العودة الى الصفحة السابقة
الشركة - الانفصال - المصالحة

الشركة - الانفصال - المصالحة

جون نور


تكوين 8:3 - 10 «سمِعَ الزَّوْجَانِ صَوْتَ الرَّبِّ الإِلَهِ وَهُوَ يَمْشِي فِي الْجَنَّةِ عِنْدَ هُبُوبِ رِيحِ النَّهَارِ، فَاخْتَبَآ مِنْ حَضْرَةِ الرَّبِّ الإِلَهِ بَيْنَ شَجَرِ الْجَنَّةِ. فَنَادَى الرَّبُّ الإِلَهُ آدَمَ: «أَيْنَ أَنْتَ؟» فَأَجَابَ: «سَمِعْتُ صَوْتَكَ فِي الْجَنَّةِ فَاخْتَبَأْتُ خِشْيَةً مِنْكَ لأَنِّي عُرْيَانٌ».

اعزائي المستمعين

مأساة جنة عدن سجل لتاريخ البشر في كل الأجيال لأنها صورة الإنسان الحقيقية في كل زمان ومكان والآية التي تليتها على مسامعكم تأتي بنا أمام ثلاث حقائق مهمة يمكن تلخيصها بثلاث كلمات:

الشركة - الانفصال - المصالحة

سمعا صوت الرب الإله ماشياً في الجنة.

فاختبأ آدم وامرأته من وجه الرب الإله في وسط الجنة هنا تدخل الخطية وتكسر هذه الشركة بين الله وبين الإنسان فتؤدي إلى «الانفصال».

فنادى الرب الإله آدم وقال له «أين أنت» الله يفتش عن الإنسان ليرجعه إليه فهنا نرى الله يهدف إلى «المصالحة».

خلق الإنسان ليكون مع الله.

- أين كنت يا آدم

- كنت أتمشى في ظل أشجار الجنة.

- كنت كاملاً طاهراً لا دنس في أفكاري، كنت عشير الله وكليمه، كنت على صورته في المعرفة - كانت الدنيا كلها لي وجميع المخلوقات خاضعة لأمري.

نعم كنت على صورة الله وشبهه.

أحبائي: كل مخلوقات الله جميلة، ولكن تاجها هو الإنسان. اسمعوا ما يقوله المزمور الثامن عن الإنسان «تَنْقُصَهُ قَلِيلاً عَنِ الْمَلاَئِكَةِ، وَبِمَجْدٍ وَبَهَاءٍ تُكَلِّلُهُ. تُسَلِّطُهُ عَلَى أَعْمَالِ يَدَيْكَ. جَعَلْتَ كُلَّ شَيْءٍ تَحْتَ قَدَمَيْهِ» (مزمور 8: 5 و6). فالإنسان خلق ليكون في شركة مع الله.

والديانة الحقيقية هي الاتصال بالله هي الشركة مع الله، هي السير مع الله، هي الحياة مع الله. ومتى هدم هذا الاعتقاد لا يكون للعبادة والصلاة معنى.

الله ليس بعيداً عن أي واحد منا، إن كنا حقيقة نريد أن تكون حياتنا مملوءة بالبركات الروحية كأفراد وكعائلات.

لكن الخطية كسرت هذه الشركة بين الإنسان وإلهه. فنقرأ ما يلي «فَاخْتَبَأَ آدَمُ وَامْرَأَتُهُ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ الإِلهِ فِي وَسَطِ شَجَرِ الْجَنَّةِ».

آدم آدم لقد قلت أنك حراً سعيداً كاملاً وطاهراً على صورة الله، فما الذي أوصلك إلى هنا لقد تحاورت مع إبليس وفتحت له أذني لعبت بالنار فحرقتني.

والسؤال: كيف يظهر هذا الانفصال بين الله والإنسان.

الشعور بالخجل:

أول شيء شعر به آدم وحواء هو الشعور بالخجل «فَانْفَتَحَتْ أَعْيُنُهُمَا وَعَلِمَا أَنَّهُمَا عُرْيَانَانِ. فَخَاطَا أَوْرَاقَ تِينٍ وَصَنَعَا لأَنْفُسِهِمَا مَآزِرَ».

قبل ذلك كانا مثل الأطفال، لم يعرفا الخجل لأنهما لم يعرفا الخطية، ومنذ ذلك كان عليهما وعلى نسلهما أن يحملوا عار الخطية والخجل أينما توجهوا. - آدم آدم أين أنت.

- أنا خجلان لأني عريان. نعم أيها الأحباء الخطية تخجل لأنها عيب كبير ويُّستحى بها. أخبروني لماذا يسرق السارق بالليل. لأن السرقة عيب. ولماذا يتستر الأشرار بحجب الظلام، لأن الرذيلة عيب. لماذا يأبى الكاذب أن ندعوه كاذباً. لأن الكذب عيب. نعرف بأن الخطية شيء مخجل ولكننا نعملها. ويظهر هذا الانفصال بين الله والإنسان بالخوف.

لم يكن للخوف مكان في أفكار آدم وحواء أما الآن فلا يخافان من شيء أكثر من وجه الله. تخيلوا آدم وحواء يركضان نحو الأشجار الكثيفة لكي يختبئا من وجه الله. أول نتيجة للخطية هي استيقاظ الضمير للتوبيخ والدينونة. فإن سرق الإنسان، يشتكي عليه ضميره. وإن كذب يحاكمه.

ثم يظهر الانفصال بين الله والإنسان «بالاختباء». فاختبأ آدم وامرأته. الهرب والاختباء من وجه الرب هو علامة الخطية وعلامة الابتعاد عن الله.

وما أكثر الذين يحاولون أن يختبئوا من وجه الله، البعض عن طريق عدم الاكتراث وعن طريق العيش وحدهم وحسب أهوائهم.

والبعض الآخر عن عدم الإصغاء إلى صوت الضمير حين يوبخهم ويؤنبهم ويدينهم.

الاختباء وما أكثر الذين يختبئون من الله.

اختبأ آدم وامرأته من وجه الرب في وسط شجر الجنة وهناك أشجار كثيرة يختبئ وراءها الإنسان.

وهناك كثير من المسيحيين يحاولوا أن يختبئوا وراء شجرة المعرفة.

قالت الحية للمرأة إنه يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما وتكونان كالله عارفين الخير والشر.

وهناك كثير من المسيحيين يحاولوا أن يختبئوا وراء شجرة المعرفة، والشكوك العلمية وراء ألقابهم ومراكزهم في نظر أنفسهم يعرفون أكثر من الله.

وهناك كثير من المسيحيين يحاولوا أن يختبئوا وراء شجرة الرياء: ولا سيما الرياء بالدين. الدين نفسه يمكن أساءة استعماله حتى يصبح مجموعة عقائد جافة ونظريات عقيمة ومراسيم فارغة وطقوس ميتة ونظامات متحجرة.

ما أكثر الذين يعيشون ويتحركون على سطح المسيحية دون الدخول إلى أعماقها.

ألا تظنون أن كثيرين من المسيحيين يختبئون من وجه الله وراء أعمدة الكنيسة كما اختبأ آدم وراء أشجار الجنة.وهنا ناتي الى:

المصالحة

كان بين الله والإنسان شركة وحالما دخلت الخطية كسرت هذه الشركة فحصل انفصال ولكن شكراً لله أنه حدثت مصالحة.

الخطوة الأولى للمصالحة قام بها الخالق وليس المخلوق - الإنسان لم يطلب الله.

بل الإله العظيم هو الذي فتش عن ابنه الضال فتش عنه بحنو وانعطاف ومحبة، ونادى قائلاً: «أين أنت» «لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ» (يوحنا 3: 16). يسوع صالحنا مع الله بواسطة صليبه لنسأل أنفسنا.أين أنت يا من ابتعدت عن كلمة الله أين أنت.أين أنت هل أنت في كورة الخنازير.هل أنت غارق في طين الحمأة.

الله يريد أن يصالحك يريدك أن ترجع إليه وتخلص ها هو ينادي أيتها النفس التائهة أين أنت.