العودة الى الصفحة السابقة
البيت المسيحي

البيت المسيحي

جون نور


إنجيل لوقا 1:14 - 11 «1 وَإِذْ جَاءَ إِلَى بَيْتِ أَحَدِ رُؤَسَاءِ الْفَرِّيسِيِّينَ فِي السَّبْتِ لِيَأْكُلَ خُبْزًا، كَانُوا يُرَاقِبُونَهُ. 2 وَإِذَا إِنْسَانٌ مُسْتَسْق كَانَ قُدَّامَهُ. 3 فَأَجَابَ يَسُوعُ وَكَلَّمَ النَّامُوسِيِّينَ وَالْفَرِّيسِيِّينَ قِائِلاً: «هَلْ يَحِلُّ الإِبْرَاءُ فِي السَّبْتِ؟» 4 فَسَكَتُوا. فَأَمْسَكَهُ وَأَبْرَأَهُ وَأَطْلَقَهُ. 5 ثُمَّ أجَابَهم وَقَالَ: «مَنْ مِنْكُمْ يَسْقُطُ حِمَارُهُ أَوْ ثَوْرُهُ فِي بِئْرٍ وَلاَ يَنْشُلُهُ حَالاً فِي يَوْمِ السَّبْتِ؟» 6 فَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يُجِيبُوهُ عَنْ ذلِكَ. 7 وَقَالَ لِلْمَدْعُوِّينَ مَثَلاً، وَهُوَ يُلاَحِظُ كَيْفَ اخْتَارُوا الْمُتَّكَآتِ الأُولَى قِائِلاً لَهُمْ: 8 «مَتَى دُعِيتَ مِنْ أَحَدٍ إِلَى عُرْسٍ فَلاَ تَتَّكِئْ فِي الْمُتَّكَإِ الأَوَّلِ، لَعَلَّ أَكْرَمَ مِنْكَ يَكُونُ قَدْ دُعِيَ مِنْهُ. 9 فَيَأْتِيَ الَّذِي دَعَاكَ وَإِيَّاهُ وَيَقُولَ لَكَ: أَعْطِ مَكَانًا لِهذَا. فَحِينَئِذٍ تَبْتَدِئُ بِخَجَل تَأْخُذُ الْمَوْضِعَ الأَخِيرَ. 10 بَلْ مَتَى دُعِيتَ فَاذْهَبْ وَاتَّكِئْ فِي الْمَوْضِعِ الأَخِيرِ، حَتَّى إِذَا جَاءَ الَّذِي دَعَاكَ يَقُولُ لَكَ: يَا صَدِيقُ، ارْتَفِعْ إِلَى فَوْقُ. حِينَئِذٍ يَكُونُ لَكَ مَجْدٌ أَمَامَ الْمُتَّكِئِينَ مَعَكَ. 11 لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَرْفَعُ نَفْسَهُ يَتَّضِعُ وَمَنْ يَضَعُ نَفْسَهُ يَرْتَفِعُ».

وإذ دخل يسوع بيت ليتناول فيه طعاماً كانوا يراقبونه.

هل خطر في بالنا يوماً أن نسأل أنفسنا، ما هو البيت المسيحي، وما هو الفرق بين البيت المسيحي وغير المسيحي، أو ما هو الشيء الذي يجعل من البيوت بيوتاً مسيحية؟

كثيرون سيجيبون بالتأكيد «المسيح» فبدون المسيح لا يمكن أن يسمى أو يدعى أي شيء مسيحياً سواء أكان أنساناً أو بيتاً أو كنيسة. وأريد أن أتحدث بصراحة في هذه الحلقة عن ماهية البيت المسيحي.

ما أرغب أن أقوله إن البيت الذي لا يدخله الله ولا يكون الله عنصره الأساسي، بيت محكوم عليه بالخراب سلفاً، لأن كثيرين من البسطاء يحاولون أن يبنوا بيوتاً مسيحية بدون المسيح، فقد وضع هؤلاء في بيوتهم كتباً مسيحية وصوراً مسيحية ولكنهم نسوا بأن هذه ليست المسيحية. فإن لم نأت بشخص المسيح إلى البيت، لا يمكن أن نبني بيوتاً مسيحية.

نجد الشاب والشابة يتزوجان ويكوّنان الأسرة مع الاولاد، والأسرة تبني بيتاً يكون أجمل وأسعد مكان على الأرض كما قصد له الله أن يكون، أو أن يكون جهنماً للساكنين فيه.

كثير من الأزواج يقضون سنين وشهور في اختيار ما يلزم لتأثيث أو بناء بيت جميل دون أن يعطوا وقتاً لجعل هذه المكان بيتاً لسكنى الله فيه.

فهم يحرصون أن يكون لون قماش الصالون منسجماً مع لون السجاد، ولون الستائر منسجماً مع بقية الألوان، ووسط كل هذه الجهود المبذولة، في الاختيار فإنهم لا يبذلون وقتاً لاختيار المحبة واللطف لهذا البيت.

يحرصون أن يضعوا كل شيء في موضعه، فهنالك موضع لكل شيء في غرفة الطعام، غرفة الضيوف، غرفة النوم، ولكن أين هو موضع الله في هذا البيت. لقد بنينا منزلاً وأثثناه لكننا لم نوجد مكاناً لله فيه.

كثيرون يحاولون أن يبذلوا جهودهم في بناء بيت حقيقي فيشترون كتباً تقدم نصائح للزواج وتربية الأطفال وهذه الكتب كثيرة وكثيرة جداً ولكن رغم ذلك نجد بأن هذه كلها لا تعطي الجواب لما نريد ونسأل.

وأظن بأنه قد حان الوقت لكي نقف ونسأل أنفسنا إن كان الله هو الذي يبني الأسرة ويكوّنها أفلا يكون هو الخبير الحقيقي الوحيد. إن كان هو الذي جمعهما معاً فمن يكون أفضل منه لكي يحفظهما معاً.

فرغم وجود عشرات الآلاف من الكتب والنصائح عن سر البيت السعيد، فإننا نعتقد بأن أفضل نصيحة هي التي دُونت منذ مئات السنين على صفحات الكتاب المقدس.

مزمور 1:127 «إِنْ لَمْ يَبْنِ الرَّبُّ الْبَيْتَ، فَبَاطِلاً يَتْعَبُ الْبَنَّاؤُونَ».

أي أن الله هو الذي يبني البيت ويبنيه بموجب نظام ودستور وايمان وضعه لنا من خلال كلمته المدونة في الكتاب المقدس. ففي هذا الكتاب يحقق الله كل إعوازنا وفيه نجد الجواب لكل المشاكل والتساؤلات. ولا يستطيع أي كتاب آخر أن يقدم لنا أكثر مما قدم الكتاب المقدس. البعض سيقولون الكتاب المقدس كتب قبل آلاف السنين. وطرق الكتاب المقدس طرق قديمة وبالية عفا عليها الزمن، ونحن آباء وأمهات عصريون ويجب أن نطبق العلم الحديث والنظريات الحديثة وعلم النفس في تربية أولادنا ولا نريد أن نؤثر عليهم، بل يجب أن نترك لهم المجال ليقرروا كل شيء لأنفسهم، فالكنيسة والتدين فقط ليوم الأحد وليس للبيت «نحن لسنا رجعيين» ولكن ما الذي يجعل هذه البيوت بيوتاً متهاوية خالية من محبة الله أليس هذا من عدم وجود الله في هذه البيوت؟

أحبائي إن كان بناء الله لبيوتنا يُدعى رجعياً فلا يهمنا إن كنا رجعيين وإن كنا نمارس العبادة والصلاة العائلية في بيوتنا وتدعى هذه رجعية، فلنكن أول الرجعيين وإن كانت هذه الطرق عتيقة وبالية ورجعية فاذكروا «إِنْ لَمْ يَبْنِ الرَّبُّ الْبَيْتَ، فَبَاطِلاً يَتْعَبُ الْبَنَّاؤُونَ».

وما ينطبق على البيت ينطبق على الكنيسة فالكنيسة شعبها عائلاتها، وعائلاتها بيوتها والواقع إن كل عضو في الكنيسة هو عضو في أسرة ويعيش في بيت.

وإن لم تسمو الكنيسة فوق أعضائها وتقودهم فقلما يسمو هؤلاء الأفراد والأعضاء في الكنيسة ليقودوا بيوتهم إلى الله.

فحالة بيوتنا تحدد الحالة التي نحن فيها. فالمسيحيون العالميون الذين يعيشون مسيحية عالمية يكونون مسيحية عالمية، وليس مسيحية كتابية مهما كانت ضخامة البناء أو ضخامة الأعداد لأننا لو أضفنا صفراً إلى صفر فيساوي صفراً.

إن أردنا أن نساعد كنيستنا حقاً فعلينا أن نبدأ من بيوتنا فإن كان مذبح الصلاة العائلي مؤسساً في بيوتنا، فلن نجد صعوبة في المواظبة على نشاطات وفعاليات كنيستنا وإن رأينا الكنيسة فاترة فلنوقد النار في البيت أولاً: عندئذ تدُبُ نار الروح في الكنيسة أيضاً لقد قال يسوع: إن «اجْتَمَعَ اثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ بِاسْمِي فَهُنَاكَ أَكُونُ فِي وَسْطِهِمْ» (متّى 18: 20) فهل ينطبق هذا القول على الكنيسة فقط أو على البيت أيضاً؟

فيا أيها الأباء والأمهات هل يسكن الله في بيوتنا هل نصلي باسمه أمام أولادنا وأبناءنا في المذبح العائلي، أم تشغلنا هموم العالم ومشاغله عن هذا الواجب المقدس؟

إن قصد الله من جهة كل بيت هو أن يكون مكاناً مقدساً تتوفر فيه المحبة فلا نترك الله خارج بيوتنا بل ندخله ونبني له مقدساً لكي يسكن في وسطنا في وسط بيوتنا.