العودة الى الصفحة السابقة
الشهادة ليسوع

الشهادة ليسوع

جون نور


«لكِنَّكُمْ سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ، وَتَكُونُونَ لِي شُهُودًا فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ» (أعمال 8:1).

كلمة واحدة في هذه الآية هي موضوع هذه الرسالة، وهي «الشهادة» وإن فتشت عن الكلمات: «شهد» «يشهد»، «شاهد»، الموجودة في سفر الأعمال، ستجد أنها موجودة بما لا يقل عن 33 مرة في سفر أعمال الرسل فقط. وكلمة «شاهد» أو «شهود» وجدت أول مرة في (سفر الأعمال 8:1)، حيث اقتبست الآية كما تقرأ هكذا: «لكِنَّكُمْ سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ، وَتَكُونُونَ لِي شُهُودًا فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ».

اعزائي المستمعين إن الشهادة هي سر نجاح الكنيسة، لا يمكنك شرح وتفسير بركة الله، وآلاف النفوس التي ربحت للرب والآيات العظيمة والصلوات الكثيرة المستجابة في الكنائس في أيامنا، إلا من خلال هذه الحقيقة، إنها كنائس شاهدة. نحن نعلم أن الكنائس في سفر الأعمال لم تكن مبانيها جميلة، ولم تسمع عن نظام أجهزة الصوت والخطب العامة ولا التليفزيونات. في هذه الكنائس.

حتى أشد منتقديهم اعترفوا أنهم «ملأوا أورشليم بتعليمهم». بعض علماء الإنجيل يقولون أنه في الاثنى عشر شهراً الأولى حوالي ثلاثين ألف نفس خلصت واعتمدت وانضمت إلى الكنيسة.

لاحظ وصف نمو هذه الكنيسة الأولى في سفر الأعمال وأنها كانت قوية مملوءة بالروح القدس وممتدة إلى أبعد مدى للناس خارج نطاقها.

الشهادة لها الأهمية الأولى في الكنيسة . أنظر ليسوع، بعد موته على الصليب وقيامته من القبر، ظهر للتلاميذ هنا وهناك... ظهر لواحد ثم لاثنين أو ثلاثة، ثم 500، مدة أربعين يوماً وأربعين ليلة. أخذ تلاميذه وانطلق إلى هضبة جبل الزيتون نحو بيت عنيا الصغيرة. وأثناء سيره، تحدث إليهم. وقبل أن تسطع السماء بمجد الله، وقبل أن يرجع يسوع للمجد، قال لهم: «لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم وتكونون لي شهوداً» . فكلماته الأخيرة قبل صعوده للمجد كانت «وتكونون لي شهوداً» . ما هو أهم برنامج لله في الكتاب المقدس، وفي قلب يسوع المسيح. أهم شيء هو موضوع الشهادة!

عندما تفقد كنيسة قوتها للشهادة، تكون قد فقدت قوتها لربح النفوس وتوقفت عن أن تكون كنيسة كتابية أو كنيسة عهد جديد.

كثير من الناس عاملون في (حقل الرب) لكن قليلين هم شهود. كثير منهم قادة، لكن قليلين شهود. وكثيرون مسيحيون، لكن قليلين شهود أمناء ليسوع.

إن أردت أن تكون شاهداً قوياً مثمراً، هنالك صفات موضوعة في الكتاب المقدس ينبغي أن تكون فيك.

1 – الشاهد الحقيقي هو الذي يشهد فعلاً

عندما يجتمع اثنان من المؤمنين أو ثلاثة ينبغي أن يكون موضوع حوارهم عن محبة يسوع، فالله يريد لكل مؤمن أن يكون شاهداً، ويريد منك أن تكون شاهداً وتتحدث عنه. ولو كان المسيحيون يقضون وقتاً يتحدثون فيه عن يسوع ومساوٍ للوقت الذي يتحدثون فيه عن الناس لربحوا كثيرين، لكنا قد ربحنا الآلاف للمسيح وهم الذين تركناهم يذهبون للجحيم.

هناك آية عجيبة: «اَلشَّاهِدُ الأَمِينُ مُنَجِّي النُّفُوسِ» (أمثال 25:14). إن الشاهد الحقيقي المولود ثانية يخلص أي شخص؛ وإحدى علامات أو مميزات الشاهد هي أن يشهد.

2 – الشاهد الحقيقي هو الذي يشهد في كل مكان

أصبحت مسيحية القرن الحادي والعشرين مسيحية الكنائس فقط، وهذه لعنة كبرى. فالناس يكونون مسيحيين في بيت الرب، وفي يوم الرب (الأحد). هل لاحظت ذات يوم في سفر الأعمال أين كان يشهد المسيحيون الأوائل؟ أولاً شهدوا في المجمع الذي لا ينتمون إليه ولم يتكون من شعبهم، بل كان يشمل اليهود غير المؤمنين بيسوع. ومع ذلك ذهب المسيحيون لهؤلاء الذين في المجمع وكلموهم بالإنجيل.

عندما ينشغل المؤمن عن الشهادة، فإنه ينشغل عن اقتناء يد وقوة الله في حياته ولا يهمني مقدار تدينه، بل الشيء الذي يحزن قلبي هو هذا النوع من مؤتمرات دراسة الكتاب المقدس والمسيحية والذي يتحدث عن الحياة العميقة ويسجل بعض الأشياء في كراس لكنه لا يعمل أي شيء لكي يربح نفساً ضالة ليسوع المسيح، وهذا ما لا أهتم به ولا أظن أنه يضيف شيئاً.

المؤتمرات أكثر مما تعدها في برامج الكنيسة والموسسات المسيحية حتى انه لا يوجد مؤمنون متواجدين في الكنائس بقدر المتواجدين في المؤتمرات. سؤالي هل استخدمنا في يوم من الأيام هذه المجلدات الضخمة التي دونا فيها خطط ربح النفوس على أرض الواقع.

3 – الشاهد الحقيقي لا يتوقف عن الشهادة

الشاهد الحقيقي لا يكف أو يتخلى عن الشهادة. قال بولس: «بقيت» أي «استمريت» إلى هذا اليوم، إذا دققت في هذا التعبير، ستجده يعني «أظل صامداً لا أتزحزح عن موقفي» وبمعنى «لن أتخلى قط». فالشهادة عمل خير ولن نكف عن عمل الخير: «فَلاَ نَفْشَلْ فِي عَمَلِ الْخَيْرِ لأَنَّنَا سَنَحْصُدُ فِي وَقْتِهِ إِنْ كُنَّا لاَ نَكِلُّ» (غلاطية 9:6).

ماذا يعني إيمانك، أو إيمان الكنيسة، إذا كنا لا نعلنه؟ ربما نكون أصحاء تماماً من جهة التعليم، ولكن إن لم نعلنه فلن يستفيد منه أحد. وعظ بولس بكلمة الله ولا شيء سوى كلمة الله، لقد وعظ عن الميلاد العذراوي، والموت النيابي، والرجوع المنظور ليسوع، وركز كل هذا في شخصية مجيدة وجميلة، يسوع المسيح. هذا ما يريدنا الله أن نعمله يا مؤمنون. فالله يريد منا أن نشهد.

أصدقائي، إذا أستحوذ الكتاب المقدس على قلوبكم وعقولكم وقلبي وعقلي، وأشعل فينا النار (الإلهية) فالمدينة التي نحيا فيها. ستعرف ذلك. إني مهتم ومنشغل من جهة المكان، وأكاد لا أفكر في شيء سوى الجموع التي لم يمكننا أن نصل إليها لأجل المسيح. لا ينبغي على كنيسة أن تقف صامدة في مكانها، فهي إما أن تذهب للأمام تحت يد معونة الله وهذا هو المكان الذي تذهب إليه الكنيسة المباركة المدعوة من الله، وإما أن ترجع للوراء لاحظ ما تفعله كلمة الله: تجدد وتهدي. «مَوْلُودِينَ ثَانِيَةً، لاَ مِنْ زَرْعٍ يَفْنَى، بَلْ مِمَّا لاَ يَفْنَى، بِكَلِمَةِ اللهِ الْحَيَّةِ الْبَاقِيَةِ إِلَى الأَبَدِ» (1بطرس 23:1).