العودة الى الصفحة السابقة
الفرح المقوي

الفرح المقوي

جون نور


«لأَنَّ فَرَحَ الرَّبِّ هُوَ قُوَّتُكُمْ» (نحميا 10:8).

فرح الرب هو ملك خاص لكل واحد من أولاده. الكل يستطيع أن يمتلك هذا الفرح إذا سمحوا لكلمة الله أن تدخل إلى قلوبهم يوماً فيوماً، وقبلوا بالإيمان ما يعطيه لهم الرب فيها.

ربما يكون لنا ماض مجدب وملئ بالفشل والخيبة بسبب عنادنا. ولكن الرب على استعداد لأن يصفح عن كل الماضي، ويردنا لنفسه معطيا إيانا فرحاً جديداً – هو «فرح الرب». وهذا الفرح يكون قوة لنا – فرح يبدأ في اللحظة التي فيها نرجع للرب، ثم يتضاعف بعد ذلك خطوة فخطوة في مسيرنا معه.

وسنتأمل معاً أولاً من كلمة الله عن أسباب هذا الفرح. ثم نرى بعد ذلك كيف يمكن اختبار ذلك الفرح، وكيف يمكن لمثل هذا الفرح أن يتزايد، ويصبح أكثر غنى وعمقاً في حياتنا من أسباب هذا الفرح.

1 - (لوقا 17:10 و20). «فَرَجَعَ السَّبْعُونَ بِفَرَحٍ قَائِلِينَ:«يَارَبُّ، حَتَّى الشَّيَاطِينُ تَخْضَعُ لَنَا بِاسْمِكَ!» فقال لهم: «لاَ تَفْرَحُوا بِهذَا: أَنَّ الأَرْوَاحَ تَخْضَعُ لَكُمْ، بَلِ افْرَحُوا بِالْحَرِيِّ أَنَّ أَسْمَاءَكُمْ كُتِبَتْ فِي السَّمَاوَاتِ».

تثير المعجزات دائماً اهتمام الإنسان. من منا لا يرغب في أن يرى معجزة تحدث، أو أن يقوم هو بعمل معجزة. ومع ذلك فالرب يسوع المسيح يقول هنا بأن الأساس الصحيح للفرح ليس هو عمل المعجزات بل حقيقة كتابته لأسمائنا في سفر الحياة.

هل كتب الرب يسوع بيده المثقوبة على الصليب اسمك أنت بالذات في سفر الحياة؟ تب عن خطاياك الآن. اغتسل في دمه الكريم. وألبس ثوب بره. عندئذ، وعندئذ فقط يكتب اسمك هناك. ومن أسباب هذا الفرح.

2 - «أَلْبَسَنِي ثِيَابَ الْخَلاَصِ» (إشعياء 10:61). عندما تكون لنا هذه الثياب، نتمتع بملء الفرح. فهذه الثياب تستر عرينا الروحي وتعطينا جمالاً سماوياً.

هل يسكن هذا الفرح في قلوبكم ويعمل فيكم يوماً فيوماً؟ هل يرى الآخرون مثل هذا الفرح على وجوهكم؟ أرجو، دون إبطاء، أن تحصلوا على اليقين بأن أسماءكم موجودة في سفر حياة الخروف. أسباب هذا الفرح.

3 - «أَمَامَكَ شِبَعُ سُرُورٍ. فِي يَمِينِكَ نِعَمٌ إِلَى الأَبَدِ» (مزمور 11:16). عندما نحيا في حضرة الله يتزايد فرحنا، وهناك فقط في محضر الله نجد «الفرح الكامل». وإذا كنت لا تحس بحضوره، فلن تتمتع بالفرح الكامل. وقد يكون هذا راجعاً لأسباب متعددة، ولكن الخطأ هو خطؤك أنت بالذات. فأنت كابن لله، يمكنك، بل وينبغي عليك أن تعرف حضوره وتحس به وذلك طالما كان قلبك نقياً وضميرك صالحاً أمامه. إن صلاتنا لإلهنا أن تتعلم هذا السر، سر المكوث في حضرة الإله الحي والمحب، لأن هذا هو قصد الله وغرضه لأجل شعبه. ومن أسباب هذا الفرح.

4 - «تَلَذَّذْ بِالرَّبِّ فَيُعْطِيَكَ سُؤْلَ قَلْبِكَ» (مزمور 4:37) وهذا هو الفرح الذي نتمتع به في الولادة الجديدة، والذي يتزايد بالوجود في محضر الله، يصبح أكثر قوة عندما نجد لذتنا في الرب، وننسى تماماً كل رغباتنا الأخرى، سواء أكانت بخصوص المأكل أو المشرب، أو الأصدقاء، أو الترقية، أو الشهرة، فلو أننا لذذنا أنفسنا في الرب، لكنا نأخذ الكثير والكثير جداً من الفرح في الرب، أكثر مما تستطيع أن تعطيه لنا هذه الأشياء مجتمعة. وأيضاً من أسباب هذا الفرح.

5 - «أَنْ أَفْعَلَ مَشِيئَتَكَ يَا إِلهِي سُرِرْتُ» (مزمور 8:40) عندما يكون الرب هو موضوع تلذذنا، عندئذ يكون اسمه، وصلاحه، ومجده، موضوع فرحنا المتزايد، ونبدأ نشتاق إلى معرفة مشيئته. وهنا دعونا نقف قليلاً ونتأمل. عندما نتذكر آلامه في جثسماني، هل نستطيع بحق أن نقول معه: «لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ» (لوقا 22: 42).

هل تريد أن يكون «فرح الرب هو قوتك؟ إذاً تعلم أن تجد لذتك في عمل مشيئة الله. اغتنم كل فرصة لتكتشف إرادته، ومتى اكتشفت إرادته، اجعل موضوع سرورك أن تفعل مشيئته. وهذا في حد ذاته يملؤك بأكمل الفرح والسرور. أسباب هذا الفرح أيضاً.

6 - ونكتب إليكم هذا لكي يكون فرحكم كاملاً» (1يوحنا 4:1) عندما تعلن لنا أسرار كلمة الله، عندئذ تمتلئ قلوبنا بفرح يجعل منا أناساً أقوياء. إن قوتنا لا تكمن في مجرد المعرفة الكتابية، ولا في الإصغاء إلى العظات الممتازة، لكن عندما يعلن لنا الرب يسوع نفسه، بروحه القدوس، أسرار كلمته، عندئذ نكون أقوياء.

«... فَذَهَبُوا فَرِحِينَ... لأَنَّهُمْ حُسِبُوا مُسْتَأْهِلِينَ أَنْ يُهَانُوا مِنْ أَجْلِ اسْمِهِ» (أعمال 41:5).

عندما نكون مستحقين أن نهان من أجل الرب يسوع المسيح، فبدلاً من أن تثبط همتنا ونغتم، ينبغي لنا أن نفرح بالحري، لأننا بهذه الكيفية نرى مجده بطريقة جديدة، وفرحنا هذا يحمل لنا قوة جديدة وعجيبة. عندما نحتمل العار لأجل اسمه، فإننا نكون قد صعدنا سلم الارتقاء إلى مسؤولية أعظم في خدمته وتمجيد اسمه. أسباب هذا الفرح أيضاً.

7 - «إِنْ عُيِّرْتُمْ بِاسْمِ الْمَسِيحِ، فَطُوبَى لَكُمْ...» (1بطرس 14:4).

لنفرض أنك تعمل كاتباً بسيطاً في مرفق ما، وأنك بغتة، ذات يوم، رقيت لتصبح رئيس القسم، فهل تذهب إلى منزلك، تبكي وتندب حظك أمام زوجتك. أبداً، بل سوف تفرح وتبتهج لأنك حسبت أهلاً لهذه المسؤولية وجديراً بالترقية. لتفرح إذاً، أنك حسبت مستحقاً لأن تمنح المسؤولية الإلهية لاحتمال العار لأجل اسمه. فهذه هي الترقية الحقيقية. وإذ تدرك امتيازك هذا، فعندئذ سوف تصبح قوياً.

ليت كل واحد منا يتعلم كيف يدخل إلى فرح الرب، الذي هو قوتنا.