العودة الى الصفحة السابقة
هل أنت مشغول لكي لا تسمع عن يسوع؟

هل أنت مشغول لكي لا تسمع عن يسوع؟

جون نور


«38 وَفِيمَا هُمْ سَائِرُونَ دَخَلَ قَرْيَةً، فَقَبِلَتْهُ امْرَأَةٌ اسْمُهَا مَرْثَا فِي بَيْتِهَا. 39 وَكَانَتْ لِهذِهِ أُخْتٌ تُدْعَى مَرْيَمَ، الَّتِي جَلَسَتْ عِنْدَ قَدَمَيْ يَسُوعَ وَكَانَتْ تَسْمَعُ كَلاَمَهُ. 40 وَأَمَّا مَرْثَا فَكَانَتْ مُرْتَبِكَةً فِي خِدْمَةٍ كَثِيرَةٍ. فَوَقَفَتْ وَقَالَتْ: «يَا رَبُّ، أَمَا تُبَالِي بِأَنَّ أُخْتِي قَدْ تَرَكَتْنِي أَخْدُمُ وَحْدِي؟ فَقُلْ لَهَا أَنْ تُعِينَنِي!» 41 فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَها: «مَرْثَا، مَرْثَا، أَنْتِ تَهْتَمِّينَ وَتَضْطَرِبِينَ لأَجْلِ أُمُورٍ كَثِيرَةٍ، 42 وَلكِنَّ الْحَاجَةَ إِلَى وَاحِدٍ. فَاخْتَارَتْ مَرْيَمُ النَّصِيبَ الصَّالِحَ الَّذِي لَنْ يُنْزَعَ مِنْهَا» (لوقا 38:10 - 42).

هناك فقرة في الكتاب المقدس في إنجيل لوقا أثارت انتباهي واهتمامي، وهذه الفقرة تتكلم عن أختين وعن تصرفاتهما وطرقهما في إمضاء الوقت مع الرب يسوع، واحدة من الأختين كانت أولوياتها الروحية في المكان الأول في حياتها، أما الأخرى فلقد كانت مشغولة ولم تجد وقت لسماع ما يقوله الرب يسوع.

موضوع حلقتنا اليوم سوف يكون من الإنجيل بحسب ما دوّنه لوقا البشير؟ في هذا اليوم سوف ندرس ونتمعن في الأختين مريم ومرثا ونقارن طرق إمضاء وقتهن مع يسوع مع طرقنا نحن، سوف أعالج في هذه الحلقة أموراً تجعلنا مشغولين عن الرب يسوع.

ماذا تعرف عن مرثا ومريم؟

مرثا ومريم كانتا تسكنان في قرية صغيرة. قد تكون هذه القرية صغيرة في حجمها، ولكن كانت هذه القرية من القرى المذكورة بشكل متكرر في الكتاب المقدس. بيت عنيا تعني بيت التين غير الناضج. وكان البعض من الناس في أيام السيد المسيح يطلقون على هذه القرية اسم بيت البؤس، والسبب لهذه التسمية هو أن كثير من المرضى في المنطقة كانوا يجتمعون في تلك القرية.

بيت عنيا كانت معروفة بكرَمها، وخاصة لهؤلاء الأشخاص الذين كانوا يقومون بالحج إلى القدس. كانت بيت عنيا تقع على السفح الشرقي لجبل الزيتون. بيت عنيا يا إخوتي لها تاريخ حافل فيما يتعلق بخدمة الرب يسوع خلال الثلاث سنوات التي أمضاها في الخدمة قبل صعوده إلى السماء. وعلى الأغلب فلقد عمّد يوحنا المعمدان الرب يسوع في منطقة قريبة من بيت عنيا. عاشت مرثا ومريم مع أخيهم لعازر في هذه القرية. لعازر وكما يعرف البعض هو من أقامه يسوع من الموت. لقد كانت هناك صداقة قوية بين الرب يسوع وهذه العائلة كما نقرأ في إنجيل يوحنا 5:11: «وَكَانَ يَسُوعُ يُحِبُّ مَرْثَا وَأُخْتَهَا وَلِعَازَرَ».

مرثا: البعض قد افترض وخمن أن مرثا كانت أرملة وبالتالي فهي كانت مسؤولة عن بيت زوجها المتوفى وعن إخوتها الذين كانوا يعيشون معها. وإن كانت هذه الفرضية صحيحة أو لا فإن مرثا كانت على ما يبدو هي سيدة البيت.

«وَكَانَتْ لِهذِهِ أُخْتٌ تُدْعَى مَرْيَمَ». وكما أنه لدينا معلومات قليلة عن مرثا فإن مريم حالها ليس بالأفضل. فالكتاب المقدس لم يذكر عنها الكثير. ولكن ذكر عنها قصة في الكتاب المقدس عندما سكبت العطر الثمين على رأس وقدمي يسوع كما هو مذكور في يوحنا 3:12.

مريم يا إخوتي يقول عنها الكتاب المقدس إنها: «جَلَسَتْ عِنْدَ قَدَمَيْ يَسُوعَ وَكَانَتْ تَسْمَعُ كَلاَمَهُ». لم تنتظر أن تسمع إلى قصة طريفة تداعب أذنيها أو انتظرته أن يقول لهم ماذا حصل في مغامرته الأخيرة في أورشليم. لقد انتظرت من الرب يسوع أن يتكلم عن الحقيقة، عن الخلاص لمن يؤمن.

«وَأَمَّا مَرْثَا فَكَانَتْ مُرْتَبِكَةً فِي خِدْمَةٍ كَثِيرَةٍ». والذي يريد أن يقوله لنا لوقا هنا أنها كانت على الأغلب تبقي نفسها منهمكة وملهية.

إخوتي، الذي كان يشغل مرثا أمور وخدمات كثيرة وكانت تلهيها عن الرب يسوع. هذا يا أخوتي تماماً الذي يحصل لنا في كثير من الأحيان.

كم من السهل يا إخوتي أن نلتهي عن الرب يسوع. قد ننشغل عنه في حياتنا. وسط كل هذه الأمور كم ننسى أن نذهب ونجلس تحت أقدام الرب يسوع. أن نسمع لما يريد أن يقوله لنا. وأن نقضي معه وقت بالصلاة.

«فَوَقَفَتْ وَقَالَتْ: يَا رَبُّ، أَمَا تُبَالِي بِأَنَّ أُخْتِي قَدْ تَرَكَتْنِي أَخْدُمُ وَحْدِي؟ فَقُلْ لَهَا أَنْ تُعِينَنِي!». مرثا هنا تعاتب يسوع بشدة. لقد كانت مرثا منهمكة بالخدمة الكثيرة إلى درجة الشكوى. لقد أخطأت باتجاه الرب يسوع عندما اتهمته بعدم المبالاة والاهتمام والمحبة عندما هاجمته.

لقد شبهت مرثا نفسها بأنها الضحية. أي أنها تريد أن تسمع للرب يسوع ولكنها مشغولة جداً وحتى أن أختها لا تقدم أي نوع من المساعدة. يا إخوتي كم نشبّه أنفسنا بالضحية في هذا العالم السريع الذي لا يبقى لنا وقت نقضيه مع الرب يسوع.

إن الرب يسوع يا اخوتي يطلب منك أن تعطيه المكان الأول في حياتك وأن يكون هو مثلك الأعلى، وأن تخدمه وتطيعه في كل شيء. فما هو الشيء المهم عندك فعلاً؟ الناس والأشياء والأهداف وغير ذلك من الرغبات كلها تتسابق في أن تكون لها الأولوية، ويمكن لأي منها أن يحل محل الله في المكان الأول إن لم تعمل بشدة على إعطائه المكان الأول في كل جوانب حياتك.

من أجل الإبقاء على شركة متينة مع الرب يسوع تتصف بالتعلم منه وطاعته بدون أن نمر بكل المشاكل التي مرت بها مرثا هو أن نكون مثل مريم. إن الأولوية الأولى والفرح الأكبر هو أن نمضي وقتنا تحت أقدام الرب يسوع وننتظر منه أن يعلمنا ويرشدنا.

إننا مدعوون يا إخوتي أن نختار النصيب الصالح. واختيار الشركة مع الرب يسوع. قد نُصاب في بعض الأحيان ببعض المشاكل في حياتنا الروحية. ولكن أنظروا إلى ماذا يعدنا الرب يسوع، إذا اخترت النصيب الصالح مثل مريم فإنه لن يُنتزع أبداً.

يا إخوتي انظروا إلى الغد ليس كيوم جديد بل كبداية جديدة. انظروا إلى الغد كأنه فرصة جديدة للتمتع بنعمة محبة يسوع، وأن نجلس تحت قدميه ونسمع له. أمين.