العودة الى الصفحة السابقة
أسرار المسيحية الخمسة

أسرار المسيحية الخمسة

جون نور


وعندما أقول أسرار المسيحية، فنحن نعني أن المسيحية ديانة الأسرار والمدهشات. فلم يكن غريباً أن يقف البشر أمام مكنوناتها متسائلين مندهشين إن لم أقل مبهورين، مأخوذين، لقد وقف الناس أمام مسيحها العظيم وكان لا بد أن يتساءلوا أي إنسان هذا... ووقفوا أمام محبتها الفائقة. وكان لا بد أن يهتفوا «اُنْظُرُوا أَيَّةَ مَحَبَّةٍ أَعْطَانَا الآبُ حَتَّى نُدْعَى أَوْلاَدَ اللهِ!» (1يوحنا 3: 1). ووقفوا أمام خلاصها العجيب وكان لا بد أن يتساءلوا لماذا كل من يقبله يصبح شريكاً في الميراث الأبدي.

محبة المسيح فائقة المعرفة. وغنى مسيحها لا يُستقصى. وعطيتها العظمى لا يُعبر عنها. وفرحها الفائق لا يُنطق به ومجيد، وسمائها ما لم تره عين وما لم تسمع به أذن وما لم يخطر على قلب بشر.

أدخل إلى رحاب المسيحية فتجد نفسك محاطاً بالأسرار التي صارت في المسيح معلنة لنا نحن أولاد الله.

وأقود أفكاركم في هذه الحلقة إلى خمسة أسرار في المسيحية. أسرار إلهية صارت لنا في المسيح يسوع:

1 - سر التجسد المجيد.

2 - سر الاتحاد.

3 - سر العهد الجديد.

4 - سر الاختطاف.

5 - سر الأبدية.

السر الأول هو سر التجسد:-

1 - سر التجسد المجيد.

في سر التجسد الأول أعلنت لنا المسيحية بقول بولس إلى تيموثاوس: «بِالإِجْمَاعِ عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى: اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ» (1تيموثاوس 3: 16) هل يوجد سر أعظم من هذا السر الله ظهر في الجسد؟

الله ملك الملوك ورب الأرباب يرتضي أن يأتي في صورة إنسان. الله الذي «بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ. الحَامِلٌ كُلَّ الأَشْيَاءِ بِكَلِمَةِ قُدْرَتِهِ» (يوحنا 1: 3 وعبرانيين 1: 3). الله هذا يأتي في صورة إنسان ويتجسد بين البشر - هذا فوق العقل، وما هو فوق العقل هو ما قد حدث.

«اَللهُ، بَعْدَ مَا كَلَّمَ الآبَاءَ بِالأَنْبِيَاءِ كَلَّمَنَا فِي هذِهِ الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ فِي ابْنِهِ» (عبرانيين 1: 1 و2). هذه هي رسالة الله في المسيحية أن الله جاء بنفسه في صورة إنسان وعندما نلتقي بإنسان لا يصدق هذا، ارفع وارفعي عينيك إلى السماء وقولوا: أشكرك يا رب لأنك عملت لأجلي ما لا يمكن أن يصدقه عقل.

والسر الثاني هو سر الاتحاد: -

2 - سر الاتحاد:

يقول: «السِّرِّ الْمَكْتُومِ مُنْذُ الدُّهُورِ وَمُنْذُ الأَجْيَالِ، لكِنَّهُ الآنَ قَدْ أُظْهِرَ لِقِدِّيسِيهِ. الْمَسِيحُ فِيكُمْ رَجَاءُ الْمَجْدِ» (كولوسي 1: 26 و27). - ترك السماء وتجسد في بطن العذراء المطوّبة لهدف أن يتجسد في حياة كل واحد فينا رجالاً ونساءً، شباباً وشابات. ما هي المسيحية هي باختصار الله معنا جاء من السماء ترك الأمجاد ولبس ثوب اللحم والدم واشترك في العظم واللحم لكي يكون مشاركاً لنا في كل شيء. وفي كل ما هو «تَأَلَّمَ مُجَرَّبًا يَقْدِرُ أَنْ يُعِينَ الْمُجَرَّبِينَ» (عبرانيين 2: 18). إذاً «مَنْ سَيَفْصِلُنَا عَنْ مَحَبَّةِ الْمَسِيحِ؟ أَشِدَّةٌ أَمْ ضَيْقٌ أَمِ اضْطِهَادٌ» (رومية 8: 35) هذا هو سر الاتحاد الفريد إننا قد اتحدنا به كاتحاد الجسد بالرأس واتحاد الجسد بالروح وقد صرنا نحن وهو واحداً.

وهنالك سر ثالث في المسيحية:

3 - سر العهد الجديد:

لم يكن أحد من الرسل يتصور أو يتخيل أن الله يفتح باب الخلاص أمام الأمم كانوا يؤمنون فقط بأن الخلاص معد لليهود.

ولو تمّ ذلك فلا مكان معد لنا في خلاص الرب كما قال يسوع للمرأة الفينيقية مختبراً إيمانها بخلاصه: «لَيْسَ حَسَنًا أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلاَب...» (متّى 15: 26) كان هذا هو وضع الأمم بالنسبة لليهود لكن فوق الصليب أنشق حجاب الهيكل وصار لنا الحق أن نتقدم إلى قدس الأقداس ولنا ثقة الدخول على حساب دم العهد الجديد الذي سُفك على الصليب. والسر الرابع هو سر الاختطاف:

4 - سر الاختطاف:

«هُوَذَا سِرٌّ أَقُولُهُ لَكُمْ: لاَ نَرْقُدُ كُلُّنَا، وَلكِنَّنَا كُلَّنَا نَتَغَيَّرُ، فِي لَحْظَةٍ فِي طَرْفَةِ عَيْنٍ» (1كورنثوس 15: 51 و52). في لحظة وفي طرفة عين المشاكل والهموم والتجارب كلها ستنتهي وسيتغير كل شيء في هذا الجسد. سيتغير عند البوق الأخير وسنكون مع الرب في الهواء.

أما السر الخامس والأخير:

5 - سر الأبدية:

ما هو هذا السر هو سر الأبدية المجيد؟ لقد انتهى زمان الآثام الذي قال عنه الروح القدس ليصمت العاقل في هذا الزمان - لأنه زمان رديء وأيضاً زمان الآلام - «آلاَمَ الزَّمَانِ الْحَاضِرِ لاَ تُقَاسُ بِالْمَجْدِ الْعَتِيدِ أَنْ يُسْتَعْلَنَ» (رومية 8: 18). لقد انتهى زمان الظلام. «اَلشَّعْبُ السَّالِكُ فِي الظُّلْمَةِ أَبْصَرَ نُورًا عَظِيمًا» (إشعياء 9: 2).

أمور كثيرة لا نعرفها ونتشكك فيها ولا نجد لها جواباً ولكن هناك سندخل إلى المدينة التي لا تحتاج إلى نور شمس أو قمر لأن الحمل يسوع هو نورها وأبواب المدينة لا تُغلق نهاراً ولا ليلاً ولا يكون ليل هناك لأنه سيشرق عليها صبح أبدي سعيد لا يعقبه ليل إلى أبد الآبدين لا يكون زمان فيما بعد لا يكون شر فيما بعد لا يكون متاعب ولا مشاكل ولا ضيقات ولا أمراض ولا حوادث فيما بعد لأن «الْجَالِسُ عَلَى الْعَرْشِ قَالَ: هَا أَنَا أَصْنَعُ كُلَّ شَيْءٍ جَدِيدًا!» (رؤيا 21: 5).