العودة الى الصفحة السابقة
علامات الإيمان الحقيقي

علامات الإيمان الحقيقي

جون نور


«الَّذِي يُؤْمِنُ بِالابْنِ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ» (يوحنا 36:3)

من الضروري جداً في بعض الأحيان أن نتساءل عما إذا كانت حياتنا سليمة حقاً. لأن هنالك كثيرين في العالم، يعيشون حياة مزيفة.

وتتضح ضرورة التدقيق في فحص النفس من كلمات الرسول يعقوب الخالدة. لقد تعوّدنا أن نشدد القول بأن الإيمان هو ضروري للخلاص. أما الرسول فيخبرنا بأن هناك نوعين من الإيمان، ولذا ربما يكون إيماننا هو الإيمان الخاطئ رغم كل المظاهر التي لنا. فلا يكفي أن نقول بأن لنا إيماناً، بل يجب أن نكون واثقين من أنه هو الإيمان المخلص الذي يربط النفس بالمسيح المخلص.

في كثير من الأحيان يتساءل المرء: «هل إيماني هو الإيمان الحق». ولا توجد سوى إجابة واحدة لهذا السؤال: «عندما تتحرك النفس متجهة نحو المسيح كمخلّص لها، فهذا هو الإيمان الصحيح الذي يأتي بالنفس إلى معرفة الله». كل إيمان تكون غايته المسيح هو الإيمان الصادق. قد يكون ضئيل القدر مثل حبة الخردل. قد يكون مقترناً بشيء من اليأس مثل صرخة بطرس: «يَا رَبُّ، نَجِّنِي!» لئلا أهلك (متّى 30:14). لكن إن كانت أعمق أشواق النفس هي المسيح، المسيح، المسيح، أصبح هو الخيط الرفيع الذي يجذب الضال، من الممرات السفلية التي انحدر إليها، إلى نور الحياة.

الإيمان الحقيقي هو الثقة. الثقة كلمة تعنينا شخصياً أكثر من الإيمان. نحن نؤمن بالسجلات التاريخية ونصدقها، ونؤمن بكلمة الوعد التي يقدمها إلينا الصديق. لكننا نثق فيمن نحب. الإيمان الحقيقي يعتمد على أمانة الله. الإيمان المزّيف يحاول أن يؤيد نفسه بالتقاط كلمات المديح التي يقولها عنه الآخرون. أو بالتأمل في مظاهر التقوى التي قد يكون مقترناً بها. إنه يحاول دواماً أن يحتفظ ببعض مظاهر التقوى لكي يطمن نفسه بأنه ليس مزيفاً. أما الإيمان الحقيقي فإنه يتغاضى عن كل هذه الاعتبارات ويوجه نظره إلى الله، ويعتقد بأن الله صادق. ولا يمكن أن يتغاضى عن النفس التي جذبها إليه، ليست هنالك وسيلة لتنمية الإيمان أفضل من تحويل النظر عنه إلى هدفه وغايته. إن كنت أنت لا تؤمن فإنه هو يبقى أميناً. كف عن التطلع إلى قوة إيمانك، أو إلى جذوره، أو تحليل عناصره. ابدأ بالتفكير في أن الله يستحيل أن ينكر نفسه، وإذ تعمل هذا فإن الإيمان الحقيقي يتحرك فيك. عندما تتأمل في أمانة الله فإن إيمانك يتقوى ويشتد حتى ينقل الجبال.

الإيمان الحقيقي يتبعه الندم وانسحاق القلب. هنالك فرق كبير بين التوبة والندم. التوبة تسبق الندم وترافق الإيمان، والندم يتبع التوبة. التوبة مركزها الإرادة، والندم مركزه العواطف. التوبة هي ترك الخطية، ولذلك فإن التوبة قد تحصل مرة واحدة عندما نتحول من حياتنا الشريرة إلى الله، وكلما ازددنا اقتراباً من المسيح ازداد حزننا من أجل الحزن الذي سببناه له. عندما وصلت المرأة الخاطئة إلى قدمي المسيح، وأدركت أن خطاياها قد غُفرت، بللت قدميه بالدموع وقبلتهما. إن الإيمان الذي لا يتبعه الندم والدموع إيمان يُشك فيه جداً.

الإيمان الحقيقي يبتعد عن العالم والخطية بقدر اقترابه من المسيح. إنه يلتصق بالمسيح وينشغل بمحبته وجماله لدرجة أنه لا يجد أية لذة في تلك الأمور التي كانت فيما قبل تشغل قلبه وتحتل تفكيره وكان يرى أنها ضرورية لكيانه. لقد أصبح كنزه في السماء، وقلبه هناك أيضاً.

الإيمان الحقيقي تكون له ثماره. لقد قلنا أنه هو حلقة الاتصال بين المسيح والنفس، وأنه عن طريقه تنسكب نعمة المسيح فينا كما تنسكب العصارة من جذع الكرمة في عنقود العنب الذي ينمو قليلاً فقليلاً. من المستحيل أن نكون في اتحاد حقيقي بالمسيح دون أن نحس بنبض حياته المجيدة. وحيثما دخل كنهر فائض متدفق فلا بد أن تظهر الثمار. وعندما لا تتوفر الثمار فإما أن تكون القناة قد أغلقت، أو أنها لم تكون تكويناً حقيقياً قط.

إن لم يكن لك إيمان، أو إن كنت تخشى لئلا يكون إيمانك خاطئاً، فلا تيأس. تطلع إلى يسوع. افتح قلبك لكي يضع الله فيه موهبة الإيمان الحقيقي. آمن بأنه يفعل هذا في اللحظة التي تبدأ فيها بأن تطلب. اعتبر بأن الله صادق. غذِ إيمانك بكلمة الله انعشه بالتسلق إلى قمم الشركة حيث يستنشق الهواء المنعش.