العودة الى الصفحة السابقة
هدف السماء والأرض

هدف السماء والأرض

جون نور


«فَإِنَّنَا لَسْنَا نَكْرِزُ بِأَنْفُسِنَا، بَلْ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبًّا، وَلكِنْ بِأَنْفُسِنَا عَبِيدًا لَكُمْ مِنْ أَجْلِ يَسُوعَ» (2كورنثوس 5:4).

الرب يسوع هو موضوع الكتاب المقدس، وهو هدفه وغرضه.

المسيح هو لب رسالة الحياة في الكتاب المقدس.

المسيح هو «هُوَ صُورَةُ اللهِ غَيْرِ الْمَنْظُورِ.. كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ» (كولوسي 1: 15 ويوحنا 1: 3) . لقد سر الله الآب أن يصالح الناس بدم الصليب.

قال أحد الوعاظ القدامى إن إعرابياً ضل الطريق أثناء رحلته في الصحراء، فبقي مدة بلا طعام حتى أشرف على الموت. وإذا به يبصر على بعد جراباً ظنه لأحد المسافرين، فأخذ يعلل نفسه بأن الفرج قد جاءه، فربما يحتوي الجراب على خبز يسد رمقه... فأخذ يسير سيراً حثيثاً وهو يغالب لهيب الصحراء حتى تناوله وفض محتوياته فإذا بها جواهر ثمينة تنعكس عليها أشعة الشمس فتزيدها رونقاً وجمالاً، أما هو فسقط على الأرض يتمتم: «واأسفاه! ما هي إلا جواهر، ما هي إلا جواهر!».

وهذا أقرب ما يوصف به كثير من تعليم اليوم عن الكتاب المقدس. «ما هي إلا جواهر». كلمات براقة، أمثال مزركشة، جمل بديعة التركيب، تتدفق من أفواه الوعاظ ويتلقفها شعب حاجته القصوى هي إلى الخبز الروحي. يا لها من مأساة لكل من الواعظ والموعوظين! إن لقمة واحدة من خبز الحياة لهي أفضل من كل تلك الكلمات البراقة، والحكم الذهبية، والعلم المنمق، وكل فرع من فروع العلوم البشرية. ليت الله ينقذنا من الاكتفاء بالزهو بمعرفتنا بينما النفوس حولنا تهلك جوعاً.

يا أخي، لا تقنع آخر بغير المسيح المخلص الوحيد. فلا الكتب العديدة، ولا حديث الناس، ولا حتى استماع الوعظ أو قراءة الكتاب، أو تقديم الصلوات، تغنيك عن شخصه. ينبغي أن تأتي إلى المسيح مباشرة، وبيد الإيمان الممدودة تمس نبع الحياة.

كما إنه يجب ألا تقنع بالتعليم أو الكرازة ما لم يكن المسيح هو المركز الرئيسي في كلامك. نحن لا نضع أمام الناس شيئاً عن المسيح، ولا شخصاً يعرف المسيح، ولا تعليماً عن مجد المسيح، ولكننا نكرز بالمسيح مصلوباً وقائماً من القبر، وجالساً عن يمين الله، وسيأتي ثانية ليأخذنا إليه: «لَسْنَا نَكْرِزُ بِأَنْفُسِنَا، بَلْ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبًّا» (2كورنثوس 5:4).

نكرز بالمسيح مصلوباً:

وأنه دفن

إن الخدمة التي يكون مركزها المسيح وحده هي محيط دائرة عظيمة تحتوي العديد من المواضيع، وإن جل احتياجنا هو أن تكون كل مناحي الفكر متجهة إلى شخص المسيح متقدماً في كل شيء بشخصه وحضوره. ولكي ننادي بملء المسيح يجب أن نقدم شخصه، وقصة حياته العطرة، وموته الكفاري، وقيامته منتصراً على الموت، ومحبته الواسعة الأطراف، إنجيلاً كاملاً للخلاص. كان الرسول بولس يكرز كيف «أن الْمَسِيحَ مَاتَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا حَسَبَ الْكُتُبِ. وَأَنَّهُ دُفِنَ، وَأَنَّهُ قَامَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ حَسَبَ الْكُتُبِ» (1كورنثوس 15: 3 و4) ، فتصير قصة حياته إنجيل الله للخلاص لكل من يؤمن.

نعم، فالمسيح المخلص ينبغي أن يكون هو مركز حياتنا الذي لا نحيد عنه قيد أنملة، فهو شهادتنا وكرازتنا. نحن لا نكرز بالمسيح الرجل الاجتماعي، أو البطل التاريخي المشهور، أو أعجوبة الأجيال ومعجزة الدهور، أو الفيلسوف المتقدم على أرسطو، بل دائماً أبداً، في كل مكان وفي كل زمان، في وقت مناسب وغير مناسب، هو المسيح المخلص، المسيح المصلوب، والمسيح الذي سفك دمه لكي يهب حياته للجميع.

نحن نكرز بالمسيح يسوع رباً ومخلصاً وليس سواه:

يسوع هذا هو رئيس خلاصنا. وهو فوق كل رئاسة. بل إن قدرته على الخلاص لا حدود لها. «فَمِنْ ثَمَّ يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَ أَيْضًا إِلَى التَّمَامِ الَّذِينَ يَتَقَدَّمُونَ بِهِ إِلَى اللهِ، إِذْ هُوَ حَيٌّ فِي كُلِّ حِينٍ لِيَشْفَعَ فِيهِمْ» (عبرانيين 25:7) وفصل الخطاب في قوله: «مَنْ يُقْبِلْ إِلَيَّ لاَ أُخْرِجْهُ خَارِجًا» (يوحنا 6: 37). وتدبيره للخلاص يقطع كل السبل على الإمكانيات الأخرى التي يلجأ إليها البشر مهما كانت حسنة. « لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي» (يوحنا 14: 6)، «لأنه لَيْسَ اسْمٌ آخَرُ تَحْتَ السَّمَاءِ، قَدْ أُعْطِيَ بَيْنَ النَّاسِ، بِهِ يَنْبَغِي أَنْ نَخْلُصَ» (أعمال 4: 12).

ما أعمق وما أبسط إنجيل المسيح!. من ذلك الذي يسبر أغواره، أو يتفهم معانيه، عندما يأتي الجواب على نداء القلب: «آمِنْ بِالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ فَتَخْلُصَ» (أعمال 16: 31).

ما كان التلاميذ القدامى يقدمون نظريات من بنات أفكارهم. وما كانوا يتباهون بعلمهم. ولا هم كانوا يهدفون إلى توسيع منظماتهم، سعياً وراء المغانم الشخصية. لكنهم كانوا يكرزون بالمسيح يسوع رباً، في مجد قوته وملئه. وكانوا يواجهون الجماهير بالمخلص الرب يسوع المسيح.

لسنا نكرز بأنفسنا، بل بالمسيح يسوع رباً، ولكن بأنفسنا عبيداً لكم من أجل يسوع» .

نحن في خدمة مصالحة. ومن أجله نسر بخدمتكم. لقد خدم هو الآخرين، أفلا يرضى خادمه أن يفعل المثل؟ نحن نخدم، لا خدمة جسدية، دون تعب أو تذمر أو نكوص عن الغرض، لا بالوعد أو بالوعيد. نكرز بالمسيح، ليس بأي دوافع أخرى. ولا نريد أن نسترضي الناس على حساب رسالته. ولا نستغل اسمه لمغنم نرجوه، أو مكروه نتجنبه. ولا نتحدث عن المسيح لننال المديح من الناس، أو نحظى بالشرف أو المصلحة الذاتية. بل نكرز بالمسيح حباً فيه وحده ولأجل خاطره.

يسوع المسيح ربنا هو هدف الدهور، بل هدف الساعة، بل هدف السماء والأرض.