العودة الى الصفحة السابقة
أوص بيتك لأنك تموت ولا تعيش

أوص بيتك لأنك تموت ولا تعيش

جون نور


إشعياء 1:38 «هكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ: أَوْصِ بَيْتَكَ لأَنَّكَ تَمُوتُ وَلاَ تَعِيشُ».

أريد أن أقدم حلقة اليوم عن موضوع شغلني منذ وقت قصير فبينما كنت أتجول بين المقابر أتأمل في اللافتات التذكارية.

شاهدت تذكارات لأطفال ورجال ونساء عاشوا وماتوا. نعم، لقد كان المكان ممتلئاً بالحق بما يجذب التفات الإنسان. ولكن كان هناك شيء اخر قد جذبني، وهو أن فناء المقابر قدم لي عدة دروس. فلافتات القبور تقدم عظات منقوشة على الحجر والرخام، رسائل عجيبة تحمل التحذير والتشجيع، وما أريده الآن أن نشترك في الإستفادة من هذه الدروس، وأولها:

(1) حتمية الموت:

وأقصد بذلك أننا كلنا لا بد أن نموت، والموت أمر حتمي ولا مهرب منه، والقانون الذي يجب أن نضعه أمامنا دائماً أنه «وُضِعَ لِلنَّاسِ أَنْ يَمُوتُوا مَرَّةً...» (عبرانيين 27:9) (وإسمحوا لي أن أسرع وأقول بأنني أؤمن في مجيء الرب يسوع ثانية، الأمر الذي سيبصره جيل كامل من المؤمنين، وهؤلاء الذين سيكونون على الأرض حينما يأتي المسيح ثانية لن يعبروا وادي الموت لأنهم في لحظة سيتغيرون، ولكن لنضع هذا الرجاء المبارك الذي ينبغي أن نضعه قدامنا دائماً فإن كل واحد منا لا بد أن يموت). فكما هدد الموت حزقيا فهو كذلك يهددنا، ولا بد أن نسمع الصوت: «إنك تموت ولا تعيش» ، ولا يوجد ما يمكن أن يمنع ذلك.

بعض الناس يتمتعون بقوة وصحة ممتازة ويعيشون حتى سن الثمانين والتسعين أو المائة.

ولكن في النهاية يطويهم الموت. والشيء العجيب أنه رغم أن الموت لا مهرب منه لكن أعداداً كبيرة جداً من الناس يمضون يوماً بعد الآخر وهم يرفضون أن يستعدوا له ولا يريدون أن يوصوا بيتهم! فهل أوصيت بيتك؟

وهناك درس ثان تلقنته وأنا أقف بين القبور:

(2) عدم يقينية الحياة:

وما أقصد أن أقوله إنه ليس أحد منا يعرف متى تنتهي حياته الأرضية، وكما يذكرنا الكتاب أن الحياة بالنسبة لجميعنا غير مضمونة: «لاَ تَفْتَخِرْ بِالْغَدِ لأَنَّكَ لاَ تَعْلَمُ مَاذَا يَلِدُهُ يَوْمٌ» (أمثال 1:27). إن أكثر ما يمكن أن يقال عن هذه الحياة إنها غير مضمونة، وهذا ما أختبره حزقيا. لقد كانت كل الأمور تسير على ما يرام،وفجأة جاءه الإعلان الإلهي: «إنك تموت ولا تعيش» . وهذا يذكرنا بالكلمة التي جاءت للغني الغبي: «في هذِهِ اللَّيْلَةَ تُطْلَبُ نَفْسُكَ مِنْكَ» (لوقا 12: 20). ويكفي أن تطالع الصحف اليومية لتعرف أنه في كل يوم يموت بعض الناس فجأة. وعندما نقرأ عن إنسان ما أنه مات فجأة فهذا يعني ببساطة أنه مات بغير أن يتوقع. فهل أوصينا بيوتنا؟ لأننا بينما نحن في ربيع الحياة يدركنا الموت. وهناك درس ثالث تلقنته وأنا أقف بين القبور وهو:

(3) عمومية الحزن:

الرب أعطى والرب أخذ

كانت هذه الحقيقة تضغط علي بشدة وأنا أقرأ عن أطفال ماتوا فعاش آباؤهم بضع سنين بعدها ينوحون على ما اصابهم فالحزن لا يحترم الأشخاص. لكن شيء ما هزني بشدة، هو أن كثيرين من أولئك الذين أختبروا الحزن كان لهم إيمان عظيم وثقة كبيرة في الله، وكان واضحاً أنهم إستطاعوا أن يبتسموا خلال الدموع، لأن ما كتبوه على حجارة المقابر التي تضم رفات أحبائهم كان يعلن ذلك. وها هي بعض الأمثلة: «في يديك آجالي»، «لتكن إرادتك»، «بكى يسوع»، «سلام سلام كامل»، «عَزِيزٌ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ مَوْتُ أَتْقِيَائِهِ» (مزمور 116: 15)، «الرَّبُّ أَعْطَى وَالرَّبُّ أَخَذَ، فَلْيَكُنِ اسْمُ الرَّبِّ مُبَارَكًا» (أيوب 1: 21).

وقد تأثرت بنوع خاص عندما وقفت أمام قبر إحدى العائلات الكبيرة وقرأت قائمة طويلة لأسماء الذين دفنوا على ممر سنوات عديدة، وقد قرأت أسفل هذه القائمة: «في الإيمان مات هؤلاء أجمعون» . وكم هو أمر جميل حقاً؟!. لقد كانوا عدة أجيال، كلهم من عائلة واحدة، وجميعهم مؤمنون!. هل تعلم سر التعزية في وقت الحزن، والبلسم في الضيقات، والنعمة في وقت الحاجة؟ هل تعرف الرب؟ هل أوصيت بيتك؟

ودرس آخر أثر في نفسي بقوة:

(4) حقيقة الخلود:

وأقصد بذلك أن الموت لا ينهي كل شيء، فهذه الحياة الأرضية ليست كل شيء. حينما نموت، إنه فقط الجسد الذي يموت، لكن النفس خالدة. عندما يقترب أحد أحبائنا من الموت نراقبه بقلق وهو على سرير الموت، وبعد أن يلفظ أنفاسه نقول «لقد ذهب». إنه فقط الجسد الضعيف الواهن هو الذي أصبح خالياً من الحياة. إن مئات اللافتات التذكارية كانت تعلن حقيقة الخلود والحياة بعد الموت، هذا ما تعلمه كلمة الله، فحينما يموت الإنسان تفارق النفس الجسد وتمضي، إما لتكون مع المسيح في السماء و«ذاك أفضل جداً».

لقد كلف إشعياء من الله أن يخبر حزقيا بأنه سيموت، وإنني أخبرك بنفس هذا الشيء، سوف تموت، هل أنت مستعد؟ هناك طريق واحد للإستعداد، كما يتضح من بعض الكلمات التي قرأتها هناك، وذكرتها لك: «جيمس... من بلفاست، دخل إلى الراحة في سن التاسعة والسبعين، وكان تقياً يخاف الله وله ضمير حي، ولكن يقينه من جهة الخلاص الأبدي لا يعتمد على جمال شخصيته وإنما على عمل المخلص الكفاري».

لقد أوصى بيته، فهل فعلت ذلك أنت؟!