العودة الى الصفحة السابقة
الويل إذا ابتعدت عن الله

الويل إذا ابتعدت عن الله

جون نور


لوقا 13:10 – 15 «وَيْلٌ لَكِ يَا كُورَزِينُ! وَيْلٌ لَكِ يَا بَيْتَ صَيْدَا! وَأَنْتِ يَا كَفْرَنَاحُومَ الْمُرْتَفِعَةُ إِلَى السَّمَاءِ! سَتُهْبَطِينَ إِلَى الْهَاوِيَةِ».

نطق الرب يسوع بهذه الكلمات في نهاية خدمته العلنية التي استمرت ثلاث سنين.

لقد كانت هذه الكلمات بمثابة الوداع الأخير للجليل التي صرف فيها معظم وقته ومعظم حياته والتي من على تلالها نطق بتعاليمه الخالدة وصنع معظم معجزاته.

فبينما كان يسوع وتلاميذه على ظهر السفينة في بحيرة طبريا للمرة الأخيرة، وقع نظره على صيدا وكفرناحوم وكورزين وكان هذه بالنسبة ليسوع منظر الوداع لتلك المدينة.

لقد جاء ابن الله ليخلص الناس من الهلاك ولكن كورزين وبيت صيدا وكفرناحوم رفضته ولم تقبل تعاليمه. وهذه هي المرة الأخيرة التي ستسمع فيها كورزين وبيت صيدا صوت ابن الله مخلص العالم.

لقد كان العالم في ذلك الحين يطوب بيت صيدا وكفرناحوم الغنية الموسرة ذات الثروة والرخاء. أما يسوع فيعطي حكماً مناقضاً لحكم العالم (متّى 20:11).

حينئذ ابتدأ يوبخ المدن التي صنعت فيها أكثر قواته... إذا حكمنا بحسب الظاهر وجدنا أن للناس الحق أن يطوبوا كورزين وبيت صيدا.

ولو كان المسيح موجوداً اليوم وتجاسر ونطق بالويلات على عمان وبيروت وباريس والقاهرة ودمشق وبغداد، لقالوا أنه مجنون ومتعصب ومتنسك أو متشائم، أو نبي شرير.

اليوم إن زرتم بحيرة طبريا تجدون شواطئها ملأنه بالزنابق والأزهار وجمال الطبيعة التي أبدعتها يد الخالق. ولكن أين كورزين وأين كفرناحوم المرتفعة، زالت كلها، ولم يبق منها حجر على حجر أين الرخاء زال، أين الأزهار، أين الثروة والبناء، زالت كلها.

أحبائي:

لا تحسبوا أن الله ظالم عندما يعاقبنا، فعدا عن الامتيازات المادية التي كانت تتمتع بها كفرناحوم وبيت صيدا وكورزين فقد كان لها امتياز روحي. ففي هذه المدن صنع يسوع أكثر معجزاته ونطق فيها بمعظم تعاليمه.

ولكن سكان تلك المدن هزئوا به وبتعاليمه ولم يقبلوه مخلصاً لهم بل كان بالنسبة لهم نجار الناصرة.

من هو يسوع لنا نحن الذين ولدنا في هذه البلاد التي نعتبرها مقدسه لقربها من من مكان ولادة المسيح المقدسة، نحفظ الإيمان، ونحن بعيدين كل البعد عنه، يسوع ولد قريبا منا ولكن ليس فينا، ما نفع كل هذه الامتيازات طالما لم تقبله وما زلت تعيش في خطاياك.

لقد كان سكان بيت صيدا وكفرناحوم كانوا منهمكين بأشغالهم، وتجارتهم، غاطسين في بحر اللذات والشرور فلم ينتبهوا لتعاليم الناصري، ولم يصغوا لصوته وإنذراته المتوالية مدة ثلاث سنوات. فمضت السنون الثمينة وذهبت الفرصة وجاء يوم الدينونة، ويل لك يا كورزين ويل لك يا بيت صيدا.

أيها الأحباء:

لنا في هذه العبارات دروس خالدة، فهذه نهاية كل مدينة وكل بلد، وكل عائلة، وكل فرد يرفض دعوة الله.

فمنذ 2000 سنة جاء المسيح إلى هذه البلاد واتخذها وطناً له. وسكن فيها 33 سنة وألقى فيها تعاليمه التي أنارت الكون.

مدن العالم اليوم تشبه مدينة كفرناحوم في زمن المسيح التي ارتفعت إلى السماء.

هل يقول لها: الطوبى والغبطة لك ولجمالك ورخائك وثقافة أبنائك وبناتك.

إن كلمة الله تتلى على مسامعنا منذ مئات السنين.وعلى مسامع أبنائنا وأولادنا.

فماذا كان جوابنا ألا تظنون أن مسؤوليتنا هي كمسؤولية أهل كورزين وكفرناحوم، الويل لك يا كورزين وبيت صيدا وكفرناحوم لأنها لم تتب، فهل تبنا نحن، ورجعنا إلى الله. حاجتنا هي إلى التوبة إلى توبة كاملة بسبب الشرور الاجتماعية التي ملأت البلاد، كذلك حياتنا العائلية تحتاج إلى توبة فكم من البيوت أصبحت تحت سيطرة الأرواح الشريرة، ومع أن يسوع صب ويلاته على بيت صيدا، إلا أنه خرج منها خمسة تلاميذ كانوا أنواراً متلألئة في سماء المسيحية. فخرج منها أندراوس وبطرس ويعقوب ويوحنا وفيلبس. فهل أنت في عداد الذين يتبعون يسوع أم الذين يرفضون. فأين نقف نحن إذاً. هل نقف مع فيلبس وبطرس ويعقوب ويوحنا وأندراوس الذين سمعوا دعوة المسيح وأطاعوها وتركوا كل شيء وتبعوه. أم مع بيت صيدا وسكانها الأغبياء.

أي نير نحمل. نير العالم أم نير المسيح.

ففي زمان المسيح كما هو اليوم كانت أشجار الزيتون والكروم تتوج التلال المجاورة للبحيرة بالإضافة إلى الزنابق الملونة التي تفرش شاطئ البحيرة الغربي كأنه السجاد المزركش.

وبالإضافة إلى جمال الطبيعة التي اسبغتها يد الخالق على تلك المدن، فإنها كانت تتمتع بشيء أعظم وهو الرخاء والثروة، فقد كانت تلك المدن بأوج نجاحها التجاري، ووصلت قمة الثروة والرخاء، ومع أن المسيح رأى هذه المدن في جمالها الطبيعي ورخائها العظيم إلا أنه نطق عليها بالويل وقال: «وَيْلٌ لَكِ يَا كُورَزِينُ! وَيْلٌ لَكِ يَا بَيْتَ صَيْدَا! ووَيْلٌ لَكِ يَا كَفْرَنَاحُوم».

لماذا نطق يسوع بهذه الويلات؟

لا ريب أن هذه نظرة العالم آنذاك ولا ريب أنه بمثل هذه الهواجس افتكروا الذين سمعوا الويلات تتساقط من شفاة المسيح وهو على مياه بحر الجليل، وهل تظنون أن العالم بدل حكمه كثيراً هذه الأيام أليست الثروة والنجاح المادي هما هدف السواد الأعظم.

أليس الرخاء هو ما نسعى إليه بكل قوانا.

أليس الحصول على أجرة عالية ومعيشة أريح وأهنا.

ما هو هدف الفرد والعائلة في أيامنا هذه.

وهل تختلف حياتنا عن سكان كورزين وصيدا وكفرناحوم ليعطنا الرب رحمة ونعمة لكي تكون حياتنا وسلوكنا في ايام غربتنا على هذه الارض ضمن ارادته ومشيئته له المجد الى الابد امين.