العودة الى الصفحة السابقة
الفرح من خلال الطاعة

الفرح من خلال الطاعة

جون نور


«لأَنْ لَيْسَ مَلَكُوتُ اللهِ أَكْلاً وَشُرْبًا، بَلْ هُوَ بِرٌّ وَسَلاَمٌ وَفَرَحٌ فِي الرُّوحِ الْقُدُسِ» (رومية 17:14).

قال الرب يسوع: «إِنْ حَفِظْتُمْ وَصَايَايَ تَثْبُتُونَ فِي مَحَبَّتِي، كَمَا أَنِّي أَنَا قَدْ حَفِظْتُ وَصَايَا أَبِي وَأَثْبُتُ فِي مَحَبَّتِهِ. كَلَّمْتُكُمْ بِهذَا لِكَيْ يَثْبُتَ فَرَحِي فِيكُمْ وَيُكْمَلَ فَرَحُكُمْ» (يوحنا 10:15، 11). في هذه العبارات يربط المسيح الطاعة بالفرح بطريقة «الفعل ورد الفعل» بمعنى أن الفرح ينتج عن الطاعة، أولئك فقط الذين يطيعون، والذين يتبعون القداسة كأسلوب للحياة يمكن أن يختبروا فرح الرب.

كيف يمكن للطاعة أن تنتج فرحاً؟ أولاً يوجد فرح الشركة مع الرب، قال داود: «أَمَامَكَ شِبَعُ سُرُورٍ. فِي يَمِينِكَ نِعَمٌ إِلَى الأَبَدِ» (مزمور 11:16) الفرح الحقيقي يأتي فقط من الرب، وهو يعطي هذا الفرح لأولئك الذين يسلكون في شركة معه. عندما سقط داود في خطاياه الشنيعة من زنا وقتل فقد إحساسه بالفرح لأنه فقد الشركة مع الله، وبعد ذلك في صلاة التوبة كانت الطلبة التي طلبها من الرب «رُدَّ لِي بَهْجَةَ خَلاَصِكَ» (مزمور 12:51) إن حياة العصيان لا يمكن أن تكون حياة الفرح.

اختبار محبة الله اليومي مرتبط بطاعتنا له. ليست محبته مشروطة بطاعتنا، وألا كانت باستحقاق في ذواتنا. ولكن اختبارنا لمحبته يتوقف على طاعتنا.

بالإضافة إلى فرح الشركة مع الإله القدوس، الحياة المقدسة تنشئ أيضاً فرح كاتب العبرانيين يقول: «لِنَطْرَحْ كُلَّ ثِقْل، وَالْخَطِيَّةَ الْمُحِيطَةَ بِنَا بِسُهُولَةٍ، وَلْنُحَاضِرْ بِالصَّبْرِ فِي الْجِهَادِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَنَا، نَاظِرِينَ إِلَى رَئِيسِ الإِيمَانِ وَمُكَمِّلِهِ يَسُوعَ، الَّذِي مِنْ أَجْلِ السُّرُورِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَهُ، احْتَمَلَ الصَّلِيبَ مُسْتَهِينًا بِالْخِزْيِ فَجَلَسَ فِي يَمِينِ عَرْشِ اللهِ» (عبرانيين 1:12، 2) كان الحافز في احتمال المسيح للصليب هو السرور الموضوع أمامه، ولم تكن هناك أية آلام أو صعوبات تستطيع أن تحرمه من هذا التوقع.

في مثل الوزنات قال المسيح لكل من العبدين اللذين استخدما وزناتهما «نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ وَالأَمِينُ! ُدْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ» (متّى 21:25، 23) وإحدى الوزنات التي أعطاها الرب لكل مؤمن هي إمكانية السلوك في القداسة والطاعة والتحرر من سلطان الخطية، نحن أيضاً يمكن أن نتوقع الدخول إلى فرح الرب إذ نسلك في الطاعة حتى النهاية.

الفرح لا ينتج فقط من الحياة المقدسة، ولكن يمكن للفرح أن ينتج حياة مقدسة. قال نحميا للمسبيبين المكتئبين «فرح الرب هو قوتكم» (نح 10:8) المؤمن الذي يعيش في العصيان يعيش محروماً من الفرح ومن الرجاء، ولكن حينما يعرف أن المسيح قد حرره من سلطان الخطية، وحينما يبدأ يرى أنه متحد في ذاك الذي له كل سلطان، وأنه من الممكن أن يسلك في الطاعة، يبدأ في أن يحصل على الرجاء، وإذ يعرف أن له رجاء في المسيح يبدأ في أن يفرح. وفي قوة هذا الفرح يبدأ في أن ينتصر على الخطية التي استعبدته بسهولة، ثم يجد أن فرح السلوك بالقداسة هو بالتأكيد أكثر إشباعاً من كل ملذات الخطية الزائلة.

ولكن لكي نختبر هذا الفرح علينا أن نقوم ببعض الاختيارات. يجب أن نختار أن نترك الخطية، ليس لأننا مهزومون منها ولكن لأنها تحزن قلب الله. يجب أن نختار أن نحسب أنفسنا أمواتاً عن الخطية، وتحررنا من سلطانها، وأننا نستطيع الآن فعلاً أن نقول لا للخطية. يجب أن نختار أن نتحمل مسؤوليتنا في أن نضبط أنفسنا للطاعة.

لقد أعد الله كل ما نحتاجه في اتباعنا للقداسة، لقد حررنا من سلطان الخطية، وأعطانا الروح القدس ليسكن فينا، لقد أعلن في كلمته عن إرادته للحياة المقدسة، وهو يعمل فينا أن نريد وأن نعمل من أجل مسرته، لقد أرسل إلينا خداماً ومعلمين لكي يشجعونا في طريق القداسة، وهو يستجيب صلواتنا عندما نصرخ إليه طالبين القوة أمام التجربة.

حقاً الاختيار هو اختيارنا – فماذا نختار؟ هل نقبل مسؤوليتنا، ونضبط أنفسا لنحيا حياة الطاعة لإرادة الله؟ هل نثابر بعد الفشل ونصمم على ألا نستسلم؟ هل نقرر على أن القداسة الشخصية تساوي ثمن قولنا لا لمطالب الجسد وإطلاق العنان لشهواته؟

الفلاح عند اعتماده على الله يتحمل مسؤوليته ليحصل على محصول جيد. إنه لا يجلس وينتظر أن يقوم الله بعمل كل شيء، أنه يعمل بنفسه واثقاً أن الله أيضاً سيقوم بما عليه. إن كنا نريد أن نحتفظ بمستوى معين من القداسة علينا أن نتصرف كما يتصرف ذلك الفلاح. قال الرب يسوع بكل وضوح: «كونوا قديسين لأني أنا قدوس».

بكل تأكيد فإن الرب لم يطلب منا أن نكون قديسين بدون أن يعد لنا الوسائل التي بها نكون قديسين. امتياز القداسة هو لك، والقرار والمسؤولية لكي تكون مقدساً هو قرارك، وهي مسؤوليتك، وإذا أخذت هذا القرار فسوف تختبر الفرح الكامل الذي وعد به الرب يسوع المسيح أولئك الذين يسلكون في طاعة له.