العودة الى الصفحة السابقة
التشكيك في الكتاب المقدس

التشكيك في الكتاب المقدس

جون نور


إن كل من يقرأ الكتاب المقدس لا بد وأن يعترف بأن هذا الكتاب كتاب فريد، ففي حين تلاشت من الوجود كتابات كثيرة كانت معاصرة له بقى الكتاب المقدس كتاباً له تأثير قوي عبر التاريخ حياً وبارزاً في حياة الأفراد والمجتمعات. فحيثما ذهب الكتاب المقدس سار التقدم والاستنارة، لقد حاول الكثيرون ملاشاة الكتاب المقدس في حين كان اقتناء نسخة منه جريمة خطيرة مصيرها الموت. مع ذلك آثر ألوف المسيحيين أن يموتوا من أن يسلموا هذا الكتاب الذي أحبوه. الكتاب المقدس يبني عليه المسيحيون إيمانهم لأن له أهمية بالغة في حياتهم. لأنه يعتبر كلمة الله والسلطان الوحيد للإيمان المسيحي، لأن في هذا الكتاب. يوجد إنجيل ربنا يسوع المسيح وتعاليمه لنا نحن الذين دعي اسمه علينا.

المسيحية هي العيش بموجب تعاليم هذا الإنجيل والسير فيها فأين مسيحية الإنجيل اليوم، نعم توجد مسيحية التقاليد والتقليد وتوجد مسيحية العيش كما يحق للحياة، وكما يحق للظروف وكما يحق للحياة الاجتماعية. ولكن أين المسيح في كل هذه. الحياة المسيحية الحقيقية هي العيش كما يحق لإنجيل المسيح. فقط كما يحق لإنجيل المسيح.

لقد عرف الشيطان بأنه إن أراد أن يهزم الإيمان الذي في العالم فلا بد أن يهزم أساس هذا الإيمان.

حاول الشيطان قبل الصليب أن يقول للمسيح ولو في صورة تلميذ. حاشاك يا رب أن تُصلب. وقد أدرك يسوع هنا أن الجسم جسم بطرس ولكن الصوت صوت الشيطان. فقال له اذهب عني يا شيطان. أنت معثرة لي. وكأنه يقول أنت تعمل ما للناس وليس ما لله فالصليب ليس شيئاً اعتراضياً في حياتي بل إنه لأجل هذا قد جاء ابن الإنسان. لكي يُصلب وفي اليوم الثالث يقوم. حتى وهو فوق الصليب لم ييأس الشيطان من أن ينزله عن الصليب. فقال له في صورة اللص إن كنت أنت ابن الله فانزل عن الصليب «خَلِّصْ نَفْسَكَ وَإِيَّانَا!» (لوقا 23: 39) ولو نزل يسوع من فوق الصليب قبل أن يقول قد أكمل لتغير وجه التاريخ نهائياً.

لقد حاول الشيطان أن يشكك في حقيقة الصلب بعد أن فشل في إنزاله عن الصليب ولكن ديانة بغير صليب هي ديانة غير قادرة على أن تكفر عن جرم الإنسان. ولا يمكن أن تصنع ترضية أمام العادل الديّان. ألم يكن بمقدور اليهود قتله. وألم يكن بمقدور المسيح عندما ألقى اليهود القبض عليه ليصلبوه. أن يرتفع بمجد أمام أعينهم. ولا يُصلب بدلاً منه... ثم ألم يكن الشخص الذي أوقع عليه الشبه ألم يكن قادراً أن يصرخ ويملأ الدنيا صياحاً أنا لست هو. كلا لم يحدث ذلك إطلاقاً.

لماذا أؤمن بالكتاب المقدس؟

ما هو الدليل على صدق هذا الكتاب العظيم، لا يستطيع أي شخص يريد أن يتكلم عن هذا الموضوع بالذات. إلا وتمتلكه حيرة، قلت في نفسي هل تحتاج الشمس المشرقة إلى برهان يثبت صدق شروقها. ونورها يملأ الكون ودفئها يعم البلاد وجميع العباد. وتذكرت ما قاله أحد الأتقياء في هذا الصدد:

أي ما يشهد به هذا الكتاب المقدس عن نفسه فهو أول كتاب في الوجود حدثنا عن الله الواحد الخالق. أول كتاب في الدنيا قبل أن يعرف أحد قصة الخليقة قال بكل بساطة في أول آية من آياته «فِي الْبَدْءِ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ» (تكوين 1: 1).

أول كتاب حدثنا عن سرّ وجود الكون وخالق الكون ووحدة الكون وعن الصانع المقتدر للكون. إن هذا الكتاب هو تاريخ ما قبل التاريخ فقد رجع بنا إلى تاريخ ما قبل أن يوجد تاريخ في هذه الأرض. ليصور لنا كيف كانت الأمور.

ومما يؤكد أنه كتاب الله. أن ما كُتب فيه هو أعظم من تصور العقل البشري. فكيف يمكن أن يكون من قريحة البشر؟

إن الله الذي أقدر أن أفهمه بعقلي ليس هو بإله لأن الله لا بد أن يكون فوق العقل، هنالك فرق وفرق كبير عندما يتحدث الكتاب المقدس بتعاليم فوق المستوى البشري، وهذا يعني أن الله وحده قادر على أن يكشف عن نفسه للبشر في حدود معينة. وأن ما كشفه لهم قد يكون فوق عقولهم ولكنه ليس ضد عقولهم. ثم لاحظوا أن الكتاب المقدس كتاب تشريحي فهو لم يترك أحداً من القديسين أو الأنبياء إلا وشرحه وأظهر حسناته ومساوئه وعيوبه. لا سيما وأن غيرنا يؤمن بعصمة الأنبياء. وهم يهاجموا الكتاب المقدس. ويقولوا بأنه يهاجم الأنبياء ويتهمهم بالسقوط في الخطية وهذا من أقوى الأدلة على صدق الكتاب المقدس فالكتاب المقدس شرح حتى كاتبيه.

يحتوي الكتاب المقدس على تاريخ شامل يشمل حياة عشرات الأمم والشعوب. مثل العمونيين والموآبيين والإسماعيليين والمصريين والبابليين والفرس واليهود. وتكلم عن الكثير من معالم وحضارات العالم الكبرى. وقراها الصغيرة مثل بابل وصور وصيدا ويافا وغزة. ثم تحدث عن ملوك كثيرين من المصريين والأشوريين والإسرائيليين. ومن العجب أن الكتاب المقدس والتاريخ يلتقيان معاً ليؤكدا التوافق التاريخي لهذا الكتاب العظيم.

القديس أغسطينوس أشر خاطئ والذي حارت فيه أمه وحملته أياماً وليالي في صلواتها ودموعها... غيّره هذا الكتاب عندما سمع صوتاً يقول له خذ واقرأ عندما كان غارقاً في الخطية ويعيش مع امرأة خاطئة... فتح الكتاب وقرأ وغيّره كتاب الله الذي يغيّر شعوب العالم وقلوب الناس. يا ليته يغير قلبك أيضاً.