العودة الى الصفحة السابقة
شروط ملكوت الله

شروط ملكوت الله

جون نور


«17 وَفِيمَا هُوَ خَارِجٌ إِلَى الطَّرِيقِ، رَكَضَ وَاحِدٌ وَجَثَا لَهُ وَسَأَلَهُ: «أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ، مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟» 18 فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لِمَاذَا تَدْعُونِي صَالِحًا؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحًا إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ. 19 أَنْتَ تَعْرِفُ الْوَصَايَا: لاَ تَزْنِ. لاَ تَقْتُلْ. لاَ تَسْرِقْ. لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ. لاَ تَسْلُبْ. أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ». 20 فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، هذِهِ كُلُّهَا حَفِظْتُهَا مُنْذُ حَدَاثَتِي». 21 فَنَظَرَ إِلَيْهِ يَسُوعُ وَأَحَبَّهُ، وَقَالَ لَهُ: «يُعْوِزُكَ شَيْءٌ وَاحِدٌ: اِذْهَبْ بِعْ كُلَّ مَا لَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ، وَتَعَالَ اتْبَعْنِي حَامِلاً الصَّلِيبَ». 22 فَاغْتَمَّ عَلَى الْقَوْلِ وَمَضَى حَزِينًا، لأَنَّهُ كَانَ ذَا أَمْوَال كَثِيرَةٍ. 23 فَنَظَرَ يَسُوعُ حَوْلَهُ وَقَالَ لِتَلاَمِيذِهِ: «مَا أَعْسَرَ دُخُولَ ذَوِي الأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ!» 24 فَتَحَيَّرَ التَّلاَمِيذُ مِنْ كَلاَمِهِ. فَأَجَابَ يَسُوعُ أَيْضًا وَقَالَ لَهُمْ: «يَا بَنِيَّ، مَا أَعْسَرَ دُخُولَ الْمُتَّكِلِينَ عَلَى الأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ! 25 مُرُورُ جَمَل مِنْ ثَقْبِ إِبْرَةٍ أَيْسَرُ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ» 26 فَبُهِتُوا إِلَى الْغَايَةِ قَائِلِينَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «فَمَنْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَخْلُصَ؟» 27 فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ يَسُوعُ وَقَالَ: «عِنْدَ النَّاسِ غَيْرُ مُسْتَطَاعٍ، وَلكِنْ لَيْسَ عِنْدَ اللهِ، لأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ عِنْدَ اللهِ»َ (مرقس 10: 17 - 27).

واحد من الأمور التي تفتن قارئ الكتاب المقدس هو المقابلات العديدة للرب يسوع مع الأشخاص المختلفين. لقد كان الرب يسوع جاهز أن يسمع إلى مشاكلهم، وإلى الإجابة على تساؤلاتهم خلال تجواله في مدن فلسطين. ولكنه لم يساوم في أي من مقابلاته بالمبادئ التي كان يتكلم بها، يجب على الناس أن يتبعوا الرب يسوع حسب طريقة يسوع، وليس حسب طريقتهم الخاصة كما سنقرأ في الأعداد المقبلة.

واحدة من هذه المقابلات هي في إنجيل مرقس 10: 17 - 27. من كان هذا الرجل؟ لقد كان هذا الرجل على الأغلب شخصاً غنياً ذا سلطة وقوة. ولكن الكتاب المقدس لا يقول الشيء الكثير عن هذا الشخص. الذي يقوله الكتاب المقدس أنه كان شخص متحمس، حيث نقرأ أنه ركض إلى الرب يسوع، ونقرأ أيضاً أنه كان إنسان متواضعاً حيث أن الكتاب المقدس يقول أنه جثا أمام الرب يسوع. وبالطبع فإن الرب يسوع قد رحب به كما كان يرحب بالجميع، صغاراً وكباراً نساءً ورجالاً عندما كانوا يريدون أن يتكلموا معه.

صديقنا الغني، لا بد أنه بعد أن فكر في مستقبل حياته، وقال لنفسه: «هناك طريقة واحدة لحل مشكلتي، وهي أن لا تنتهي حياتي أبداً». وفي أحد الأيام لا بد أن سمع من أحد أصدقائه يتكلم عن ذلك الشخص القادم من الناصرة. ذلك الشخص الذي يتكلم عن ملكوت الله، وعن الحياة الأبدية لمن يتبعه. لا بد أن كلمتي الحياة والأبدية رنت في آذانه بقوة. إنه الشيء الذي كان يبحث عنه منذ زمن. لا بد أن أذهب أتكلم مع هذا الرجل قال الغني وهو يفكر بما يسمى بالحياة الأبدية. هذا تماماً ما فعله صديقنا الغني عندما سمع أن الرب يسوع في القرية، ركض واقتحم الجموع ورمى نفسه تحت قدمي يسوع، وقال يا سيدي أنا أريد شيء وأنت تعطي هذا الشيء كما سمعت «مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟».

الشروط لدخول الملكوت:

صديقنا الغني كان متواضعاً، لقد جلس تحت قدمي يسوع، هذا إن دل على شيء فإنه يدل على الصفات الطيبة لدى هذا الشخص. ولكن المشكلة بدأت عندما سئل الرب يسوع: «مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟».

لقد كان الرب يسوع معتدلاً ولطيفاً في إجابته، ولكنه في نفس الوقت كان حازماً. نقرأ أن الرب يسوع أحب هذا الشخص. أجاب الرب يسوع هذا الشخص بالإجابة التي كان يريدها: «أَنْتَ تَعْرِفُ الْوَصَايَا: لاَ تَزْنِ. لاَ تَقْتُلْ. لاَ تَسْرِقْ. لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ. لاَ تَسْلُبْ. أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ» (مرقس 10: 19). هذه هي خمسة من العشر وصايا. هذه الوصايا لا تتعلق بعلاقتنا بالله، ولكن علاقتنا مع الآخرين. هل قتل هذا الشخص؟ بالطبع لا، هل زنى؟ بالتأكيد لا لأنه كان إنساناً يحفظ الناموس، هل سرق؟ هو لا يحتاج أن يسرق.

لقد أحب يسوع هذا الشخص، لقد أعجب الرب يسوع بتواضع هذا الشخص، وإصراره على إيجاد جواب لتساؤلاته.

إن هذا الشاب الباحث عن الحياة الأبدية لم يكن لديه أدنى فكرة أنه كان أبعد ما يكون على أن يحصل على الحياة الأبدية وأن يدخل ملكوت السماء. لقد كان مؤمناً إن حفظ الناموس كان كافياً للحصول على الحياة الأبدية الموعودة. لقد كان صديقنا متمسكاً بالأمور الأرضية إلى درجة كبيرة. لذلك كان على الرب يسوع أن يواجهه ويطلب منه أن يبيع كل أملاكه. لقد أحب هذا الشخص المال إلى درجة أنه رفض التخلي عنها من أجل الحصول على الحياة الأبدية. كان لا بد من الرب يسوع أن يعالج المشكلة من جذورها. إن الممتلكات والمناصب الأرضية هي لا شيء. المال والمنصب هي واحدة من الأمور التي تقيدنا عن الشركة مع الله وتبقينا نفكر بالأمور الأرضية، يا أخي ويا أختي، ما هي الأمور التي تقيدك وتفصلك عن الله؟

التحول ضروري للحصول على الملكوت

الرب يسوع لم يحاول أن يصحح الرجل الغني، بل أراد أن يحوّله تماماً من الاهتمامات الأرضية، إلى ما هو أسمى وأهم. لقد كان هناك شيء ناقص في حياة هذا الشخص. لقد كانت لديه مشكلة الأولويات تمنعه من أن يدخل ملكوت السماوات. الرب يسوع أجاب: «إِذْهَبْ بِعْ كُلَّ مَا لَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ، وَتَعَالَ اتْبَعْنِي». لقد توقع الشاب الغني أن يقول له الرب يسوع: «نعم لقد قمت بما هو كافٍ، تعال واتبعني. عليك فقط أن تتابع ما تقوم به الآن وبذلك تحصل على الحياة الأبدية». لكن الرب يسوع دعاه أن يقوم بعمل يعاكس كل ما قام به في السابق «إِذْهَبْ بِعْ كُلَّ مَا لَكَ». لقد وضع الرب يسوع إصبعه على العصب الحساس، أملاكه المتمسك بها.

لقد طلب الرب يسوع من الشخص أن يترك اهتماماته الأرضية. بدون هذه الخطوة فإنه لن يحقق الوصيتين: «للاَ يَكُنْ لَكَ آلِهَةٌ أُخْرَى أَمَامِي. لاَ تَصْنَعْ لَكَ تِمْثَالاً مَنْحُوتًا، وَلاَ صُورَةً مَا مِمَّا فِي السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ، وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ تَحْتُ، وَمَا فِي الْمَاءِ مِنْ تَحْتِ الأَرْضِ» (خروج 20: 3 و4). لقد كان ماله هو هدفه. لقد جعل من ماله إله. لقد كان عليه الاختيار.

هذا الإنسان للأسف قرر أن ماله أهم من اتّباع الرب يسوع. الرب يسوع لن يفرض علينا الاختيار. إنه لن يتدخل في حرية قراراتنا. إن الرب يسوع واقف على الباب ويقرع. الباب لديه مقبض من الداخل فقط، ويسوع لن يقدر أن يدخل إن لم تفتح حياتك له إن لم تفتح الباب وتدعوه ليدخل. هذه هي مهمتنا.

عندما نؤمن بالرب يسوع، فإننا نضع آمالنا، وثقتنا في الرب يسوع. إن الدعوة هنا، لا أن نتنازل عن أملاكنا لكن أن لا تكون هذه الأملاك هي عقبة تمنعنا دخول الملكوت. اسمع كلمات الرب يسوع: «تَعَالَ اتْبَعْنِي».