العودة الى الصفحة السابقة
ولادة الكنيسة

ولادة الكنيسة

جون نور


أعمال الرسل 2

كان يوم الخمسين هو يوم ولادة الكنيسة. تلك الكنيسة التي أسسها بدمه وأسلم نفسه لأجلها لكي يقدمها عذراء عفيفة بلا لوم ولا دنس.

ودرب المسيح تلاميذه لمدة ثلاث سنوات لكي يقودوا هذه الكنيسة ولكن دون جدوى، فشل بعد فشل. وتخاذل بعد تخاذل.

فلمن يأتمن وعلى من يأتمن كنيسته. هل على بطرس مقدام الرسل الذي أنكره أمام جارية، أو توما الشكاك الذي لا يؤمن بدون أن يرى، أو يوحنا ويعقوب اللذان يريدان العظمة واحد عن يمينه وواحد عن يساره، كان التلاميذ مجموعة تناقضات تعيش مع يسوع. ولكن جاء ذلك اليوم. يوم الخمسين حيث حول الروح القدس هذه التناقضات إلى قوى إلهية استطاعت أن تدك حصون الشرير. وتبني ملكوت الله، وكانت ولادة الكنيسة بداية عمل جديد.

1 - انضم في ذلك اليوم ثلاثة آلاف نفس.

2 - وكان الرب يضم كل يوم الذين يخلصون.

3 - اعتمد في ذلك اليوم ثلاث آلاف نفس.

4 - وكانوا يواظبون بنفس واحدة على الصلاة والطلبة وتعليم الرسل والشركة وكسر الخبز والصلوات.

لقد كانت الكنيسة الأولى كنيسة مرضعة، منتجة ناهضة.

الكنيسة قديماً كانت تحس بأنها غريبة والعالم أيضاً يعتبرها غريبة. وهذه هي هوية الكنيسة. أنتم لستم من هذا العالم. الكنيسة مكروهة لأن رسالتها غريبة. فالكنيسة تعيش في العالم مكروهة مضطهدة. لأنها لا تشهد للعالم بل تشهد على العالم بأن أعماله شريرة.

الكنيسة هدفها هو أن تروج قضية الصليب. لذلك فهي بحاجة إلى قوة غير عادية. قوة إلهية سماوية. وبحاجة إلى سلاح غير موجود في هذا العالم (سر القوة) في الكنيسة (هو وحدانية الكنيسة) وروح عدم الانسجام في الكنيسة يفسد الكنيسة.

فعندما تنفصل الكنيسة عن رأس الكنيسة الذي هو المسيح لا تعود تدعى فيما بعد كنيسة. الكنيسة ليست المبنى بل أنا وأنت الكنيسة. الكنيسة «هي جماعة المؤمنين».

لكن الناس أطلقوا على الكنيسة أسماء كثيرة وتعاريف كثيرة، فالبعض يعتبرون الكنيسة:

1 - الكنيسة مستشفى

يقول البعض عن الكنيسة بأنها مستشفى لأنها تطبب النفوس، البعض يحاول أن يجعل الكنيسة مكان لسد وتضميد آلام الناس الجسدية غير عابئة بأمراضهم الروحية.

ما النفع إن أطعمت فقيراً وكسيت مسكيناً وعلمت محتاجاً للعلم ولم تعطه يسوع. كل ما عملته في حياتك، إنك ترسل إنساناً للجحيم شبعاناً ومكسياً ومتعلماً لا أكثر ولا أقل.

2 - الكنيسة ملجأ:

الملجأ هو للعاطلين عن العمل، أو المرضى أو المتقاعدين بسبب الشيخوخة أو المرض. والكنيسة لم تكن فقط من أجل هؤلاء ولم توجد لهذه الأسباب.

الكنيسة هي خلية نحل تعمل باستمرار. النحل يعمل صورة متواصلة. أناس يعملون وأناس يستريحون ودواليك إلى ما لا نهاية.

الكنيسة تعمل ليلاً ونهاراً. فنحن قد استلمنا عمل واحد وعشرين قرناً وما زال هذا العمل مستمر إلى هذا اليوم، أنا أعمل وأبي يعمل ونحن نعمل حتى نسلمها إلى جيل آخر يأتي بعدنا إذا تأخر مجيء الرب.

إذاً لا مكان هناك للمتقاعسين في كنيسة المسيح، فنحن لسنا أفضل من يسوع، أو أفضل من بولس صانع الخيام.

لكن كثيرين أيضاً الكنيسة بالنسبة لهم هي أكثر من مستشفى أو ملجأ بل هي:

3 - كنيسة مرهبة كجيش بألوية:

الكنيسة ضعيفة جداً في نظر العالم لكنها مرهبة روحياً وهذا إن كانت منضبطة روحياً.

مرهبة بقداستها متى تمسكت بالمسيح وتفقد قداستها متى تمثلت بالعالم.

لكن أين يكمن سر الكنيسة وسر قوتها:

1 - في الابتعاد عن الخطية:

ما هي الخطية. تعريف الخطية ليس عند الناس بل في الكتاب المقدس. كل إثم هو خطية. من يعرف أن يعمل خير ولا يعمل فهذه خطية كل تقصير عن مستوى القداسة أو المستوى الذي يطلبه الله منا خطية.كل ما لا ينسجم مع الإرادة الإلهية خطية.الكتاب المقدس يقول كان الرب يضم كل يوم الذي يخلصون.

2 – وقوة الكنيسة تكمن في الأسوار العالية:

سفر الرؤيا يقول عن المدينة المقدسة ان لها أسوار عالية، ونعرف بأن الإنسان دائما كان يبني الأسوار العالية أمام بيته ومدينته خوفاً من الأعداء والحيوانات المفترسة، نرفع الأسوار أمام العالم ومغريات العالم لكي لا يدخل العالم إلى الكنيسة. نرفع أسوار كنيستنا لكي لا يفسد العالم طهارة الكنيسة، علينا أن نرفع أسوار كنيستنا حتى نمنع الثعالب الصغيرة المفسدة الكروم. حتى لا يدخل فينا العالم والأمور التي في العالم. دائماً لا بد أن نعلي الأسوار ولكن كثيراً ما نوطي الأسوار وماذا يحصل، يدخل العالم ومشاكل العالم إلى الكنيسة وتتنازل الكنيسة عن أمور كثيرة وتجاري العالم في مشاكله.

يقول الرب اعتزلوا من وسطهم أي لنبتعد عنهم، ولنطهر نفوسنا من كل دنس العالم.

3 - وقوة الكنيسة تكمن في الالتصاق بكلمة الله:

أي التمسك بصورة الكلام الصحيح يقول الكتاب: في آخر الأيام يجمعون لأنفسهم معلمين مستحكة مسامعهم. يضلونكم ويبعدونكم عن كل تعليم صادق.

إن كلمة الله هي الأساس المتين.الزهر سقط ولكن كلمة الله ثابتة إلى الأبد لا تسقط.

كثيراً ما نتبع مشورة الضمير ونترك إرادة الله وكلمته، ونبرر مواقفنا، ونريح أنفسنا بأن الرب هو الذي أرشدنا إلى هذه الأمور.

ليت الرب يساعدنا حتى نبتعد عن الخطية ونعلي أسوار كنيستنا، ونلتصق بكلمة الله ونسير جنباً إلى جنب في بناء الكنيسة يوم بعد الآخر.

لا ننسى أنه لا يوجد مكان للمتقاعسين في كنيسة المسيح من لا يعمل يأخذ منه ويعطى للآخرين.