العودة الى الصفحة السابقة
صليب المسيح

صليب المسيح

جون نور


إن لمن العجب أن ترى كثيرين من البشر وكثيرين من المسيحيين لا يفهمون معنى الصليب، ويقفون أمام عمل المسيح الكفاري موقف الحائرين، وليس ذلك فقط بل نقرأ في رسالة فيلبي (17:3 - 21) إن كثيرين أصبحوا يسلكون كأعداء صليب المسيح، ولا عجب في ذلك «فَإِنَّ كَلِمَةَ الصَّلِيبِ عِنْدَ الْهَالِكِينَ جَهَالَةٌ، وَأَمَّا عِنْدَنَا نَحْنُ الْمُخَلَّصِينَ فَهِيَ قُوَّةُ اللهِ» (1كورنثوس 1: 18).

قال شاب جامعي: إن الديانة المسيحية ديانة عظيمة ومسيحنا مسيح عظيم، فتعاليمه السامية، ومعجزاته الخارقة لم يكن ولن يكون لها مثيل، ولكن ما يُحيرني فيها هو الصليب، فكيف يكون المسيح ابن الله، والله الظاهر في الجسد ويموت على خشبة، فلو رفع الصليب من الديانة المسيحية لأصبحت أعظم مما هي عليه بما لا يقاس.

مسكين هذا الشاب، لانه لو رفع الصليب من الديانة المسيحية فماذا يبقى لها بعد ذلك. إن المسيحية هي الصليب، والصليب هو المسيحية، ولا مسيحية بدون صليب، وأنا شخصياً لا أريد مسيحية لا يوجد فيها صليب، ولا أريد مسيحاً بدون صليب.

لأنه لو جاء المسيح إلى عالمنا. وعاش بدلاً من الثلاثة والثلاثين عاماً، ثلاثة وثلاثين ألف عام يشفي مرضانا، ويفتح عيون عمياننا ويقيم موتانا، ثم صعد إلى السماء دون أن يُصلب فإن مجيئه هذا ما كان يجدينا نفعاً فيما يتعلق بالأبدية.

كان للرسول بولس الحق في أن يفتخر بحسبه ونسبه وثقافته وعلمه وغير ذلك. ولكنه نسي الكل، بجانب الصليب، وأي فخر يا ترى في الصليب؟ الذي كان قديماً رمز اللعنة والعار ومظهر الضعف!! عزيزي المستمع أي فخر لك في الصليب، فخرنا بالصليب لأنه:

1 - بالصليب صار لنا الغفران:

يقول الوحي عن الرب يسوع: «الَّذِي فِيهِ لَنَا الْفِدَاءُ بِدَمِهِ، غُفْرَانُ الْخَطَايَا» (أفسس 1: 7) ففداؤنا ومغفرة خطايانا، كانا في المسيح يسوع وفي موته النيابي عنا على الصليب.

فموت المسيح لم يكن جزاء إثم أتاه، لأنه لم يعرف خطية ولا وجد في فمه مكر، بل كان موتاً نيابياً عنا، فكان في موته لنا الفداء، نحن اخطأنا لكن المسيح عوقب عنا... بدلاً منا، وعلى هذا الأساس ننال نحن بالإيمان به مغفرة الخطايا.

وفخرنا بالصليب أيضاً لأنه:

2 - بالصليب تم لنا الشفاء:

قال يسوع إلى نيقوديموس «وَكَمَا رَفَعَ مُوسَى الْحَيَّةَ فِي الْبَرِّيَّةِ هكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُرْفَعَ ابْنُ الإِنْسَانِ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ» (يوحنا 3: 14 و15).

فموت المسيح على الصليب لم يهب البشر مغفرة خطاياهم فحسب، بل أعطاهم الشفاء من داء الخطية. فبالإيمان بالمسيح المصلوب يحصل الإنسان على الشفاء من سموم الخطية الكامنة في قلبه.

3 - بالصليب تمَّت المصالحة مع الآب السماوي:

يسوع المسيح في وقت احتضاره على الصليب أمسك بيديه الممدودتين بيد الإنسان الخاطئ من جهة. وأمسك بيد الآب السماوي من جهة أخرى، ووضع اليدين على قلبه حيث فاضت مع روحه ينابيع الدم والحب ونكس الرأس وأسلم الروح، فصار سلام بين الإنسان والأب وتم الصلح بينهما.

ونفتخر بالصليب أيضاً لأنه:

4 - بالصليب صارت لنا الغلبة على العالم:

في العالم شهوات ثلاث هي: شهوة الجسد، وشهوة العيون، وتعظم المعيشة. وهذه الشهوات تحاربنا بشتى الطرق كل يوم ونحن أمامها لا شك مهزومين.

صليب المسيح أعطانا القوة للانتصار على هذا العالم فبالتجائنا للصليب نستطيع أن نقول عنه: «الَّذِي بِهِ قَدْ صُلِبَ الْعَالَمُ لِي وَأَنَا لِلْعَالَمِ» (غلاطية 6: 14) نفتخر بالصليب أيضاً لأنه:

5 - بالصليب صارت نجاتنا من الدينونة

في يوم من الأيام أغرق الله عالمنا هذا بالطوفان إذ فاض عليه الماء فهلك ولم ينج منه سوى أفراد قليلون بواسطة الفلك الذي أعده الله.

ويوماً ما سيغرق عالمنا هذا بطوفان من نار، إذ ستنصب جامات غضب الله على الخطاة ولكن قوماً سينجون... هؤلاء هم الذين دخلوا فلك النجاة، وفلكنا للنجاة هو صليب ربنا يسوع المسيح، لأنه «لاَ شَيْءَ مِنَ الدَّيْنُونَةِ الآنَ عَلَى الَّذِينَ هُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ» (رومية 8: 1).

ونفتخر بالصليب لأنه:

6 - بالصليب صار لنا الدخول إلى السماء:

قال يوحنا في سفر الرؤيا «بَعْدَ هذَا نَظَرْتُ وَإِذَا جَمْعٌ كَثِيرٌ لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يَعُدَّهُ، مِنْ كُلِّ الأُمَمِ وَالْقَبَائِلِ وَالشُّعُوبِ وَالأَلْسِنَةِ، وَاقِفُونَ أَمَامَ الْعَرْشِ وَأَمَامَ الْخَرُوفِ، مُتَسَرْبِلِينَ بِثِيَابٍ بِيضٍ وَفِي أَيْدِيهِمْ سَعَفُ النَّخْلِ» فسأل يوحنا عن هؤلاء، ومن أين أتوا، فأجابه واحد من الشيوخ «هؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ أَتَوْا مِنَ الضِّيقَةِ الْعَظِيمَةِ، وَقَدْ غَسَّلُوا ثِيَابَهُمْ وَبَيَّضُوا ثِيَابَهُمْ فِي دَمِ الْخَرُوفِ، مِنْ أَجْلِ ذلِكَ هُمْ أَمَامَ عَرْشِ اللهِ» (رؤيا 7: 9 - 15). فالسر في وجود سكان السماء أمام عرش الله هو أنهم غسلوا ثيابهم وبيضوها بدم الخروف حمل الله الذي ارتضى أن يسمر بالصليب.

قد لا يعجبك في المسيح صليبه، ولكنك الآن وقد أدركت السبب الذي لأجله احترق هناك من أجلك، لأنه حمل خطاياك.

فهل تقول مع بولس:

«حَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ» (غلاطية 6: 14). آمين