العودة الى الصفحة السابقة

صحة الكتاب المقدس

جون نور


حيث أن هناك أدلة كثيرة قاطعة تثبت أن الكتاب المقدس هو كلمة الله، فالسؤال الطبيعي الذي يفرض نفسه هو: لماذا لا يقبله جميع الناس على أنه كلمة الله؟ لكن مما يبدو أن هذه ليست مشكلة العقل في الأساس بل مشكلة الإرادة، قال المسيح: «إِنْ شَاءَ أَحَدٌ أَنْ يَعْمَلَ مَشِيئَتَهُ يَعْرِفُ التَّعْلِيمَ، هَلْ هُوَ مِنَ اللهِ، أَمْ أَتَكَلَّمُ أَنَا مِنْ نَفْسِي» (يوحنا 17:7) فمعظم الناس مشغولون جداً بأمور هذه الحياة الحاضرة ملذاتها ومسراتها والمركز الاجتماعي المرموق بين الناس أو حتى مجرد الكفاح في سبيل البقاء تقدم المسيحية لهؤلاء الناس تحدياً غير جذاب لأنها تواجههم بتكاليف التلمذة وبضرورة الوقوف في جانب الصواب مهما كان الثمن. والناس بطبيعتهم ميالون لاتخاذ الطريق السهل الأناني. وقد وبخ يسوع هؤلاء قائلاً: «كَيْفَ تَقْدِرُونَ أَنْ تُؤْمِنُوا وَأَنْتُمْ تَقْبَلُونَ مَجْدًا بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ، وَالْمَجْدُ الَّذِي مِنَ الإِلهِ الْوَاحِدِ لَسْتُمْ تَطْلُبُونَهُ؟» (يوحنا 44:5).

الذين يريدون أن لا يؤمنوا بأن الكتاب المقدس هو كلمة الله يمكنهم أن يجدوا الحجج التي بها يؤيدون موقفهم، وهذه الحجج يمكن وصفها بأنها ليست نهائية ولا قطعية لأنه لا يمكن لصاحبها أن يثبت أنها صائبة تماماً بل هي تستند في الأساس على رأي صاحبها سواء كان رأياً شخصياً أو منقولاً وهاكم بعض الحجج الشائعة:

واولها التزوير أو التحريف.

ونحن بدورنا نسال هل حُرّف الكتاب المقدس؟

ويلزمنا لكي نجيب على هذا الاتهام أن نسأل هذه الأسئلة:

1 - متى تمّ تزوير الكتاب المقدس بالتحديد؟

2 - ومن هي الجماعة التي لها غايات لكي تقوم بهذا التزوير؟

3 - ولماذا تمّ هذا التزوير؟

4 - ما هي النصوص الأساسية التي كانت موجودة قبل التزوير «أو بالأحرى هل هناك نسخة أصلية قبل هذا التزوير يمكن مقارنتها بما تم تزويره».ولهذا نجيب على التهمة الأولى وهي:

1 - تهمة التزوير:

لقد تُرجم الكتاب المقدس إلى لغات ولهجات عديدة منذ القرن الثاني الميلادي، وانتشر الكتاب بهذه اللغات في ربوع الأرض كلها، فهل من المنطق أنه يوجد كائن ما يستطيع أن يصل إلى كل النسخ الموجودة في العالم أجمع ليحرّفها. ثم إلى المؤلفات المقتبسة من الكتاب المقدس ليجري فيها نفس التحريف ثم يصل إلى اليهود ليجري في توراتهم التزوير عينه.

2 - من الذي قام بالتحريف أو التزوير؟

بالنسبة لأسفار العهد القديم فلا يعقل أن يكون اليهود هم الذين حرّفوها وإلا لكانوا قد حرّفوا منها الويلات الموجهة إليهم باعتبارهم شعباً صلب الرقبة، ولكانوا بدّلوا الأحداث التي تسيء إلى أنبيائهم، وأيضاً أزالوا من توراتهم الآيات والنبوات التي تتحدث عن صلب المسيّا وموته وقيامته لأنهم لا يؤمنون بذلك وتسبب لهم هذه الأقوال مشاكل هم في غنى عنها طالما كان مبدأ التحريف وارداً. كما لا يعقل أن يكون المسيحيون هم الذين زوّروها لأنهم في هذه الحالة كانوا سيصطدمون مع اليهود، فالتوراة التي عندهم هي نفسها التي عند اليهود.

وبالنسبة لأسفار العهد الجديد نقول: إن الخلافات العقائدية والمذهبية بين الكنائس المسيحية من أول عهدها كانت تقف مانعاً هائلاً إزاء محاولة أي فريق منهم القيام بهذا العمل.

3 - لماذا كان سيتم هذا التزوير؟

إنه أمر معقول أن يزوّر الإنسان ليجني من وراء تزويره هذا مغنماً معيناً أو لينجو بواسطته من خطر ما. أما أن يكذب الإنسان وهو عالم أن تزويره هذا لن يعطيه تاجاً بل صليباً، لا نعيماً بل اضطهاداً فهذا ما لا يقبله العقل. إن الآلاف من الذين ضحوا بحياتهم في سبيل الكتاب المقدس بالتأكيد ما كانوا ليفعلوا ذلك لو كان هذا الكتاب مجرّد أكذوبة.

4 - ماذا كان قبل أن تجري عملية التزوير؟

لقد اكتُشفت عشرات الآلاف من المخطوطات القديمة للكتاب المقدس، دون أن يعثر على نسخة واحدة مخالفة لما بين أيدينا، أليس هذا يدحض تماماً الزعم بتزوير الكتاب ويؤكد الحقيقة المنطقية أن الله الذي أعطى الكتاب هو قادر أن يحافظ عليه.

إذاً هناك سؤال لا بد منه. فبعدما تقدم يحق لنا أن نسأل المدعين بتحريف الكتاب المقدس عن دليلهم العلمي والتاريخي أما دليلنا فنقدمه من خلال شهادات النسخ والمخطوطات القديمة المحفوظة في المتاحف والأديرة والكنائس. ونجيب من خلال كتب التاريخ القديمة التي كتبها أناس غير مسيحيين وتتوافق تماما مع مخطوطات الكتاب الأساسية ونجيب أيضا من خلال حفريات الآثار التي توافقت مع الكتاب المقدس. وهل هنالك أكثر إثباتاً من مخطوطات قمران الحديثة الاكتشاف والتي جاءت حجة دامغة على كل من يتغول على كلمة الله وصحتها؟ أكتفي بهذا أعزائي المستمعين لأن أهم إثبات لصحة الكتاب المقدس موجود في صدور أتباع المسيح الذين هم شهادة حيّة على صحة هذا الكتاب.