العودة الى الصفحة السابقة
الثقة الممنوحة

الثقة الممنوحة

جون نور


«وَإِذَا مَفْلُوجٌ يُقَدِّمُونَهُ إِلَيْهِ مَطْرُوحًا عَلَى فِرَاشٍ. فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ إِيمَانَهُمْ قَالَ لِلْمَفْلُوجِ: ثِقْ يَا بُنَيَّ. مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ» (متى 2:9).

من الأقوال المأثورة أن من يخسر ثروة فقد خسر كثيراً. ومن يخسر صديقاً فقد خسر أكثر. ولكن من يفقد إيمانه فقد خسر كل شيء.

وهذا حق، فمن يفقد إيمانه بالله فهو إنسان هالك لا محالة، لهذا ينبهنا الكتاب المقدس في مواضع عديدة قائلاً: لا تخافوا، تشجعوا، ثقوا بي أنا قد غلبت العالم، ثق يا بني، مغفورة لك خطاياك، فالدعوة للثقة بالله والإيمان به وطرح الخوف وعدم الإيمان جانباً. كانت على لسان الرب يسوع بصورة دائمة وهذا ما نراه من خلال أحاديث يسوع المختلفة في الكتاب المقدس.

1 - وإذا مفلوج يقدمونه إليه مطروحاً على فراش. فيقول له يسوع، ثق يا بني مغفورة لك خطاياك. ومع أن الكتاب يلقي ستاراً كثيفاً على حياته التي يرجح أنها كانت سيئة جداً. حتى تحطم جسده من جرائها وارتمى جثة هامدة، هكذا الناس في جميع أقطار الدنيا يكافحون الخطية ويجاهدون ضد قوى الشر والفساد.

الخطية هي سبب الاضطراب والتشويش الذي يصيبنا في العالم اليوم. فلا ديانة في العالم اليوم تستطيع أن تفرج على الناس كربهم وتهدئ أعصابهم وتنقذهم من الدمار والهلاك المؤكد. لأنها ديانات صامتة راضية بالحالة الراهنة. ما عدا ديانة الإنجيل التي تبشر بمغفرة الخطايا وتؤمن بالانتصار عليها. ولكن ما معنى مغفرة الخطايا – أنها تعني إرجاع رحمة الله للعالم.

ثق يا بني مغفورة لك خطاياك. هل يسمع العالم بهذا الإيمان ولغة الثقة هذه وينعم بها؟

2 - ويقول السيد له المجد للمرأة التي جالدت بصبر مدة اثنتي عشر سنة وكانت قد أنفقت كل معيشتها للأطباء ولم تقدر أن تنال الشفاء من أحد، عندما جاءت من ورائه ولمست هدب ثوبه ففي الحال وقف نزف دمها، قال لها يسوع: «إِيمَانُكِ قَدْ شَفَاكِ، اِذْهَبِي بِسَلاَمٍ» (لوقا 8: 48).

كانت حياتها تعيسة تقترب من نهايتها رويداً رويداً وقد أنفقت كل ما تملكه للأطباء، فلم تشف من أحد لكن إيمانها كان قوياً وعرفت أن يسوع طبيبها الشافي وأنه وحده يستطيع أن يمنحها نعمة الشفاء. فأتت ولمست هدب ثوبه قائلة في قلبها إني وإن لمست هدب ثوبه شفيت. وهكذا يكافئ الإيمان نفسه ويحصل على النتيجة المتوخاة. والشجاعة هي بركة الإيمان وثمرة من ثماره، لذلك يوجه السيد قوله إلى كل النفوس المنسحقة وإلى جميع المؤمنين في أعماق قلوبهم.

فهل لنا هذا الإيمان في مقدرة الله؟؟ نحن لا نكفر بمقدرة العلم والأطباء ولكنهم مسخرون بمقدرة الله لاستجابة صلواتنا.

3 - في وجه العواصف الهوجاء يدعو يسوع تلاميذه الخائفين قائلاً لهم: «تَشَجَّعُوا! أَنَا هُوَ. لاَ تَخَافُوا» (متّى 14: 27). قد نكون في سفينة الحياة التي تكاد ترتطم وتغرق ولا أحد يعرف مقدار اقترابنا من الهلاك. وقد يكون المسيحيون أنفسهم في سفينة مضطربة وعالقة في عواصف هذا العالم. فيأتي يسوع ماشياً على المياه دون حس أو إزعاج وبدون تهليل أو تزمير وبدون حراس ولا قرقعة سلاح. ويقول لتلاميذه: «تَشَجَّعُوا! أَنَا هُوَ. لاَ تَخَافُوا».

لا تخافوا أيها المؤمنون من العواصف والزوابع وشدة تجارب هذا العالم ومشاكله من حولكم، فقط التفتوا إلى يسوع ماشياً على المياه لكي يعطيكم الهدوء والطمأنينة والسلام... وأنت يا كنيسة المسيح لا تخافي، تشجعي سيرى بأمان ولا تخافي من الصعوبات التي تعترض سبيلك وتحاول أن تعرقل مسيرتك وتقدمك – لأن أبواب الجحيم لن تقوى عليك. عندما تكونين كما أرادك سيدك مؤسسة على صخر الإيمان بيسوع المسيح سيدك.

كم وكم من شموع منطفئة وليس لها نور فتمنحه للآخرين وكم من شموع محتجبة وموضوعة تحت المكيال وكان ينبغي أن تكون على المنارة لتضيء لجميع الذين في البيت – وكم من شموع منكمشة على نفسها ولا تريد أن تنفع الغير بشيء بل تحتفظ بنورها الذاتي – أما المسيحيون الحقيقيون فهم أولئك الذين يستمدون نورهم ويكتسبونه من شمس البر ربنا يسوع.

ولا ننسى أنه بقدر ما ينعكس نور يسوع على المؤمنين باسمه بذلك المقدار يستطيعون أن ينيروا للآخرين.

«وَالْفَاهِمُونَ يَضِيئُونَ كَضِيَاءِ الْجَلَدِ، وَالَّذِينَ رَدُّوا كَثِيرِينَ إِلَى الْبِرِّ كَالْكَوَاكِبِ إِلَى أَبَدِ الدُّهُورِ» (دانيال 3:12). «فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ، لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ» (متى 16:5). آمين