العودة الى الصفحة السابقة
فجر القيامة

فجر القيامة

جون نور


أفسس 6:2

متى 7:28

عند فجر أول الأسبوع قام.

هذه حقيقة تمت في الزمن، فأكسبت فجر أول الأسبوع عظمة الزمن، والتاريخ، وأقامنا معه هنا أهمية فجر أول الأسبوع لنا إذ فيه وقعت السماء وثيقة العفو عنا وتحريرنا. هاتان الحقيقتان اللتان عملهما لنا فجر أول الأسبوع في طياته.

عندما أسلم يسوع الروح مات الرجاء في تلاميذه وملأ اليأس قلوبهم. الشجاع منهم من أنكر سيده، والخائف فيهم هزم، وأصبحوا بلا رجاء، وهكذا كانت حالة جميع التلاميذ قبل فجر القيامة، فلقد سادت عليهم ظلمة اليأس وامتلكهم شعور جارف بالضياع والفشل. لقد مات رجاؤنا.

ومع الخيوط الأولى من الفجر كانت مريم المجدلية تسرع إلى القبر ومعها الحنوط والأطياب، لتدهن بها جسد الرب يسوع. وطول الطريق كانت الدموع تنهمر على وجهها بغزارة، وفجأة سمع الجميع صوت هاتف يصيح قائلاً: قد قام، قد قام.

لقد تزلزل القبر، وتدحرج الحجر، وقام يسوع منتصراً على الموت، ناقضاً أوجاعه كاسراً شوكته.

وتحول الحزن إلى فرح، والضعف إلى قوة، والجبن إلى شجاعة فكيف يفسر هذا التحول العجيب الانهزام إلى نصرة، والفشل إلى غلبة، بغير القيامة. وهذا الذي حدث في حياة التلاميذ حدث في اختبار المسيحيين على مدى الأجيال فحيثما يكرز اليوم وإلى الأبد بالمسيح المقام، يتجدد القلب وتتغير الحياة وتشعر النفس بحقيقة القيامة.

ولنتأمل معاً في بعض المعاني المباركة التي تحملها لنا قيامة ربنا ومخلصنا يسوع المسيح القيامة تعني:

1- أن يسوع الناصري هو بالحقيقة ابن الله:

لقد كان في القيامة الإعلان القوي عن بنوية المسيح لله. فقبل القيامة كان التلاميذ فريسة للشك، هل حقاً هو ابن الله. وإذا بالقيامة تضع حداً لشكوكهم ومخاوفهم، وتترك في نفوسهم تأثيراً أقوى من كل تأثيرات المعجزات التي أجراها يسوع مجتمعة معاً. ربما في معجزاته وحياته معهم لم يتأكدوا ولكن مع القيامة زال الشك.

إنه أيسر على العقل المؤمن أن يصدق أن دوران الأفلاك قد توقف وأن الشمس قد اختفت دون أن تشرق من أن يصدق أن رب الحياة يبقى تحت سلطان الموت، لأنه بالحقيقة ابن الله والقيامة تعني.

2- إن بإمكان الجميع أن يتمتعوا بالنصرة على الخطية والموت إن هم أمنوا بيسوع المقام:

لقد صارت حقيقة القيامة أساساً لإيمان التلاميذ وموضوعاً للبشارة المفرحة، التي حملوها إلى كل أركان الأرض، كما أنتصر الرب على الموت والقبر وبسلطانه أبطل سلطان الموت.

ففي المسيح يستطيع كل إنسان أن يقوم من قبر خطاياه وبدلاً من الموت الروحي يتمتع بالحياة المجيدة المنتصرة. حتى كما أقيم المسيح من الأموات بمجد الآب هكذا نسلك نحن أيضاً في جدة الحياة، لأنه إن كنا قد صرنا متحدين معه بشبه موته نصير أيضاً بقيامته (رو 4:6).

ففي قيامة المسيح قوة محيية تكفي لإقامة كل الموتى بالخطية في كل أنحاء الأرض في جميع العصور والأجيال، هذا هو الحق الإلهي الواضح الذي يعلنه الله يومياً، بواسطة النفوس التي تنتقل من موت الخطية إلى الحياة المباركة المجيدة مع شخص الرب يسوع. يا ليت قوة القيامة تفيض على حياتنا وعواطفنا فتلهبها، وعلى ضمائرنا الميتة فتحييها.

لأنه حيث توجد القيامة توجد الحياة بكل مظاهرها، هل هناك نفس أقامها المسيح وما زالت نائمة، أو ضعيفة، أو غير ملتهبة، أو غير منشغلة، بالمقام لتسأل هذه النفس حالها، هل حقاً قام يسوع وأقامني معه، هل قمت مع المسيح فلماذا أنت يا نفسي حزينة أفرحي وابتهجي، لأن مخلصك قد قام من بين الأموات معنى القيامة أيضاً.

3- إن الحق لا بد وأن ينتصر:

عندما وضع يسوع في القبر خيل للتلاميذ أن الحق قد هزم، وأن الشر قد ساد، وانتصر، لكن فجر القيامة أعاد للحق نصرته وسيادته، فوسط ضحكات الشيطان وفرحه المزيف بالنصر على رب المجد، قام ابن الله وزلزل عرش إبليس وأسكت ضحكه إلى الأبد.

كل قوات الشر والجحيم لم تستطع أن تمسك يسوع وتبقيه داخل القبر.

الحجر، والأختام، والحراس، لم تكن إلا وسيلة أعلنت مدى قوته وسلطانه على الموت. فإن كل قوى الشر لا تستطيع أن تقيده.

في وقت ما ظن البعض أن الحق قد هزم، لكن ما أن أتى فجر القيامة، حتى أعاد الأمور إلى نصابها، هكذا الحال في أيامنا هذه فقد يصلب الناس الحق ويدفنوه، في القبر ويضعوا عليه الحجر والأختام والحراس، لكن لا بد وأن يأتي الوقت الذي يعلن فيه الحق بكل قوة وسلطان فيدين كل أعمال شر الإنسان.

بولس في تحدثه عن قيامة الرب يسوع في رسالة كورنثوس قال: يا اخوتي الأحباء كونوا راسخين، غير متزعزعين مكثرين في عمل الرب كل حين عالمين أن تعبكم غير باطلاً في الرب.

وكأنه يؤكد لنا أنه كما أن قوى الشر في العالم لم تستطع أن تبقي إلهنا في القبر، هكذا فإن هذه القوى نفسها، لن تستطع يوماً أن تعيق نجاح خدمتنا أو تعطل تقدم عمل الرب بواسطتنا، أو تقدم هذه الكنيسة.

لذلك لنستمر في الحق وننادي به ونشهد للعالم أن تعبنا ليس باطلاً.

هذه هي رسالة القيامة.