العودة الى الصفحة السابقة
العدو الخبيث

العدو الخبيث

جون نور


«وَلكِنْ إِنْ كَانَ إِنْجِيلُنَا مَكْتُومًا، فَإِنَّمَا هُوَ مَكْتُومٌ فِي الْهَالِكِينَ، الَّذِينَ فِيهِمْ إِلهُ هذَا الدَّهْرِ قَدْ أَعْمَى أَذْهَانَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لِئَلاَّ تُضِيءَ لَهُمْ إِنَارَةُ إِنْجِيلِ مَجْدِ الْمَسِيحِ، الَّذِي هُوَ صُورَةُ اللهِ» (2كورنثوس 3:4، 4).

إنجيلنا:

إن الرب عنده خطة واحدة لفداء الإنسان، وهي أن المسيح مات على الصليب من أجل خطايا العالم كله، وأنه قام من بين الأموات لتبريرنا، لذلك فإن الله يبرر مجاناً كل الذين يقبلون المسيح ويهبهم بنعمته بره الكامل.

وارسالية المسيح من السماء جسمت حب الله لنا وأظهرت مقدار حنانه وعطفه بصوت مسموع حار، داعياً إيانا «تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ» (متّى 11: 28).

لذلك أوضح لنا الوحي المبارك أنه: «إِذًا إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ: الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ، هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيدًا» (2كورنثوس 17:5).

إن محاولات الشيطان لعرقلة هذا الإنجيل في كماله ونوره ولإسكات صوته تتضمن طمس هذا الإنجيل وحجب نوره فيصير «مكتوماً».

كل الذين قلوبهم مغطاة محجوبة عن نور الإنجيل هم هالكون. إنهم يعيشون في ظلمة «إِذْ هُمْ مُظْلِمُو الْفِكْرِ، وَمُتَجَنِّبُونَ عَنْ حَيَاةِ اللهِ لِسَبَبِ الْجَهْلِ الَّذِي فِيهِمْ بِسَبَبِ غِلاَظَةِ قُلُوبِهِمْ» (أفسس 18:4). إنهم لا يدركون وضعهم الخطير، وإن عدم إيمانهم يحدرهم من يوم إلى يوم إلى هاوية الظلمة الأبدية والهلاك المحتم. إنهم ينحدرون تدريجياً – خطوة بعد خطوة – في الطريق الواسع الذي يؤدي إلى الهلاك. وينطبق عليهم القول: «الْجَالِسِينَ فِي الظُّلْمَةِ وَظِلاَلِ الْمَوْتِ» (لوقا 79:1).

ما أجهل الخاطئ البعيد، لأنه يرفض المسيح ويقبل خديعة الشيطان. وكما قال أحدهم: «إن مواعيده مثل الطعم الذي يضعه الصياد في الشص، ليس لإطعام السمكة، أو لتغذيتها، بل لقتلها وإهلاكها.

لذلك نقرأ في إنجيل يوحنا ثلاث مرات أن الشيطان هو «رئيس هذا العالم». وفي أفسس يسميه الرسول: «رَئِيسِ سُلْطَانِ الْهَوَاءِ، الرُّوحِ الَّذِي يَعْمَلُ الآنَ فِي أَبْنَاءِ الْمَعْصِيَةِ» (أفسس 2:2).

«فَإِنَّ مُصَارَعَتَنَا لَيْسَتْ مَعَ دَمٍ وَلَحْمٍ، بَلْ مَعَ الرُّؤَسَاءِ، مَعَ السَّلاَطِينِ، مَعَ وُلاَةِ الْعَالَمِ عَلَى ظُلْمَةِ هذَا الدَّهْرِ، مَعَ أَجْنَادِ الشَّرِّ الرُّوحِيَّةِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ» (أفسس 12:6). والشيطان، «إله هذا الدهر» ، هو ملاك ساقط، ذو سلطان مخلوع (إشعياء 12:14 – 17). وهو أبعد ما يكون عن تلك القوة الوهمية التي يدعيها.

في أحيان كثيرة نستطيع أن نكتشف أن الشيطان يحب التدين والمتدينين. وكثيراً ما يشجع الشيطان الناس أن يشتركوا في أنشطة اجتماعية، وفي كنائس باردة، لكي ينسوا حمل الخطية غير المغفورة.

ومع أن الشيطان يحاول أن يغش ويقلد الحقائق، لكنه من الواضح جداً أن أتباعه لا يتمتعون بسلام الغفران، ولا براحة الضمير، ولا بسعادة الحياة. فلا عزاء في قلوبهم، ولا شهادة الروح القدس لهم أنهم أولاد الله، ولا استقرار لنفوسهم نحو أبدية مضمونة سعيدة. كلا! إنهم لا يعرفون هذا! بل آراؤهم وعقيدتهم تحوي مجموعة متناقضات، وإيمانهم شكلي نظري بلا طاعة حقيقية، وصلواتهم بلا تأثير ولا حياة وأعمالهم بلا تعضيد إلهي، وحتى نجاحهم ينقصه الضمان والاستمرار والتأكيد.

إن تعليماً يلغي أو يقلل من أهمية كفارة المسيح وصليبه – مع إنه يجد قبولاً أكثر لدى الإنسان الطبيعي والفكر البشري – إلا أنه ضد الله، وضد حق الله، وإهانة لكرامته، وإنكار للواقع وهذا هو فكر الشيطان على خط مستقيم.

ان مجد المسيح هو موضوع الإنجيل. لقد مات المسيح لكي نحيا نحن، والذي لم يعرف خطية، جعل خطية لأجلنا لنصير نحن بر الله فيه. هذا هو النور المجيد الذي يبدد أستار الظلام في قلب الإنسان، فتهرب الظلمة، ويشع النور، وينتشر، ويسود.

هذا هو النور الذي يعقل الإنسان، فيرى دنس طبيعته الساقطة، ومن ثم يهرب من الفساد، ملتجئاً إلى مخلص الحياة ومقدسها ومطهرها – شخص الفادي – ربنا يسوع المسيح. فما أعجب الرب في معاملات نعمته!

إن الشيطان يجاهد لكي يحجب هذا النور عن القلوب المظلمة التي غطاها بحجاب عدم الإيمان. قد يلّم الناس بموضوعات وعلوم كثيرة في هذه الحياة، لكن ما داموا لم يعرفوا ولم يختبروا قوة عمل هذا النور فهم «مظلموا الفكر»، ولو كانوا علماء وعباقرة، لأن هذا النور هو الذي يضيء القلب والنفس، فيصير المسيح هو ملك الحياة وتصبح الحياة بدورها ذات معنى وطعم.

لقد خلق الله الإنسان على صورته وشبهه، ولكن بعصيان الإنسان الاختياري فقد مركزه وشركته مع الله. والمسيح، الذي هو صورة الله والمساوي له، أخذ على نفسه أن يأتي في صورة الإنسان المسكين، فجاء لكي يفدي كل الناس أبدياً.

ورسالة اليوم هي أن الله أحب العالم، وهو يريد أن يكون معنا ولنا وفينا – حتى كما لبسنا صورة الإنسان الترابي الهالك في الخطية، نستطيع – بقبوله مخلصاً لنا – أن نلبس صورة الإنسان السماوي الذي جاء في الطهارة والقداسة ليهب لنا حياة أبدية، وأهل العالم قد لا يجدون في المسيح الجمال أو المجد الذي يتخيلونه، ولكن لنا نحن المخلصين، المفديين بالدم، المبررين ببره – هو بر الله وقداسته وحكمته فهو «كله جميل»، و«حَلْقُهُ حَلاَوَةٌ وَكُلُّهُ مُشْتَهَيَاتٌ» (نشيد الأنشاد 5: 16)، فيه تحقيق لكل أحلامنا وأشواقنا، وسداد لكل حاجاتنا وأعوازنا!

تأكد يا أخي أن هناك نفوساً عزيزة محبة لله ومحبة لك، نفوساً تصلي من أجلك لكي يشرق نور فجر الإنجيل ومجده في نفسك وقلبك. وها هو الروح القدس موجود معك الآن متحدثاً إلى نفسك الخالدة، فهل تقبل؟ هل تأتي؟ نعم. تعال الآن.