العودة الى الصفحة السابقة
أخذ منشفة

أخذ منشفة

جون نور


يو 4:13

يسوع وهو عالم أن الآب قد دفع كل شيء إلى يديه، وأنه من عند الله خرج، وإلى الله يمضي، قام عن العشاء، وخلع ثيابه، وأخذ منشفة واتزر بها، ثم صب ماء في مغسل، وابتدأ يغسل أرجل التلاميذ ويمسحها بالمنشفة التي كان متزراً بها.

من هو ذاك؟

هو الذي نظر من السموات إلى الظلمة التي على وجه الغمر وقال ليكن نور فكان نور.

هو ذاك الذي رأى الأرض خربة وخالية فجمعها في بحار.

هو ذاك الذي أعطى الشمس مركزها والقمر والنجوم عرفت أوقاتها.

ذاك الذي يلبس النور والباسط السموات والجاعل السحاب مركبة والماشي على أجنحة الريح وخدامه نار ملتهبة.

ذاك الذي جعل السماء كرسيه والأرض موطئاً لقدميه.

ذلك الذي كان في البدء عند الله وبه كل شيء كان وبغيره لم يكن شيء مما كان فيه كانت الحياة والحياة كانت نور الناس.

أخذ منشفة ولمن؟؟ لشرذمة من الصيادين الجليلين منهم الخائن والضعيف والمشكك والخامل أولئك الذين غلبهم النعاس فناموا عندما كان سيدهم في أمس الحاجة إليهم ليواسوه ويساعدوه.

أولئك الذين خانوه وتفرقوا عنه عندما أحاط به الأعداء.

أولئك الذين عرفوا أن ساعة معلمهم الأخيرة قد دنت أخذوا يتشاجرون، فيمن هو الأعظم بينهم، ولكن السيد الرب أخذ منشفة.

وكيف؟؟؟

أما يسوع قبل العيد وهو عالم أن ساعته قد جاءت لينتقل من هذا العالم إلى الآب. وإذ كان قد أحب خاصته إلى المنتهى {(رومية 8:5) ولكن الله بين محبته لنا لأنه ونحن بعد خطاة مات المسيح لأجلنا} (يوحنا 16:3) لأنه هكذا…

يسوع وهو يعلم أن الآب قد دفع إليه كل شيء بين يديه وأنه من عند الآب قد أتى وإليه سيذهب قام عن العشاء وخلع ثيابه وأخذ منشفة وأتزر بها، ثم صب ماء في مغسل وابتدأ يغسل أرجل تلاميذه ويمسحها بالمنشفة التي كان متزراً بها.

لم يفكر في تلك اللحظة يسوع بالولادة الحقيرة، المتواضعة ولا إلى السنين المجهولة، ولكنه نظر إلى الأمام فرأى العرش المعد له منذ تأسيس العالم.

لم يخاف الصليب ولا الحربة التي طعن بها لكنه رأى المجد المعد له منذ تأسيس العالم. والموضوع أمامه خلع ثيابه وأخذ منشفة وأتزر بها، ثم أنحنى ليقوم بالواجب، واجب الخدامين. هذا هو مقياس العظمة الحقيقية لدى ذاك الذي لم يعرف صعوبة للقيام بهذا العمل، من أراد أن يكون عظيماً فليكن لكم خادماً.

يا لتعاسة الناس الذين رعاتهم ورجال دينهم يحسبون الخدمة وسيلة للمجد والعظمة دون أن يتخذوا الدين فرصة لخدمة الناس.

عرف المسيح أن أتباعه في هذه الأيام سيحولوا خدمته إلى مجد أرضي وبذخ وثراء لهذا قال الدينونة تبدأ من بيتي.

أما يسوع وهو عارف وعالم أن الآب قد دفع كل شيء إلى يديه.. أخذ منشفة لماذا.

لأن العمل كان ضرورياً لم يتقدم أحد للخدمة من التلاميذ لأدائها بسبب غرورهم وترفعهم وكبريائهم لأنهم حسبوا هذا العمل عملاً محتقراً.

أما يسوع فقام عن العشاء وأخذ منشفة وانحنى وغسل أرجلهم وغسل قلوبهم من كل مرارة وأزال كل غضب، وحقد، وضغينة، وأعدهم لسماع أعظم الدروس التي كان مزمعاً أن يلقيها عليهم ولولا التطهير الذي تم وغسل قلوبهم لكانت العظة التي ألقاها عليهم في (يوحنا 17:14) بدون معنى. ولضاعت من أسماعهم إلى الأبد (يوحنا 15:13) لأني أعطيتكم مثالاً حتى كما صنعت أنا بكم تصنعون أنتم أيضاً.

فهل نحن؟؟؟

هل هناك مؤمن أو كنيسة أو جماعة غير مجروحة بداء الأنانية والكبرياء، هل هناك مؤمن متقدم في الأيام لا يحمل في أعماق قلبه أثر لجروح قديمة سببها له أخ آخر.

نحن نحيا معرضين لأقل حس في الشعور ومبطنين غيظنا، بحقوقنا الشخصية ويبقى الأثر والجرح لا يندمل.

من هو مستعد ليكون خادماً للآخرين ينحني على ركبته وبمنشفة الوداعة يمسح أقدام من اعتدى عليه.

لا شيء يخمد فينا روح الكبرياء إلا التمثل بيسوع إننا عرضة للحسد للبغضاء والاحتكاك والتصادم والمشاحنة.

لقد قضى السيد معظم خدمته على الأرض يعلم تلاميذه التواضع بأن يقدموا بعضهم بعضاً بالكرامة ممتلئين باللطف والوداعة وتواضع الروح.

طلب من أحد المصورين أن يصور الاسكندر الكبير فارتبك المصور لأنه كان يوجد على جبين الاسكندر أثر ضربة سيف فقال المصور في نفسه أن رسمت هذا الأثر فلن أكون آمناً من غيظ الاسكندر والمعجبين به، وإن أغفلته زالت المشابهة أو الصورة الحقيقية فماذا أفعل فعمد تمثيل الاسكندر متكئاً على مرفقيه ويده على جبهته بحيث لا يظهر الأثر.

أفلا ينبغي أن نمثل بعضنا بعضاً ويد المحبة موضوعة على آثار المصائب والعيوب بدلاً من إظهارها بصورة أعمق وأشد سواداً.

إن الرب يسوع لا ينظر إلى عيب كائن فينا بل إلى الصلاح الذي سيكون.

بهذا يعرف الجميع أنكم تلاميذي.

بالمحبة التي ترفع قلب السكير والملحد والساقط إلى الله.

بالمحبة تربح النفوس.

هل يصح لنا أن ندعى مسيحيين ونحن لا نعمل ما آمرنا به.

هو أخذ منشفة، فهل نحن مستعدين لأن نأخذ هذه المنشفة ونتواضع أمام الآخرين

لأنه ليس عبد أعظم من سيده ولا رسول أعظم من مرسله.