العودة الى الصفحة السابقة
الشاب الغني

الشاب الغني

جون نور


«وَإِذَا وَاحِدٌ تَقَدَّمَ وَقَالَ لَهُ: أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ، أَيَّ صَلاَحٍ أَعْمَلُ لِتَكُونَ لِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ؟» (متّى 16:19).

«17 وَفِيمَا هُوَ خَارِجٌ إِلَى الطَّرِيقِ، رَكَضَ وَاحِدٌ وَجَثَا لَهُ وَسَأَلَهُ:«أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ، مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟» فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لِمَاذَا تَدْعُونِي صَالِحًا؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحًا إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ. 19 أَنْتَ تَعْرِفُ الْوَصَايَا: لاَ تَزْنِ. لاَ تَقْتُلْ. لاَ تَسْرِقْ. لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ. لاَ تَسْلُبْ. أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ». 20 فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، هذِهِ كُلُّهَا حَفِظْتُهَا مُنْذُ حَدَاثَتِي». 21 فَنَظَرَ إِلَيْهِ يَسُوعُ وَأَحَبَّهُ، وَقَالَ لَهُ: «يُعْوِزُكَ شَيْءٌ وَاحِدٌ: اِذْهَبْ بِعْ كُلَّ مَا لَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ، وَتَعَالَ اتْبَعْنِي حَامِلاً الصَّلِيبَ». 22 فَاغْتَمَّ عَلَى الْقَوْلِ وَمَضَى حَزِينًا، لأَنَّهُ كَانَ ذَا أَمْوَال كَثِيرَةٍ» (مرقس 17:10 - 22).

شاب غني ذو أموال كثيرة، أمواله هذه مما يظهر حسب القصة لم تعطه الراحة النفسية والجسدية في الحياة. وجعلت حياته بدون معنى أو هدف. لذا نرى البشير مرقس يخبرنا بأنه حالما سمع بيسوع ركض، ولم يكتفِ بذلك بل جثا عند قدميه وأخذ يسأله.

جاء متواضعاً إلى يسوع وجاثياً. ولم يأتِ ومناخيره في السماء، رغم كثرة أمواله وغناه. لأنه عرف أن حاجته عند يسوع. عرف بأن الجواب لحياته ومشاكله هي عند يسوع.

الكتاب المقدس يعلّمنا عن رغبة وإرادة الله لحياتنا، فيقول: «اذْكُرْ خَالِقَكَ فِي أَيَّامِ شَبَابِكَ» (جامعة 12: 1)، وهذا الشاب لا بد أنه كان يعرف هذه الآية، لذا أتى إلى يسوع يسأله، ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية؟ كان يعرف لا بل متأكداً بأن هذه الحياة هي حياة وقتية وفانية، وهو يريد أكثر من ذلك يريد الحياة الأبدية.

لذالك سال يسوع ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية؟:

أجابه يسوع حسب الناموس: أنت تعرف الوصايا. لا تقتل، لا تزن، لا تسرق، لا تشهد بالزور، أكرم أباك وأمك. فأجاب وقال يا معلم هذه كلها حفظتها منذ حداثتي.

«حفظ الناموس» و«حفظ الوصايا» لكنه عرف بأن الناموس لم يعطه الجواب. فهو بحاجة إلى من هو أعظم من الناموس، كان بحاجة إلى معطي الناموس إلى شخص الرب يسوع المسيح.

حفظتها منذ حداثتي. روتين وتقاليد نضعها في حياتنا بدون معنى. لهذا لا يوجد عندنا سلام وفرح، لو كان عند هذا الشاب فرح وسلام، أتعتقدون بأنه كان يأتي إلى يسوع كلا! نظر يسوع إليه وأحبه: لقد أحب يسوع هذا الشاب.

ويسوع يحب الإنسان الذي يوجد في قلبه أشواق مقدسة لكي يتمم إرادة الله في حياته.

قال له يسوع: يعوزك شيء واحد. وكل إنسان يحتاج هذا الشيء في حياته. أن تعرف نفسك.

قال الرب: هلك شعبي لعدم المعرفة.

لذلك يقول: «فَتِّشُوا الْكُتُبَ لأَنَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنَّ لَكُمْ فِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً» (يوحنا 5: 39). لأن عدم معرفتك كلام الله. لا يبرر موقفك. لدينا غريزة لمعرفة كل الأمور، ماذا حصل وما يحصل من مشاكل وأمور حولنا؟ وماذا يدور في العالم من أخبار؟ لكن لا توجد لدينا الرغبة في معرفة الأمور الروحية.

ما أعوز هذا الشاب الغني يعوزك أنت أيضاً أن تعرفه عن نفسك بأنك إنسان خاطي.

الله أشرق من السماء ونظر إلى العالم فماذا وجد؟: «الْجَمِيعُ زَاغُوا وَفَسَدُوا مَعًا. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحًا لَيْسَ وَلاَ وَاحِدٌ» (رومية 3: 12).

الناس الذين يعتبرون أنفسهم بأنهم كاملون وليسوا بحاجة إلى أي شيء ليعملوه، لأنهم أتموا كل بر ولهم صورة التقوى، إن كنت تكلمهم عن الله وعن يسوع يقولوا نشكر الله، الكتاب يقول: لا تسرق نحن لا نسرق، الكتاب يقول: لا تزني نحن لا نزني، ولا نحسد. لكن اسمعوا ما يقول الكتاب: «مَنْ يَنْظُرُ إِلَى امْرَأَةٍ لِيَشْتَهِيَهَا، فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ» (متّى 5: 28).

«إِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ الْيُمْنَى تُعْثِرُكَ فَاقْلَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ، لأَنَّهُ خَيْرٌ لَكَ أَنْ يَهْلِكَ أَحَدُ أَعْضَائِكَ وَلاَ يُلْقَى جَسَدُكَ كُلُّهُ فِي جَهَنَّمَ» (متّى 5: 29).

يجب أن يعرف كل إنسان بأنه في نظر الله خاطي عقلاً وفكراً وجسداً. «لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحًا لَيْسَ وَلاَ وَاحِدٌ» (رومية 3: 12).

مثل الرجل الغني الذي عمل حساباً لكل الأمور عمل حساباً للزرع والحصاد عمل الحساب للمخازن الجديدة ولم يفكر بالموت، فأصبح غنياً غبياً، الناس لا يختلفون في الرأي أن جميعهم سيموتون.

لكن كلمهم عن الدينونة يبدأون في الصراخ. ما أدراكم هل ذهب أحد إليها. هل رجع واحد من جهنم وأخبركم عنها، نكران الحقيقة لا يبطلها.

الإنسان الغريق لا يقدر أن ينقذ نفسه. كل ما عليه أن يفعله هو يرمي بنفسه مستسلماً للمنقذ الذي سيساعده وأن يستسلم فقط. رب السماء شق حجاب الهيكل وشق السماء لينزل إليك ويخلصك. كان في العهد القديم حجاب الهيكل يفصل الناس العابدين عن قدس الأقداس. لكن يسوع شق هذا الحجاب. ولم تعد هناك حاجة إلى وسيط بين الله والناس إلا شخص الرب يسوع المسيح.

كان أحد القضاة يسير على جانب أحد الأنهار، وعلى أحد الجسور شاهد شاباً يرمي بنفسه إلى النهر، ما كان من هذا القاضي إلا أن رمى بنفسه خلف الشاب وأنقذ حياته، وعندما أنقذه سأله ما هي مشكلتك، أخبره بأنه كان لصاً وسارقاً وحاول أن يعمل جهده لكي يصلح نفسه. لكن بدون فائدة فأعطاه القاضي عملاً ومركزاً وجعله كابن له. لكن في يوم من الأيام اقترف هذا الشاب جريمة يحاكم عليها. وأدخل إلى نفس القاضي معتقداً هذا الشاب بأنه سينجو. لأن هذا القاضي هو منقذه. لكن خاب ظنه وبكى عندما حكم هذا القاضي عليه بالإعدام جزاء ما اقترفه.

يسوع هذا الحمل هو منقذك لكنه يوماً سيكون هو ديّانك.