العودة الى الصفحة السابقة
يسوع واهب الحياة

يسوع واهب الحياة

جون نور


«فِيهِ كَانَتِ الْحَيَاةُ، وَالْحَيَاةُ كَانَتْ نُورَ النَّاسِ» (يوحنا 4:1).

«اَلسَّارِقُ لاَ يَأْتِي إِلاَّ لِيَسْرِقَ وَيَذْبَحَ وَيُهْلِكَ، وَأَمَّا أَنَا فَقَدْ أَتَيْتُ لِتَكُونَ لَهُمْ حَيَاةٌ وَلِيَكُونَ لَهُمْ أَفْضَلُ» (يوحنا 10:10).

يسوع هذا الاسم العظيم الذي هو وراء كل وجود وكائنات في هذا العالم، جاء كثيرون عظماء وقادة ولكنهم انتهوا وذهبوا وأصبح العالم يقول كان فلان. أما يسوع فيقول عنه الكتاب: «كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ» (يوحنا 1: 3) فهو واهب الحياة ومعطيها وهو وراء وجود هذا الكون واستمرار كل حياة فيه. حيث يقول عنه الكتاب: «بِهِ نَحْيَا وَنَتَحَرَّكُ وَنُوجَدُ» (أعمال 17: 28).

يسوع أعطى الحياة، وما أجمل الحياة التي يهبها يسوع، ولكن أجمل ما يعطيه يسوع ويهبه لنا هو الحياة الروحية. «وَأَمَّا أَنَا فَقَدْ أَتَيْتُ لِتَكُونَ لَهُمْ حَيَاةٌ وَلِيَكُونَ لَهُمْ أَفْضَلُ».

نحن بالطبيعة أموات روحياً «وَأَنْتُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَمْوَاتًا بِالذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا» (أفسس 1:2) فجاء الرب يسوع ليهبنا حياة روحية ويقيمنا من قبور خطايانا. ويمتعنا بالحياة الأبدع والأجمل، الحياة الروحية:

هذه الحياة الروحية: هي موضوع تأملنا بنعمة الله:

1 – مصدرها الرب يسوع صانع الحياة. والصليب هو مصنعها.

«وَكَمَا رَفَعَ مُوسَى الْحَيَّةَ فِي الْبَرِّيَّةِ هكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُرْفَعَ ابْنُ الإِنْسَانِ، لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ» (يوحنا 14:3 – 16).

قديماً كان «مَتَى لَدَغَتْ حَيَّةٌ إِنْسَانًا وَنَظَرَ إِلَى حَيَّةِ النُّحَاسِ يَحْيَا» (العدد 9:21). فيا من تجري في دمائك سموم الخطية والشهوة الردية. أنظر إلى ابن الله على الصليب الذي اجتاز من أجلك الموت فتحيا.

وبعدما أكمل الرب فداءنا على الصليب وأتم صنع الحياة لنا قال: «قَدْ أُكْمِلَ» (يوحنا 19: 30) ونكس الرأس وأسلم الروح. ولكن الآب أقامه من الأموات في اليوم الثالث دليل على قبول عمله الكامل لأجلنا «اَللهُ الَّذِي هُوَ غَنِيٌّ فِي الرَّحْمَةِ، مِنْ أَجْلِ مَحَبَّتِهِ الْكَثِيرَةِ الَّتِي أَحَبَّنَا بِهَا، وَنَحْنُ أَمْوَاتٌ بِالْخَطَايَا أَحْيَانَا مَعَ الْمَسِيحِ ­ بِالنِّعْمَةِ أَنْتُمْ مُخَلَّصُونَ وَأَقَامَنَا مَعَهُ، وَأَجْلَسَنَا مَعَهُ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ» (أفسس 4:2 – 6).

2 – وسيلة هذه الحياة الروحية وإمكانية الحصول عليها: هي الولادة من فوق شأنها شأن الولادة الجسدية، قال الرب يسوع لنقوديموس: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنْ فَوْقُ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ اللهِ» (يوحنا 3:3) وبإمكاننا أن نفهم الولادة من فوق أن تأملنا في الولادة الطبيعية فهي مثلها إذا الولادة الروحية.

أ – تنقل الإنسان من العدم إلى الوجود أو من الموت إلى الحياة:

فالإنسان قبل الولادة لم يكن له وجود في الأسرة أو المجتمع كذلك الأمر في الحياة الروحية، لا وجود لنا ولا كياناً روحياً قبل أن تولد من فوق، فالولادة الثانية تنقل الإنسان من العدم الروحي إلى الوجود الروحي، وتنقله من الموت إلى الحياة. «وَنَحْنُ أَمْوَاتٌ بِالْخَطَايَا أَحْيَانَا. نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّنَا قَدِ انْتَقَلْنَا مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ» (أفسس 2: 5، 1يوحنا 3: 14) وكما أن المولود يسجل اسمه بالسجل المدني وتستخرج له شهادة ميلاده. كذلك المولود ولادة ثانية يكتب اسمه في سفر الحياة والروح القدس يشهد لروحه أنه صار ابناً من أبناء الله، ويأخذ طبيعة الله وصورة الله «مُشَابِهِينَ صُورَةَ ابْنِهِ» (رومية 29:8).

والولادة الروحية:

3 – تنقل الإنسان من الظلام والنجاسة إلى النور والقداسة:

يعيش الطفل قبل الولادة في ظلام دامس في رحم الأم مغمض العينين.. أعمى، أما بعد الولادة فتنفتح عينياه ويرى النور «كُنْتُ أَعْمَى وَالآنَ أُبْصِرُ» (يوحنا 9: 25) هكذا تماماً المولودين ثانية.. فالولادة من فوق هي بصر ممنوح للعميان «لِكَيْ تُخْبِرُوا بِفَضَائِلِ الَّذِي دَعَاكُمْ مِنَ الظُّلْمَةِ إِلَى نُورِهِ الْعَجِيبِ» (1بطرس 9:2) كذلك الطفل قبل الولادة تحيط به دماء النجاسة، أما بعد الولادة فيغتسل ويطهر، كذلك الولادة من فوق غسل وتطهير «بِمُقْتَضَى رَحْمَتِهِ ­ خَلَّصَنَا بِغُسْلِ الْمِيلاَدِ الثَّانِي وَتَجْدِيدِ الرُّوحِ الْقُدُسِ» (تيطس 5:3).

«وَدَمُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِهِ يُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ خَطِيَّةٍ» (1يوحنا 7:1).

والولادة هذه أيضاً:

4 – تنقل الإنسان من العبودية إلى الحرية:

الطفل في رحم أمه عبد سجين. وهو لا يتمتع بحرية الحركة إلا بعد الولادة...

هكذا الولادة من فوق تنقل الإنسان من العبودية إلى الحرية «مَنْ يَعْمَلُ الْخَطِيَّةَ هُوَ عَبْدٌ لِلْخَطِيَّةِ... فَإِنْ حَرَّرَكُمْ الابْنُ فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ أَحْرَارًا» (يوحنا 34:8 – 36).

إن هذه الحرية تعطيك حركة طبيعية في المجالات الروحية، والبعض يحاولون أن يقلدوا هذه الحركات. فيتحركون اصطناعياً دون أن تكون لهم حياة الله، فيا ليتنا نتمتع بالحياة في المسيح.

كيف تمنح هذه الحياة الروحية؟:

أ – بسماع صوت ابن الله:

«اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ يَسْمَعُ كَلاَمِي وَيُؤْمِنُ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَلاَ يَأْتِي إِلَى دَيْنُونَةٍ، بَلْ قَدِ انْتَقَلَ مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ» (يوحنا 24:5).

أنت تسمع أصواتاً كثيرة فهل تسمع صوت ابن الله، فإن سمعته وفتحت باب قلبك. فكلمة الله تلدك ولادة ثانية بالروح القدس وتفوز بالحياة الأبدية.

تمنح هذه الحياة الروحية:

ب – بالإيمان بابن الله:

«لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ (الابن)، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ» (يوحنا 3: 16).

«الَّذِي يُؤْمِنُ بِالابْنِ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَالَّذِي لاَ يُؤْمِنُ بِالابْنِ لَنْ يَرَى حَيَاةً بَلْ يَمْكُثُ عَلَيْهِ غَضَبُ اللهِ» (يوحنا 36:3) هل تؤمن بابن الله. وكفاية عمله من أجلك على الصليب وقدرته على أن يقيمك من قبر خطاياك ويعطيك الحياة.

كيف تمنح هذه الحياة الروحية؟:

ج – بقبول ابن الله:

«إِلَى خَاصَّتِهِ جَاءَ، وَخَاصَّتُهُ لَمْ تَقْبَلْهُ. وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ. اَلَّذِينَ وُلِدُوا لَيْسَ مِنْ دَمٍ، وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ جَسَدٍ، وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ رَجُل، بَلْ مِنَ اللهِ» (يوحنا 11:1 – 13).

هل قبلت ابن الله وفتحت باب قلبك. هل قبلته كخبز الحياة فقد قال له المجد: «أَنَا هُوَ الْخُبْزُ الْحَيُّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ. إِنْ أَكَلَ أَحَدٌ مِنْ هذَا الْخُبْزِ يَحْيَا إِلَى الأَبَدِ» (يوحنا 51:6).