العودة الى الصفحة السابقة
الباب المغلق

الباب المغلق

جون نور


«وَحَدَثَ مِنْ بَعْدِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَنَّ نُوحًا فَتَحَ طَاقَةَ الْفُلْكِ الَّتِي كَانَ قَدْ عَمِلَهَا» (تكوين 6:8).

ما أشبه عصر نوح بعصرنا وفلكه بفلكنا حركة دائمة العمل في الأكل والشرب والبيع والشراء الكل يجاهد في سبيل الأمور المادية حتى غلبته هذه المادة.

قومنا كقوم نوح لم يحتل الدين مركزاً مهماً في حياتهم كانوا يذكرون كل شيء من أمور الحياة ويتحسرون عليه ما عدا الدين لكن أقرب شبه بيننا وبينهم هو في عدم اكتراثهم بنداء الخطر الذي رن في جو المكان وقد ألقاه نوح بقوة أن الله سيرسل على الأرض طوفاناً وسيغرق كل كائن حي. ما هي ردة الفعل هزءوا به سخروا منه ومن حديثه وجعلوا ربما موضوع نداءه موضوع تندرهم في أسهارهم وأسمارهم وتحدثوا عنه بكثير من السخرية.

ونحن أهل القرن الحادي والعشرين ما هو رد الناس ونحن نقول لهم: اهربوا من الغضب الآتي. أنا أؤكد لكم بأنهم سينظرون إليكم نظرة إلى مخلوق أثري يجب أن يوضع في المتحف. هذه أشياء أثرية قديمة لا مكان لها في حياة الإنسان المعاصر لا بل أنه يعاديها.

استهزاء الناس بنوح لم يمنع الطوفان من المجيء ولم ينقذ الناس من الغرق، لقد ظل نوح مئة وعشرين (120) سنة يعمل في الفلك وبقي الفلك أسبوعاً بعد الانتهاء منه ولكن جاءت الساعة أخيراً التي أغلق الله فيها باب الفلك وأغلق الرب الباب.

أغلقه ليضمن النجاة للذين بداخله لكنه أغلقه ليتم الانفصال بين الذين في داخله والذين في خارجه وكان داخل الفلك ثمانية أشخاص لكن خارجه كان ملايين وأقلية ضئيلة جداً تعادل الصفر دخلت وأكثرية ساحقة بقيت خارجاً. لكن لنلق نظرة داخل الفلك.

كان هناك ثمانية أشخاص: نوح وزوجته وبنوه الثلاثة ونسائهم. وبالطبع داخل الفلك لم تكن السماء، لكن داخل الباب كان هناك منغصات ربما هي التي منعت الناس من الدخول وجعلت الفلك أمراً مكروهاً، والأسباب هي:

1 - ضيق الفلك:

كان الفلك ضيقاً أربع جدران أينما مشيت ستصطدم بأحد تلك الجدران.

وما أضيق الباب وأكرب الطريق الذي يؤدي إلى الحياة، الإنسان عندما يسلم قلبه للمسيح يخضع لشرائع ضيقة جداً قلبه لا يهتف إلا للمحبة والغفران، وفمه لا يتحدث إلا بالسلام والصدق وفكره يعمل ويفكر بالنقاوة.

ويرى الإنسان الخارجي طريق المسيح فيرتعب أنها ضيقة بل الضيق نفسه كل عمل شر تحاسبون عليه، كل كلمة بطالة تعطون عنها حساباً.

هذه أمور جعلت الناس يعتبروا أن هذه التعاليم هي تعاليم ضيقة، كضيق باب الفلك فآبوا الدخول فيها وما عرفوا أن البركة تأتي من الباب الضيق.

أما المنفر الثاني:

2 - ظلمة الفلك:

لا يذكر الكتاب إلا كوة واحدة في الفلك في الخارج ضوء شمس وقمر ونجوم والداخل ظلام حالك كثيرون يرفضوا لا بل يرتعشوا لفكرة الدخول إلى الفلك لأنه يبدو في عرفهم مظلماً وشديد الظلام ولكنهم نسوا بأن ما يعتبروه ظلمة هو الحياة والطريق للأبدية.

أما المنفر الثالث لا أعرف ما أسميه ولكن سأقرأه كما جاء في الكتاب:

«تَجْعَلُ الْفُلْكَ مَسَاكِنَ، وَتَطْلِيهِ مِنْ دَاخِل وَمِنْ خَارِجٍ بِالْقَارِ» (تكوين 6: 14).

المنفر الثالث هو أن الفلك كان مطلياً من الداخل بالقار.

وما هو القار هو «الزفت» كان الذي يريد أن يدخل الفلك ينتظر تعويضاً عما سيلاقيه من ظلمة وضيق أن يرى داخل الفلك نقوشاً أو صوراً ولكنه بدلاً من ذلك يرى نفسه في مكان مليء بالزفت من كل ناحية على اليمين زفت وعلى اليسار زفت من فوقه زفت ومن تحته زفت وكأن كل الأمور داخل الفلك مثل الزفت تماماً.

بعض الناس يقولوا أو أن اعتراضهم الأساسي لقبول المسيح هو أنه حالما يؤمنوا بالمسيح سيفقدون كل شيء وسيضطهدون وسيخسرون الكثير، ستواجههم تجارب وصعوبات ومشاكل.

وكان هناك أيضاً مرغبات ثلاثة في الفلك:

كان هناك منفرات لكن كان هناك أيضاً مرغبات:

1 - الله كان في الفلك:

الله في الفلك وما أجمل هذا المكان الذي يكون الله فيه، الفلك ضيق، ولكن الله جعله لنوح وعائلته أوسع من السماء الفلك مطلي بالقار لكن الله هو بهجته وخلاصه صرخ داود: «إإِذَا سِرْتُ فِي وَادِي ظِلِّ الْمَوْتِ لاَ أَخَافُ شَرًّا، لأَنَّكَ أَنْتَ مَعِي» (مزمور 23: 4).

المرغب الثاني:

2 - العائلة كلها كانت في الفلك:

الفلك كان مفتوحاً لكل العائلة دعا الرب نوح وعائلته ولكن ماذا كان شعوره لو أنه دعاه لوحده ألقى نوح نظرة إلى الفلك فوجد العائلة كلها مجتمعة.

ما هي حالتك عندما تنظر في السماء ولا تجد أحد من أفراد عائلتك؟ بالتأكيد إن السماء لن تكون جميلة في عينيك كفاية إذا التفت وبحثت عن عائلتك ولم تجد أحداً.

الفلك كان جميلاً لأنه ضم جميع أفراد العائلة كل الأمور الكريهة لم تكن ذات معنى لأن العائلة كلها كانت معه.

إننا نحيط عائلاتنا بكل النواحي المهمة نخدمهم نربيهم نحيطهم بكل الأمور رعاية وعناية ما عدا نفوسهم.

لقد أغلقت يد الله الباب فأنقذت الثمانية وحكمت على الذين خارجاً بالموت.

اليوم يوجد الملايين خارج الباب ينحدرون إلى درك الموت والهاوية.

نوح كان ولا بد يركع كل يوم ويصلي من أجلهم. ونقرأ عن ذلك في حزقيال ولكن صلاة نوح لم تستطع أن تصهر تلك القساوة التي تميزت بها قلوبهم. عزيزي المستمع هل أنت داخل الفلك أم خارجه يقول الكتاب: «الْيَوْمَ، إِنْ سَمِعْتُمْ صَوْتَهُ فَلاَ تُقَسُّوا قُلُوبَكُمْ» (عبرانيين 3: 7 و8).