العودة الى الصفحة السابقة
الخوف في حياة الانسان

الخوف في حياة الانسان

جون نور


«وَقَالَ: «إِنْسَانٌ كَانَ لَهُ ابْنَانِ. 12 فَقَالَ أَصْغَرُهُمَا لأَبِيهِ: يَا أَبِي أَعْطِنِي الْقِسْمَ الَّذِي يُصِيبُنِي مِنَ الْمَالِ. فَقَسَمَ لَهُمَا مَعِيشَتَهُ. 13 وَبَعْدَ أَيَّامٍ لَيْسَتْ بِكَثِيرَةٍ جَمَعَ الابْنُ الأَصْغَرُ كُلَّ شَيْءٍ وَسَافَرَ إِلَى كُورَةٍ بَعِيدَةٍ، وَهُنَاكَ بَذَّرَ مَالَهُ بِعَيْشٍ مُسْرِفٍ. 14 فَلَمَّا أَنْفَقَ كُلَّ شَيْءٍ، حَدَثَ جُوعٌ شَدِيدٌ فِي تِلْكَ الْكُورَةِ، فَابْتَدَأَ يَحْتَاجُ. 15 فَمَضَى وَالْتَصَقَ بِوَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْكُورَةِ، فَأَرْسَلَهُ إِلَى حُقُولِهِ لِيَرْعَى خَنَازِيرَ. 16 وَكَانَ يَشْتَهِي أَنْ يَمْلأَ بَطْنَهُ مِنَ الْخُرْنُوبِ الَّذِي كَانَتِ الْخَنَازِيرُ تَأْكُلُهُ، فَلَمْ يُعْطِهِ أَحَدٌ. 17 فَرَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ وَقَالَ: كَمْ مِنْ أَجِيرٍ لأَبِي يَفْضُلُ عَنْهُ الْخُبْزُ وَأَنَا أَهْلِكُ جُوعًا! 18 أَقُومُ وَأَذْهَبُ إِلَى أَبِي وَأَقُولُ لَهُ: يَا أَبِي، أَخْطَأْتُ إِلَى السَّمَاءِ وَقُدَّامَكَ، 19 وَلَسْتُ مُسْتَحِقًّا بَعْدُ أَنْ أُدْعَى لَكَ ابْنًا. اِجْعَلْنِي كَأَحَدِ أَجْرَاكَ. 20 فَقَامَ وَجَاءَ إِلَى أَبِيهِ. وَإِذْ كَانَ لَمْ يَزَلْ بَعِيدًا رَآهُ أَبُوهُ، فَتَحَنَّنَ وَرَكَضَ وَوَقَعَ عَلَى عُنُقِهِ وَقَبَّلَهُ. 21 فَقَالَ لَهُ الابْنُ: يَا أَبِي، أَخْطَأْتُ إِلَى السَّمَاءِ وَقُدَّامَكَ، وَلَسْتُ مُسْتَحِقًّا بَعْدُ أَنْ أُدْعَى لَكَ ابْنًا. 22 فَقَالَ الأَبُ لِعَبِيدِهِ: أَخْرِجُوا الْحُلَّةَ الأُولَى وَأَلْبِسُوهُ، وَاجْعَلُوا خَاتَمًا فِي يَدِهِ، وَحِذَاءً فِي رِجْلَيْهِ، 23 وَقَدِّمُوا الْعِجْلَ الْمُسَمَّنَ وَاذْبَحُوهُ فَنَأْكُلَ وَنَفْرَحَ، 24 لأَنَّ ابْنِي هذَا كَانَ مَيِّتًا فَعَاشَ، وَكَانَ ضَالاًّ فَوُجِدَ. فَابْتَدَأُوا يَفْرَحُونَ» (لوقا 11:15 – 24).

يبدأ الخوف يدب في حياة الإنسان عند إدراكه ومعرفته عن دينونة الله، وبأنه إنسان خاطي لهذا تتولد في نفسه الكراهية للعالم والناس الذين حوله، وحتى نفسه ويبدأ يحقد ويكره على اسم الله، الذي دعى عليه، لماذا يخاف الإنسان ويعمل كل هذا؟ لأنه متأكد بأن ما عمله وما سيعمله بدون المسيح سيعطي حساباً عنه وعن كل ما عمله في حياته.

لكن في المسيحية والمسيح نجد الجواب، في المسيحية والمسيح نجد الغفران والمسامحة للخوف والدينونة والكراهية.

يسوع يغفر للإنسان، لكن هل يغفر الإنسان لنفسه؟ في قصة الابن الضال نجد هذا الشاب لم يغفر لنفسه، وهناك أشخاص كثيرون لا يغفرون لأنفسهم، ويبقوا متقوقعين على أنفسهم وعلى خطاياهم ولا يغفروا للآخرين.

قال يسوع: «أَحِبَّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ» (متّى 19: 19) أي أحب نفسك بالدرجة الأولى أي أن الله يريد أن يعطيك الثقة بنفسك أولاً.

تقول قصة الابن الضال في انجيل لوقا 11:15 ان هذا الشاب أخذ نصيبه من ابيه وبذره في عيش مسرف، ولما أنفق كل شيء ابتدأ يحتاج. وكانت نهايته أنه ابتدأ يأكل مع الخنازير. والخنازير تمثل حياة القذارة، والنجاسة، والبعد عن الله، ولكن حتى بين الخنازير لم يشبع مما كان يأكل، ومهما عشنا ومهما أخذنا من هذا العالم فلن نشبع. لأننا سنكون بعيدين عن الله.

قال هذا الابن عندما ابتدا يحتاج أقوم وأرجع إلى أبي رجع إلى نفسه، وكثيرون يرجعون إلى أنفسهم ويفكروا في حالتهم ويرجعون إلى الآب وهذا ما عزم عليه الشاب أقوم وأرجع إلى أبي.

ويبدأ يدرب نفسه على ما يجب أن يقول.

1 - اخطأ تجاه الله وأخطأ إلى أبوه:

وقام وذهب إلى أبوه وحتى قبل أن يقول أي شيء رآه أبوه فتحنن وركض ووقع على عنقه. الآب نفسه يركض إليك ويحتضنك عندما ترجع إليه.

ويبدأ الابن يكرر ما يريد أن يقول لأبيه مبرراً نفسه. يا أبي أخطأت إلى السماء وقدامك ولست مستحقاً أن أدعى لك ابناً. ولكن قبل أن يسترسل الابن في كلامه مع معرفته بأن ابنه:

1 - أخطأ إلى السماء.

2 - أخطأ إلى أبوه.

3 - وأخطأ إلى نفسه.

الأب قبله قبل أن يكمل أي عبارة.

البعض لا يدركون أنهم مهمون بالنسبة لله: ويعتبروا أنفسهم دودة حقيرة. ولكن الله لا يوجد عنده أولاد دود وحشرات.

الله دعانا: أن نفرح بهذه الفكرة أنه قبلنا وسامحنا على كل الماضي. وأن ما علينا سوى أن نبدأ من جديد. وعندما نقبل هذه الفكرة نقبل أنفسنا ونقبل الآخرين.

ما الذي يجعل العالم يعرف ويدرك محبة الله؟ محبتنا له، ولأنفسنا وللآخرين.

الابن تمرن على بعض الكلمات: أخطأت إلى السماء وقدامك والخطية شيء جدي تجاه الله: لأن الله قدم ابنه لأجل هذه الخطية.

لست مستحقاً أن أدعى لك ابناً، هذا حق. اجعلني كأحد أجراك، الأجير هو الذي يكسب معيشته بعمله، ولكنه لا يمتلك ما يعمل لأجله. الابن تمرن على بعض الكلمات – ولكن الأب يقاطعه. الآب يقبل الاعتراف – لكنه لا يسمح لنا بأن ندين أنفسنا.

دعى نفسه خادماً. لكن الآب جعل الخدام يخدموه. الله لم يدعونا لنكون ملائكة. بل سيجعل الملائكة يخدموننا، لأننا أولاد الله. قال الاب للخدم:

1 - أخرجوا الحلة الأولى:

كان في المرعى بين الخنازير ملطخاً وسخاً رائحته عفنة، لكن الآب لم يستهزئ به. أو قال له لو بقيت معي لم يحدث لك ما حدث، لم يباحثه بأي شيء عن ثيابه. وعن ماضيه. بل قال أخرجوا الحلة الأولى وألبسوه. الله لا يريد أن يباحثنا في خطايانا. ولا يريد حتى أن نذكرها. كل ما يريده هو أن ترجع إليه فقط، قال أخرجوا الحلة الأولى وألبسوه.

يمكننا أن نقضي عمرنا في البحث عن البر الذاتي، لكن يسوع يلبسنا ثوب الخلاص، ثوب الخلاص يغطي خطاياك فلا يعود ينظر إليها.

2 - واجعلوا خاتماً في يده: الخاتم هو معنى المشاركة في حقوق العائلة، خاتم العائلة وشعارها. وهذا ما يعمله الرب معنا إذ يجعلنا شركاء في العمل معه وفي خدمته.

3 - وحذاء في رجليه: والحذاء شعار الثقة بأننا نقف على أرض صلبة. وأساس متين، الحذاء في القدم يعطي الشعور بالثقة في أننا نقف على أساس متين.

كان الحذاء حاضراً. لأنهم كانوا يتوقعون حضوره. لأن الله يعرف متى سيرجع كل واحد إليه. ولم يكتف الآب بذلك بل قال لنفرح اذبحوا العجل المسمن.

لنفرح بمعنى أنه لم يكن هناك فرح قبل ذلك الوقت.

كان الآب ينتظر وركض واحتضنه وابتدأوا يفرحون. لندرك اعزائي المستمعين انه «يَكُونُ فَرَحٌ فِي السَّمَاءِ بِخَاطِئٍ وَاحِدٍ يَتُوبُ أَكْثَرَ مِنْ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ بَارًّا لاَ يَحْتَاجُونَ إِلَى تَوْبَةٍ» (لوقا 15: 7).