العودة الى الصفحة السابقة
ربح النفوس

ربح النفوس

جون نور


«رَابحُ النُّفُوسِ حَكِيمٌ» (أمثال 30:11).

إن غاية إيمان كل المؤمنين هو خلاص النفوس، نفوسهم ونفوس الآخرين. وهذا أيضاً هو غرض الكنيسة الأولى، لكن أين نحن من هذا الغرض السامي؟

كنيسة المسيح يجب أن تكون باستمرار قائدة للنفوس من الظلمات إلى النور. إنها مجموعة من المؤمنين اجتمعوا في الكنيسة لا ليحفظوا مبانيها ولكن لينموا ويتقووا في المسيح يسوع.

والسؤال الآن هو: كيف تنتعش الكنيسة التي فقدت القدرة على ربح النفوس؟ كيف تشتعل فيها النار المقدسة حتى تخلص الهالكين؟

هذا السؤال كبير لا يمكن الإجابة عليه بإسهاب في هذا المجال الضيق، ولكن هناك بعض الحقائق الأساسية التي تساعدنا على الإجابة عليه، إذا درسناها بتدقيق:

أولاً قلب طاهر

«إِنْ رَاعَيْتُ إِثْمًا فِي قَلْبِي لاَ يَسْتَمِعُ لِيَ الرَّبُّ» (مزمور 18:66) هكذا يقول داود مبيناً أهمية القلب الطاهر.

الخطايا الدفينة التي تمسكنا بها بشدة، ولم نرغب في تسليمها للرب، ما أشد خطرها، ثم ما أبغضها وأرذلها لدى الله!

اعزائي المستمعين هنا موطن الداء وسر الفشل وضياع المجهودات الكثيرة التي بذلناها لقيادة النفوس إلى المسيح عن طريق خدماتنا. انظروا إلى شعب الله قديماً، لقد نالوا انتصاراً ساحقاً أمام شعب أريحا، وقد سبق الله فأنذرهم حتى يحرموا غنائم المدينة. ولعلهم كانوا يعتقدون أن أمر الله قد نفذ تماماً، ولم ينقض. ذهب يشوع ورجاله بعد ذلك ليأخذوا عاي ولم يتوقعوا سوى النصر كما حدث أمام أريحا. ولكن لدهشتهم هزموا هزيمة منكرة. وسقط يشوع أمام تابوت الله. وابتدأ يشكو أمام الله. فوافاه الله قائلاً: «فِي وَسَطِكَ حَرَامٌ يَا إِسْرَائِيلُ» (يشوع 7: 13). هكذا انكشف الأمر. كان يشوع يجهل كل شيء، لكن الله كان يرى كل شيء. أخيراً، أعترف عاخان بخطيته وعصيانه لأمر الله. وأخذه من غنيمة أريحا، فرجم، وانتزع الحرام، وأصبح الشعب مقدساً من جديد. بعد ذلك بذلت محاولة أخرى لهزيمة عاي فكان النصر حليف شعب الله.

أيها الأخ والاخت: هل تريد أن تربح نفوساً؟ أنظر إلى أعماق قلبك. هل أنت طاهر من كل خطية، حتى ولو كانت خطية واحدة، خطية صغيرة، أصغر الخطايا جميعاً؟ ثم هل ترغب في تسليمها للرب؟ وإذا اكتشفت الخطية، ولكنك لم تسلمها للرب فأترك الصلاة لأجل النفوس، لان القدير لن يستمع لك.

ما أفظع الخطية! إنها تحرمنا من بركات كثيرة، بسببها تهلك النفوس، ونحن نموت جوعاً، مع أن الله على استعداد أن يباركنا ويملأ كل احتياجنا.

ثانياً فرح الروح

«رُدَّ لِي بَهْجَةَ خَلاَصِكَ، وَبِرُوحٍ مُنْتَدِبَةٍ اعْضُدْنِي. فَأُعَلِّمَ الأَثَمَةَ طُرُقَكَ، وَالْخُطَاةُ إِلَيْكَ يَرْجِعُونَ» (مزمور 12:51 و13).

من هذه الآية يتضح لنا أننا إذا أردنا أن نربح نفوساً للرب يجب أن تمتلئ قلوبنا بفرح الروح. داود هنا لا يصلي لأجل الخلاص لأنه نال الخلاص بالفعل. ولكنه يطلب لأجل بهجة الخلاص حتى يرجع الخطاة.

اسمعوا يا أصدقائي: إن ربنا يسوع لم يأت إلى العالم ليقدم لنا ديانة الحزن، فديانته ديانة البهجة والسعادة والسلام. بل ليساعدنا القدير حتى نفهم هذه الحقيقة ونترك ثياب الحداد ونرتدي حلل البهجة والحياة والغبطة.

ثالثاً هاتوهم للمسيح

«فَلْيَعْلَمْ أَنَّ مَنْ رَدَّ خَاطِئًا عَنْ ضَلاَلِ طَرِيقِهِ، يُخَلِّصُ نَفْسًا مِنَ الْمَوْتِ، وَيَسْتُرُ كَثْرَةً مِنَ الْخَطَايَا» (يعقوب 20:5).

لنذكر أن لدينا قوة لإحضار الخطاة إلى المسيح. ويا له من شرف عظيم وامتياز مبارك ذاك الذي وهب لنا!

إن أفضل قاعدة. لربح النفوس هي ألا تكون هناك قاعدة. امتلئ فقط من الروح القدس، وهو الذي يوجهك لأن هذا عمله هو.

رابعاً مسؤولية خطيرة

آه! ما أعظم المسؤولية! يا أصدقائي، هل نحن أمناء؟ هل قمنا بواجبنا؟ هل نقدر أن نضع أيدينا على قلوبنا اليوم ونطمئن، بينما صوت الله يرن في آذاننا ويطالبنا بدم النفوس؟ وهل نقدر أن نرفع عيوننا نحو الله دون أن نهتز ونرتعد؟

لنفرض أن هذا العمل يكلفنا تضحيات كثيرة. فلنفكر في البركات العظمى التي نحصل عليها ويحصل عليها الذين يخلصون بواسطتنا.

كان فلاح يسوق عربة بحصانين في المدينة. ثم وقف أمام أحد المخازن لقضاء حاجة. وكان على وشك أن يدخل المخزن عندما رأى الخيل تجمح وقد اعتراها خوف عظيم، فأسرع وقفز أمامها وأمسك اللجم بشجاعة نادرة. ولكن الخيل كانت قد جن جنونها فاندفعت في الشارع المنحدر، ولا زال الرجل ممسكاً باللجم. استمرت الخيل في اندفاعها ثم وقفت فجأة على عقبيها، ثم قفزت فوق الرجل وسقط الجميع على الأرض. جاء الناس وحاولوا إنقاذ الرجل الجريح لكنهم وجدوه في النزع الأخير. تقدم إليه أحد الأصدقاء، وانحنى فوقه بلطف، وسأله: لماذا ضحيت بحياتك لأجل عربة وخيول؟

فأجاب الرجل في حشرجة: اذهب وأنظر داخل العربة.

ذهب الرجل والحاضرون، ونظروا داخل العربة فوجدوا ابن الرجل الصغير نائماً في القش الدافئ في داخل العربة، فوقفوا صامتين.. ولما كانوا يودعون جسد الرجل الممزق الى مقره الأخير، لم يقل أحد إن تضحية الرجل كانت أكبر مما يجب، لأنهم عرفوا السبب.

أيها المؤمنون: هل أدينا واجبنا؟. وهل أديناه بأمانة حتى الموت؟