العودة الى الصفحة السابقة
يسوع أولاً

يسوع أولاً

جون نور


موضوع حلقة اليوم كلمة واحدة وحيدة، دونت في العهد الجديد سبعة مرات متتالية، وهي كلمة «أولاً» خطر على بالي أن أتكلم عن هذه الكلمة بعدما رأيت اللخبطة الجارية في كل أمورنا الروحية والشخصية حتى أننا نسينا الأول من الآخر ومن هو الأول، ومن هو الآخر؟

هل رأيتم شخصاً قد ابتدأ يبني بيته من الطابق الثاني أو الثالث نازلاً إلى الأسفل لكي يضع الأساس؟ رغم أننا نعرف بأن غير ممكن لكننا نعمله في حياتنا الروحية.

ألا ترون شخصاً يقرأ سفر الرؤيا بألغازه وأحاجيه قبل أن يقرأ إنجيل يوحنا؟

ألا ترون الناس يدخلون في مجادلات عقيمة عن ولادة يسوع من عذراء قبل أن يعرفوا يسوع في حياته وخلاصه لهم؟

ألا ترون أشخاصاً يجادلون بالأمور الروحية ويسألون أسئلة وهم لا يعرفون كم عدد أسفار العهد القديم والجديد؟

ألا ترون أناساً يدرسون كثيراً من التفاسير عن الكتاب المقدس، ويحفظون هذه التفاسير والتعاليم قبل أن يدرسوا الكتاب نفسه؟ رأيت بعد كل هذا أن أفتش عن معنى كلمة أولاً وماذا تعني.

لأن حاجتنا أن يفتح روح الله القدوس بصائرنا فنرى مجد فادينا، ونأخذ بهذا المجد فيملأ حياتنا، فيصبح يسوع هو الأول في كل شيء.

لأن سر وجود الرب يسوع أولاً في حياتنا هو سر نمو حياتنا وأثمارها، واكتمالها، ويسوع المتقدم في الكنيسة هو سر نهضتها وغلبتها وانتصارها. فعلينا أن نعرف ما هو الأول في كل أمر من أمور حياتنا الروحية، فالأول في كل أمر هو: -

1 - أول الصلاة (رومية 8:1) في الصلاة:

«أَوَّلاً، أَشْكُرُ إِلهِي»:

إن أحسن ما نبدأ به صلاتنا بالشكر شاكرين الرب لأجل كثرة إحساناته علينا، لكن صلواتنا في كثير من الأوقات شكايات تذمرات، وأنين، وطلبات. نشكو من كل شي لكن هل فكرنا قبل أن نشكوا ان نشكر اننا ما زلنا على قيد الحياة.

الثغر الباسم، والقلب الشاكر، غير موجود ونادراً ما نراه في صلواتنا، وإن حصل ورأيناه فلأن هذا الشخص قد نال ما طلب من الرب.

أما الرسول بولس فيضع الشكر للرب في الصلاة أولاً لأن الله يسر بالفم الشاكر، والحامد، وكثيراً ما أوصى الرسول بالشكر حينما نصلي: «لاَ تَهْتَمُّوا بِشَيْءٍ، بَلْ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِالصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ مَعَ الشُّكْرِ، لِتُعْلَمْ طِلْبَاتُكُمْ» (فيلبي 4: 6).

حالما تفتح عينيك في الصباح بادر بشكر الرب، وقبل أن تغمضها أنهي اليوم بالشكر للرب، لتكن أول كلمة وآخر كلمة يسمعها الرب منك هي الشكر.

وفي العبادة:

2 - أول العبادة:

«وَاذْهَبْ أَوَّلاً اصْطَلِحْ مَعَ أَخِيكَ» (متّى 5: 24) «فَإِنْ قَدَّمْتَ قُرْبَانَكَ إِلَى الْمَذْبَحِ، وَهُنَاكَ تَذَكَّرْتَ... َواذْهَبْ واصْطَلِحْ مَعَ أَخِيكَ» (متّى 5: 24).

أول أجزاء العبادة ليس الترتيل وليس الصلاة ولا الوعظ. أول جزء في العبادة أن تكون «أولاً» مصطلحاً مع أخيك لا ثانياً ولا ثالثاً بل الكلمة تقول «أولاً» بناء على هذه القاعدة كم يكون عدد العابدين بالحق.

إن كان لك أخ أو أخت لم تصطلح معه اذهب الآن واصطلح معه.

3 - أول المطالب:

أي أول مطلب من الرب «اطْلُبُوا أَوَّلاً مَلَكُوتَ اللهِ وَبِرَّهُ» (متّى 33:6) العالم يسير بالمقلوب الناس تزين بيوتها وهي مهدمة من الداخل. يجملون الوجه والمرض يفتك بهم.

إن ملكوت الله في نظر الناس هو آخر المطالب أولاً اطلب المعاش ثم الصحة ثم العلم ثم البيت والأولاد ثم هذه يطلبها الأمم الذين لا إله لهم يعتني بهم ثم في آخر القائمة ملكوت الله وبره.

إن حاولنا أن نلفت أنظار الناس إلى هذه الأمور وأن انتقدنا أحدهم لأجل الكذب أو الغش أو التزوير نظر إلينا باندهاش هكذا الدنيا . لكن نحن نعيش ليس للعالم ولا لما في العالم «لأَنَّ كُلَّ مَا فِي الْعَالَمِ: شَهْوَةَ الْجَسَدِ، وَشَهْوَةَ الْعُيُونِ، وَتَعَظُّمَ الْمَعِيشَةِ» (1يوحنا 2: 16).

«لكِنِ اطْلُبُوا أَوَّلاً مَلَكُوتَ اللهِ وَبِرَّهُ، وَهذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ» (متّى 33:6).

4 - أول الانتقاد:

« أَخْرِجْ «أَوَّلاً» الْخَشَبَةَ مِنْ عَيْنِكَ» (متّى 5:7) رذيلة الانتقاد موجودة منذ أقدم العصور، ولم يشأ المسيح في الموعظة على الجبل أن يقول لا تنتقدوا لأنه يعرف أن رذيلة الانتقاد متغلغلة في قلوب الناس ودمائهم.

عيون الناس تلتفت مفتشة عن سيئات وتفرح لوجودها، وأحياناً أخرى تفرح بفضيحة البعض. لما أتوا إلى المسيح بالمرأة التي أمسكت في زنى قال لهم المسيح، من كان منكم بلا خطية وطبعاً خطية كبيرة. بمقدار خطيتها ليرمها بحجر أولاً، وهل وجد. طبعاً الجميع فروا هاربين. قبل أن نرسل أشعة أعيننا إلى الخارج دعونا نرسلها إلى الداخل وقبل أن ننتقد فلان وفلانة دعونا ننتقد عيوبنا. جميعاً خطاة أمام الله، لكن نعمة الله هي فقط التي تسترنا. إن أصلحنا نفوسنا نقدر أن نصلح الآخرين أيضاً.

5 - أول المسيحية:

«يَجْلِسُ «أَوَّلاً» وَيَحْسِبُ النَّفَقَةَ» (لوقا 28:14).

المسيحية ليست أمراً سهلاً. إنها حرب هائلة فلا تشترك فيها إلا بعد التروي، إنها بناء برج عظيم فاجلس أولاً واحسب النفقة، لا تقدم أولاً ثم تحسب النفقة، بعد ذلك بل اضبط حساباتك أولاً: انظر كم تتكبد في سبيل المسيحية، وكم ستلاقي مهانة وهوان، أنظر هل تستطيع القيام بمطاليبها؟

المسيحية ليست طريقاً مغروساً بالورد، لكن المسيحية طريق خشن، وباب ضيق، وحمل صليب، وإنكار نفس، وآلام وأوجاع، تقول بأننا لا نحس بشيء من هذا لأنك مسيحي بالاسم مسيحي كما تريد أنت، وليس كما يريد سيدك.

هل تبدأ البدء الصحيح في حياتك وتبرهن على مسيحيتك.