطف قلب مريم – لقد أدركت ألم يوسف وحارت كيف تكشف له ولكنها فضلت الصمت وتركت للرب أن يوجه الأمور لأن ثقتها كانت بالرب عظيمة. ولكن هل كان سهلاً عليها احتمال نظرات الناس وكلامهم.

وبينما كان يوسف متفكرا في كل هذه الامور متّى 1: 20 و21 و24: «إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لَهُ فِي حُلْمٍ قَائِلاً:«يَا يُوسُفُ ابْنَ دَاوُدَ، لاَ تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ امْرَأَتَكَ. لأَنَّ الَّذِي حُبِلَ بِهِ فِيهَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. فَسَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ. لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ. فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ يُوسُفُ مِنَ النَّوْمِ فَعَلَ كَمَا أَمَرَهُ مَلاَكُ الرَّبِّ، وَأَخَذَ امْرَأَتَهُ».

أحبائي بغض النظر عن كل هذه الأمور ما أود أن أقوله أن مريم لعبت دوراً كبيراً في حياة الرب يسوع في تربيته والعناية به وتعليمه وتهذبيه حيث يقول الكتاب أنه بعد صعودهم إلى أورشليم وعودتهم أنه كان خاضعاً لهما لو 11:2 ثم نزل معهما وجاء إلى الناصرة وكان خاضعاً لها وأما يسوع فكان يتقدم في الحكمة والقامة والنعمة عند الله والناس كان هنالك دور لله في رعاية يسوع وكان دور مريم في إظهار هذه الرعاية والعناية أمام الله والناس.

هل كان الله يخطط أن يضع يسوع في يد امرأة غير مريم العذراء. بالتأكيد لا لأن الله عرف مريم كامرأة عظيمة. لقد كانت العذراء مريم امرأة عظيمة وتكمن عظمتها في:

1 – في تواضعها: لوقا 48:1

دعت نفسها بأمة الرب عبدة للرب وهبت نفسها للرب وخدمته، ويقول التاريخ والتقليد أن مريم وهبت نفسها لخدمة الهيكل وكانت تعيش من خدمته، أين نساءنا وبناتنا اليوم من مريم أية صفات من صفاتها تتحلى به حياتنا – أمة الرب، كانت مريم عظيمة في:

2 – عظيمة في قداستها: متّى 21:1.

«أَنَّ الَّذِي حُبِلَ بِهِ فِيهَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ».

وهل يسكن القدوس في غير المقدس، لقد كانت مريم قديسة، لذا سكن القدوس في أحشائها وقداستها كانت ظاهرة أمام الله لم تنجرف كبنات جنسها في ملذات ومسرات العالم. لقد كانت مباركة في النساء لوقا 28:1 إن كنا نريد أن نكون كمريم علينا أن نكون قديسين مثلها وهو الذي قال: «كُونُوا قِدِّيسِينَ لأَنِّي أَنَا قُدُّوسٌ» (1بطرس 1: 16).

3 – في قبولها إرادة الله في حياتها: لوقا 38:1

«هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ». جادلت وحاورت لكنها استسلمت لإرادة الرب. كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلاً. الله يؤكد لها حقيقة ما سيعطى لها.

وفي يقين إيمانها تقول بتسليم تام. «هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ».

كانت مريم عظيمة في

4 – عظيمة في محبتها لإلهها:

لوقا 46:1 و47: «تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ، وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللهِ مُخَلِّصِي». كان لا يوجد شيء يستطيع أن يفشل مريم من محبتها لإلهها.

يا مريم أنظري إلى ما صنع بك الرب، لكن محبتها لإلهها صمت أذانها عن أن تسمع ما يقوله الآخرون حولها، محبتها لإلهها هو ما أعطاها القوة، وأمدها بالعون لتتم إرادة اله في حياتها.

لقد كانت مريم عظيمة في سلامها:

5 – في سلامها:

يأتي إليها الملاك يبشرها بولد وهي عذراء وكيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلاً.ولكن سلام الرب يملا قلبها فتستسلم لإرادته

6 – عظيمة في طاعتها لإلهها:

لوقا 49:24 الرب يسوع يقول للتلاميذ والمريمات انتظروا موعد الآب. ونجد أنهم أعمال 14:2 كانوا جميعاً في انتظار هذا الموعد لانسكاب روح الله مواظبين على الصلاة والشركة وكسر الخبز ومريم أم يسوع وإخوته. ما أعظمك يا مريم.