العودة الى الصفحة السابقة
المال ومكانه في حياتنا

المال ومكانه في حياتنا

جون نور


لا نستطيع أن نتخيل أن إنساناً ما يعيش بدون اهتمام بالمال.

إن حياتنا تسعى نحو النجاح، ليدر لنا النجاح مالاً، به نستطيع أن نسدد احتياجاتنا الضرورية وليحقق لنا أيضاً حياة الرفاهية.

وبالمال تخدم الكنيسة وبالمال ينتشر الملكوت، وبالمال ندعم عمل الله، شهادة لاسم يسوع. وهكذا صار المال جزءاً لا يتجزأ من حياة الإنسان.

والكتاب المقدس يذكر ضرورة العمل لكسب العيش، حتى السيد المسيح كان يعمل نجاراً، وبولس الرسول كان يسدد احتياجاته عن طريق صناعة الخيام.

والدولة تحتاج للمال ولذا قام المسيح بدفع الضرائب. فاعطي ما لقيصر لقيصر وما لله لله. إذاً المال ضرورة لا نستطيع الاستغناء عنها. لكنه أيضاً تجربة وامتحان سواء كان كثيراً أو شحيحاً.

المال امتحان: يقول الكتاب: «حَيْثُ يَكُونُ كَنْزُكَ هُنَاكَ يَكُونُ قَلْبُكَ» (متّى 6: 21) فعندما نكتنز في الأرض تتعلق قلوبنا بالأرض وإذا اكتنزنا بالسماويات تتعلق قلوبنا بالأبديات.

المال امتحان وتجربة للإنسان، إذا انشغلنا به تستنزف طاقاتنا في جمعه فنفقد الأبديات ويقول الرسول بولس: «مَحَبَّةَ الْمَالِ أَصْلٌ لِكُلِّ الشُّرُورِ، الَّذِي إِذِ ابْتَغَاهُ قَوْمٌ ضَلُّوا عَنِ الإِيمَانِ، وَطَعَنُوا أَنْفُسَهُمْ بِأَوْجَاعٍ كَثِيرَةٍ» (1تيموثاوس 10:6).

إن المال يشكل خطورة، لأنه يشكل تجربة متجددة يومياً بين أيدينا. إنه جزء من نسيج حياتنا ولذلك يقول الرسول بولس للشعب: «لِتَكُنْ سِيرَتُكُمْ خَالِيَةً مِنْ مَحَبَّةِ الْمَالِ» (عبرانيين 13: 5) كما يقول للخادم: «ارْعَوْا رَعِيَّةَ اللهِ... لاَ لِرِبْحٍ قَبِيحٍ بَلْ بِنَشَاطٍ» (1بطرس 2:5).

محبة المال ترتبط بالطمع ولقد عرف أحدهم محبة المال، بأنها تطلب المزيد عما عندي ولو قليلاً فإذا كان عندي 100 دينار أو جنيه اطلب أكثر من المائة وإذا كان عندي مليوناً أطلب أكثر من المليون. إن الطمع هو الرغبة في المزيد.

جاء شخص إلى المسيح يسأله قائلاً: «يَا مُعَلِّمُ، قُلْ لأَخِي أَنْ يُقَاسِمَنِي الْمِيرَاثَ» (لوقا 12: 13). وهذا يعني أن أخاً طماعاً أراد أن يأخذ الكل لنفسه.

قد يدخل الطمع في علاقات الإخوة أو الأزواج أو الآباء والأبناء.

ليس الغنى عيباً ولا الفقر فضيلة. لكن الخطورة تكمن في ارتباط الإنسان بالماديات.

فقد كان نيقوديموس رجلاً غنياً، وكان لابني زبدى وفرة مالية وسفن صيد. وكانت النساء الثريات يتبعن يسوع.

وقد يكون من مخاطر المال الكبرياء والتكبر كما قال بولس الرسول: «أَوْصِ الأَغْنِيَاءَ فِي الدَّهْرِ الْحَاضِرِ أَنْ لاَ يَسْتَكْبِرُوا» (1تيموثاوس 17:6) فقد يظن الإنسان الثري أنه أفضل من سواه الذي لا يملك مثله. حتى في الكنيسة قد نجوز في التحيز والمحاباة بين الغني والفقير. وهذا ما حدث في الكنيسة الأولى...

قد نظن أنه بالمال نؤمن مستقبلنا ومستقبل أولادنا. هذا صحيح ولكنه ليس كل الصحة. لأن الحياة أكثر من مجرد الطعام واللباس فإن حياة الإنسان لها أبعاد أعظم جداً مما يأكله ويلبسه ويفعله في حياته على الأرض إنها امتداد لحياة روحية، تشبع في هذا العالم وتمتد إلى الأبد. لكن المال كزهر العشب، أساس غير مضمون وقد يعمي الإنسان عما هو أعظم وعما هو أبقى.

تحدث المسيح في مثل الزارع عن البذار التي سقطت وسط الشوك. وفسر المسيح المثل بأن الشوك هو هموم الحياة وغرور الغنى. إن المال يعمي عين الإنسان فيركز على الأرضيات… في حين أنه عرياناً خرج من بطن أمه وعرياناً سيعود... كما قال أيوب.

لقد فدى الله الإنسان لا بفضة أو ذهب بل بدم كريم. بحياة رب المجد خالق السماء والأرض الذي يملك كل شيء. فهل أنت فقير؟

هناك غنى لا يستقصى هو غنى المسيح. هناك شبع للروح لا يدانيه شبع «كأن لا شيء لنا ونحن نملك كل شيء» لنا الحياة لنا المسيح لنا الملكوت لنا الأبدية. الق باحتياجاتك عليه.

في مثل الغني ولعازر نقرأ أن الغني قد دين... لم يدن الغني لما فعله لكنه دين لما لم يفعله.. لم يهتم بلعازر، ويدين الكتاب التخلي عن المسؤولية، سواء الأفراد أم الكنائس.

أم الدول الغنية... لأن الإنسان وكيل على ما لديه من عند الله وسيحاسبه الله على ذلك. هناك أيضاً الاستغلال لمن يشتغل عندنا فلا يعطى ما يستحق. إنه أيضاً طمع في أخذ كفاح شخص بثمن أقل.

وأين نحن من كل ما سبق؟ كيف تحصل على المال؟ هل بكفاح أمين دون الإساءة لأحد؟

كيف تنظر إلى المال؟ هل تراه سيداً تخدمه وتكرمه. كيف تستخدم المال؟

هل تستخدمه كإمكانية لك ولعائلتك أم بحب نستخدمه لآخرين أيضاً؟

من الأهم في نظرك المال أم الناس؟