العودة الى الصفحة السابقة
مجيء ابن الإنسان

مجيء ابن الإنسان

جون نور


«»

«وَكَمَا كَانَتْ أَيَّامُ نُوحٍ كَذلِكَ يَكُونُ أَيْضًا مَجِيءُ ابْنِ الإِنْسَانِ» (متّى 37:24).

أتحدث في هذه الحلقة مرة اخرى عن مجيء المسيح الثاني استكمالا للحلقة السابقة ففي الأصحاح 24 من انجيل متىّ والعدد السابع والثلاثين يتحدث يسوع عن علامات مجيئه الثاني إلى العالم، ومن يدقق النظر في ما يجري حولنا من أحداث يتأكد أننا أصبحنا في هذه الأيام قريبين من مجيء السيد، فلقد أصبحنا في الأيام الأخيرة ومجيئه صار قريباً على الأبواب، فهل أنت مستعد لقول الرب: «وَكَمَا كَانَتْ أَيَّامُ نُوحٍ كَذلِكَ يَكُونُ أَيْضًا مَجِيءُ ابْنِ الإِنْسَانِ».

فهناك تشابه عظيم بين الحادثتين، حادثة الطوفان وحادثة مجيء ابن الإنسان. وبين ما يحيط بهما من واقع. وإليكم بعض هذا التشابه: أولاً -

1 - انتشار الفساد والشر:

قديماً في أيام نوح «رَأَى الرَّبُّ أَنَّ شَرَّ الإِنْسَانِ قَدْ كَثُرَ فِي الأَرْضِ... فحَزِنَ الرَّبُّ أَنَّهُ عَمِلَ الإِنْسَانَ فِي الأَرْضِ، وَتَأَسَّفَ فِي قَلْبِهِ. فَقَالَ الرَّبُّ: أَمْحُو عَنْ وَجْهِ الأَرْضِ الإِنْسَانَ الَّذِي خَلَقْتُهُ» (تكوين 5:6 - 7).} ويقول يسوع عن الأيام التي تسبق مجيئه «وَلِكَثْرَةِ الإِثْمِ تَبْرُدُ مَحَبَّةُ الْكَثِيرِينَ» (متّى 12:24) وكثرة الإثم هذه طغت على كل أمور الحياة أذكر منها اثنين:

الأمر الأول:

1 - الأكل والشرب:

يقول الرب: «لأَنَّهُ كَمَا كَانُوا فِي الأَيَّامِ الَّتِي قَبْلَ الطُّوفَانِ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ... كَذلِكَ يَكُونُ أَيْضًا مَجِيءُ ابْنِ الإِنْسَانِ» (متّى 38:24 و39).

الأكل والشرب ليست خطية في حد ذاتها بل هو ضرورة من ضروريات الحياة، ولكن متى تسلطت علينا شهوة الجسد، فجعلتنا ننصرف إلى تحقيق مطالب الجسد من مأكل ومشرب وملبس، دون أدنى اهتمام بالأمور الروحية. مساكين هؤلاء يأكلون ويشربون كما في أيام نوح ثم الأمر الآخر الذي يحصل اليوم كما في أيام نوح.

2 - الزواج:

«لأَنَّهُ كَمَا كَانُوا فِي الأَيَّامِ الَّتِي قَبْلَ الطُّوفَانِ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ وَيَتَزَوَّجُونَ وَيُزَوِّجُونَ... كَذلِكَ يَكُونُ أَيْضًا مَجِيءُ ابْنِ الإِنْسَانِ» (متّى 38:24 و39).

الزواج ليس شر في ذاته بل هو رباط مقدس باركه الرب. لكن اسمعوا «وَحَدَثَ لَمَّا ابْتَدَأَ النَّاسُ يَكْثُرُونَ عَلَى الأَرْضِ، وَوُلِدَ لَهُمْ بَنَاتٌ، أَنَّ أَبْنَاءَ اللهِ رَأَوْا بَنَاتِ النَّاسِ أَنَّهُنَّ حَسَنَاتٌ. فَاتَّخَذُوا لأَنْفُسِهِمْ نِسَاءً مِنْ كُلِّ مَا اخْتَارُوا» (تكوين 1:6 و2).

هذا هو الشر العظيم أن يختلط أولاد الله ببنات الناس وبسبب هذه الخطية جلب الله الطوفان، كم هو مؤسف حقاً أن تجد في هذه الأيام الأخيرة كثيرين من أولاد الله المؤمنين يقترنون ببنات الناس غير المؤمنات ومؤمنات يتزوجون بغير مؤمنين.

وكانت النهاية عاراً لأولاد الله.

2 - موقف الناس من البشارة:

لقد ظل نوح يكرز مائة عام للفجار منذراً بطوفان غضب الله، لكن لم يعبئوا ببشارته ولم يقبلوا إنذاراته، ولم يؤمن سوى أفراد أسرته السبعة وكان هو الثامن.

ونحن نرى أن غالبية الناس هذه الأيام يبتعدون عن كلمة الله ويرفضون التوبة مع أن وسائط النعمة والكرازة بالإنجيل متوفرة نرى الناس الآن كما كانوا في زمن نوح نوعان:

النوع الأول:

1 - متهاون بسبب مشغوليات الحياة:

تصوروا نوح وهو يبني الفلك طبقاً للمقاييس الإلهية والناس يأتون ويذهبون أمامه فيشاهدونه منهمكاً في عمل الفلك فيسألون عن هذا السر فيخبرهم نوح بأمر الطوفان وينذرهم بالتوبة، ولكنهم يتهاونون ويمضي كل واحد إلى طريقه، ويتهاونوا في خلاص نفوسهم بسبب مشغوليات الحياة.

النوع الثاني:

2 - مستهزئون بسبب عدم الإيمان:

كان هذا النوع من الناس يمر أمام نوح فيجدوه مشغولاً في إعداد الفلك فيضحكون ويسخرون ويستهزئون، وما أن يتحدث إليهم نوح ويخبرهم عن غضب الله والطوفان، ولزوم التوبة والرجوع إلى الله حتى يسخروا منه. ماذا تقول يا نوح، هل الله أعطاك أخباره يا نوح هل سيغرق الله العالم كله بالطوفان؟ هل هذا معقول ومن أين سيجد الله الماء الكافي لهذا المشروع؟ لو قلت لكم إن الله سيغرق منطقتنا بالماء لاستهزئتم وقلتم أولاً أعطونا ماء لنشرب. ولكن الله تمم ما كان قد سبق وأنبأ به وجاء الطوفان وأهلك المسكونة.

3 - فالذين خلصوا أقلية:

فالذين قبلوا كرازة نوح كانوا سبعة ولكن رغم ذلك حدث الطوفان وهلك جميع من خارج الفلك.

الحقيقة واضحة في كلمة الله، فالرب يسوع يقول لنا «اُدْخُلُوا مِنَ الْبَاب الضَّيِّقِ، لأَنَّهُ وَاسِعٌ الْبَابُ وَرَحْبٌ الطَّرِيقُ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْهَلاَكِ، وَكَثِيرُونَ هُمُ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ مِنْهُ! مَا أَضْيَقَ الْبَابَ وَأَكْرَبَ الطَّرِيقَ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْحَيَاةِ، وَقَلِيلُونَ هُمُ الَّذِينَ يَجِدُونَهُ!» (متّى 7: 13 و14).

عزيزي المستمع التجئ إلى المسيح. وادخل فلك النجاة، لأنه كما حصل في أيام نوح سيحصل في مجيء ابن الإنسان.

4 - حادثة فجائية:

بينما كانت الأمور تسير في مجراها الطبيعي ككل يوم جاء الطوفان بغتة وانفجرت ينابيع الغمر وانفتحت طاقات السماء. والناس كانوا منصرفين لأعمالهم، البعض يأكل ويشرب والبعض يزوج ويتزوج، وبينما هم لا يعلمون جاء الطوفان. وكذلك مجيء ابن الإنسان في يوم لا نعرفه وساعة لا نظنها سيأتي فجأة.

من يكون في الحقل يترك الواحد ويأخذ الآخر. «اِسْهَرُوا إِذًا لأَنَّكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ فِي أَيَّةِ سَاعَةٍ يَأْتِي رَبُّكُمْ» (متّى 24: 42).

ومتى أغلق الرب الباب لا يعود أحد يفتح أسرع للدخول. والباب مفتوح قال يسوع: «تَعَالَوْا إِلَيَّ...» (متّى 11: 28).