العودة الى الصفحة السابقة
هل ايماننا مزيف

هل ايماننا مزيف

جون نور


لو أتيح للرسول بولس أن يعود لزيارة الأرض التي جاهد عليها في سبيل إنجيل المسيح لتعجب لوجود أدلة ظاهرية جلية، لتقدم المسيحية العظيم. ولوجد أن الكنيسة التي كانت في عهده أقلية مضطهدة. هي اليوم محصنة تحصيناً راسخاً في المجتمع. لا بل هي دعامة أساسية في بعض المجتمعات العالمية. وسيجد في بعض المجتمعات أن الكنيسة تتمتع برضى الدولة وحمايتها.

وإن زار القرى والمدن لوجد في معظمها أبراجاً مرتفعة لتلك الكنائس في كل حي. هناك سيجد كاتدرائيات ضخمة. ومؤسسات مسيحية مختلفة، مستشفيات، ومدارس تابعة لتلك الكنائس. ولو تجول في أنحاء الكرة الأرضية لوجد جنود الناصري وجيوشه، منتشرين في أنحاء المعمورة في كل قرية ومدينة.

سنقول أن بطرس سيتأثر، بل يندهش كثيراً من هذه المشاهد لكنه سيرى في الوقت ذاته نفس العالم القديم ونفس الشرور القديمة تسيطر في كل ناحية. وسيندهش من قلة تأثير الكنيسة على العالم اليوم. ولو أتيح له الكلام مرة. فأنا متأكد بأنه سيقول هذا الكلام كما خاطب سكان أثينا قديماً.

بينما أنا أمر في هياكلكم وألاحظها اندهشت من كثرة معابدكم، وتعدد أنواعها، ويظهر لي أنكم متدينون كثيراً. ولكن اسمحوا لي أن أتجاسر وأقول لكم بأنكم تقليديون، وذو خرافات كثيرة فكنائسكم مبنية لتوافق الأذواق البشرية، والأهواء العالمية.

وسيقول متابعاً. لاحظت أيها المسيحيون أنكم تهتمون بالمحافظة على طقوس المسيحية التقليدية وتنسون جوهرها ولبابها، وهي الحياة كما يحق لإنجيل المسيح فما نفع كنائسكم إذا كانت تسلك مثل العالم ولا تقدر أن تغيره، تسلك حسب أساليب العالم ولا تحاول إصلاحها.

تشارك العالم في شروره ولا تحاول أن تتحداه وتوبخه بل تحاول أن تكسب رضاه.

ولكن كنيسة المسيح كما أعرفها هي وكيلة الله على الأرض، وما هو متوقع منها أن تتحدى العالم وتحتج على شروره وتعلن له إنجيل الخلاص.

من أعظم أسباب ضعف الكنيسة في العالم أنها كثيراً ما تتشبه في العالم وتكيف رسالتها لترضي أذواق الناس، ولا تزعجهم. ولا تغير أسلوب معيشتهم، ولا تقلب موائدهم. ولا تمس عاداتهم وتقاليدهم. إنهم يريدون مسيحية أليفة ساكنة صامتة، لا تخرمش تسير مع التيار. ولا تقف في وجهه وغايتها إرضاء الناس لا إصلاحهم.

في الأصحاح 22 من سفر الملوك نجد قصة رجل كان يطلب مثل هذا النوع من الدين. وكان له ما أراد كان هذا آخاب الملك. لم يكن آخاب ضد الدين.

لقد كان عنده 400 رجل دين في القصر يدفع لهم رواتب كثيرة، كان يريد ديانة أليفة لا تتنافى مع رغباته وطموحه، يريد ديانة عبدة ذليلة. يسيرها كما يشاء.

كان رجال الدين هؤلاء الأربعمائة مأجورين يقدسوا ويصلوا من أجل الرواتب التي يدفعها لهم الملك. بمعنى أن النبوة والدين لم يكن شيئاً اختبارياً عملياً في حياتهم، لأنهم باعوا ضمائرهم. ونبواتهم وتعاليمهم حسب أذواق من يدفع أكثر.

تنبأ ميخا رجل الله. فماذا قال. فتكلم بما أوحاه له الرب أنك ستموت في هذه الحرب وستلحس الكلاب دمك. والنتيجة أن الملك زجه بالسجن لأنه كما قال ميخا لا يتنبأ علي خيراً بل شراً.

لا أحد يقدر أن يقول بأن آخاب لم يكن متديناً ألا يكفي أن عنده (400 نبي يدفع رواتبهم). ولكن أولئك الأربعمائة لم يوبخوا في يوم من الأيام خطايا الملك الشرير.

ألسنا نتفاخر ونعتقد بأننا أفضل من آخاب. بيوتنا ملآنة صوراً. وبخور. وألسنا نصوم. ونوفي نذورنا للرب. ألسنا متمسكين بتلك النوعية من الديانة. التي لا تطلب منا إلا أن نسايرها. ديانة أليفة وهادئة وساكنة مخدرة. يقولون لنا رجال الدين اعمل ما تريد. لكن لا تنسى الكنيسة. لأن الكنيسة هي الأساس. ولكن أقول لكم إن الكنيسة التي لا تقدر أن تغير أعضائها وأفرادها يجب أن تغير.

لو كانت الكنيسة تطلب بحزم من كل أعضائها الاستقامة والصدق والأمانة في جميع أعمالهم في التجارة والوظيفة والطب والمحاماة. وكل من لا يرضى بهذه المبادئ ولا يمارسها بدقة. يطلب منه الخروج من عضوية الكنيسة، كم واحداً من المسيحيين يبقون في الكنائس.

لو كانت الكنيسة تفرض أن كل مسيحي عضو فيها يجب أن لا يمارس القمار، والمسكر، والرذائل القبيحة بكل دقة، كم مسيحي يبقى في كنائسنا. لو قررنا أو فرضنا أن الكنيسة تفرض على أعضائها ما هو مذكور في الكتاب المقدس أن المسيحي يقدم عشر ماله للرب. كم مسيحي يبقى في كنائسنا.

من الحماقة أن نظن أننا نهرب من الدينونة إذا أغلقنا آذاننا عن سماع الرسالة المملوءة بالتوبيخ من على المنابر، أو إذا كممنا أفواه رجال الدين، والأنبياء، لان يتكلموا عن ما ينبغي أن يتكلموا عنه. كما أن النعامة لا تنجو من خطر الصياد إذا أخفت رأسها تحت الرمل.

أي ديانة نختار لأنفسنا، هل نختار الديانة التي توافق ذوقنا ولا تتدخل في حياتنا وأطماعنا وميولنا.

أم نختار الديانة الحقيقية. التي تنقي ضمائرنا الفاسدة. وتوبخ أعمالنا الشريرة. وتسعد حياتنا.

هل تقبل ما جاء به يسوع نفسه؟

أو ما وضعه الناس بعد يسوع.

أتعلم لماذا لا نرى أشخاص كثيرين في كنيستنا. لأننا نوبخ وننتهر، وهذا صعب لنختار الأسهل والأبسط. والدينونة ليست علينا لأن هذا ما نعرف.

هل تسلك مع الرب بالتدقيق. هل تعمل ما يطلبه الرب منك، وليس الناس.