العودة الى الصفحة السابقة
حساب التكلفة

حساب التكلفة

جون نور


لوقا24:14-35 «لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ لَيْسَ وَاحِدٌ مِنْ أُولئِكَ الرِّجَالِ الْمَدْعُوِّينَ يَذُوقُ عَشَائِي». وَكَانَ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ سَائِرِينَ مَعَهُ، فَالْتَفَتَ وَقَالَ لَهُمْ: «إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَيَّ وَلاَ يُبْغِضُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَامْرَأَتَهُ وَأَوْلاَدَهُ وَإِخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ، حَتَّى نَفْسَهُ أَيْضًا، فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذًا. وَمَنْ لاَ يَحْمِلُ صَلِيبَهُ وَيَأْتِي وَرَائِي فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذًا. وَمَنْ مِنْكُمْ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ بُرْجًا لاَ يَجْلِسُ أَوَّلاً وَيَحْسِبُ النَّفَقَةَ، هَلْ عِنْدَهُ مَا يَلْزَمُ لِكَمَالِهِ؟ لِئَلاَّ يَضَعَ الأَسَاسَ وَلاَ يَقْدِرَ أَنْ يُكَمِّلَ، فَيَبْتَدِئَ جَمِيعُ النَّاظِرِينَ يَهْزَأُونَ بِهِ، قَائِلِينَ: هذَا الإِنْسَانُ ابْتَدَأَ يَبْنِي وَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يُكَمِّلَ. وَأَيُّ مَلِكٍ إِنْ ذَهَبَ لِمُقَاتَلَةِ مَلِكٍ آخَرَ فِي حَرْبٍ، لاَ يَجْلِسُ أَوَّلاً وَيَتَشَاوَرُ: هَلْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُلاَقِيَ بِعَشَرَةِ آلاَفٍ الَّذِي يَأْتِي عَلَيْهِ بِعِشْرِينَ أَلْفًا؟ وَإِلاَّ فَمَا دَامَ ذلِكَ بَعِيدًا، يُرْسِلُ سِفَارَةً وَيَسْأَلُ مَا هُوَ لِلصُّلْحِ. فَكَذلِكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ لاَ يَتْرُكُ جَمِيعَ أَمْوَالِهِ، لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذًا. «اَلْمِلْحُ جَيِّدٌ. وَلكِنْ إِذَا فَسَدَ الْمِلْحُ، فَبِمَاذَا يُصْلَحُ؟ لاَ يَصْلُحُ لأَرْضٍ وَلاَ لِمَزْبَلَةٍ، فَيَطْرَحُونَهُ خَارِجًا. مَنْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ، فَلْيَسْمَعْ».

دعا أحد الرؤساء السيد المسيح إلى بيته، وهناك شفى المسيح رجلاً، وتكلم في ذلك البيت عن ثلاثة أمثال. وفي المثل الثالث قدم دعوة للمجيء إليه والاشتراك في الوليمة في بيت الآب. كانت الوليمة قد تجهزت وأرسلت الدعاوي: «تعالوا لأن كل شيء قد أعد» ، ولكن من العجيب أن الضيوف بدأوا يعتذرون. وترك المسيح ذلك البيت فتبعه جمع كبير. ومع أن كثيرين رفضوا الدعوة التي قدمها إليهم من خلال المثل، إلا أن عدداً أكثر بدأوا يتبعونه، فواجههم وأوقفهم وتحداهم بدعوة واضحة للتلمذة.

وهناك تطبيق شخصي للجميع في هذه الدعوة ، فدعوة الإنجيل موجهة إلينا اليوم. لقد جهز الله الوليمة – وليمة عشاء عرس الحمل – وبالرغم من أن الدعوة تصل إلى كثيرين إلا أن كثيرين يرفضونها ويقدمون أعذاراً تبدو مقبولة. على أن كثيرين يستجيبون للدعوة. ويقدم المسيح تحدياً لأولئك الذين يقبلونها. إنها ليست مجرد نزهة في مكان جميل، ولكنها عمل صعب نحتاج أن نجلس لنحسب تكلفته قبل أن نخوض فيه.

قدم المسيح دعوة واضحة للتلمذة.

«إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَيَّ وَلاَ يُبْغِضُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَامْرَأَتَهُ وَأَوْلاَدَهُ وَإِخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ، حَتَّى نَفْسَهُ أَيْضًا، فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذًا». علي أن أحبه أكثر من كل روابطي العائلية وأكثر من محبتي لنفسي. إن كلمة «يبغض» صعبة في فهمها، حتى نقارنها بما جاء في لوقا (13:16) «لاَ يَقْدِرُ خَادِمٌ أَنْ يَخْدِمَ سَيِّدَيْنِ»، المسيح يطالب كل مؤمن أن يكون هو المسيح وحده صاحب الأمر على حياته، لأنه أحبني وضحى لأجلي وقدم عني كل شيء، وهو يتوقع مني الاستجابة نفسها. ومن الواضح إنني في هذا الموقف أمام الاختيار بين المسيح وبين كل شيء آخر في حياتي. وعندما يكون هو الأول في حياتي فإنه يعطي معنى عميقاً جميلاً رائعاً لكل شيء آخر في حياتي عليّ أن أحب المسيح أكثر من محبتي لأبي وأمي، إن والديّ ينتظران مني أن أحبهما. نعم يجب أن نحبهما ونكرمهما ونطيعهما، ولكن عندما نصبح مسيحيين تكون هناك أولوية كاملة للرب. وعلى كل الذين يفكرون في خدمة الله أن يفكروا في هذا، فإن التكلفة عالية، ولكن المكافأة أعظم حتى هنا في هذا العالم.

قال المسيح: «مَنْ لاَ يَحْمِلُ صَلِيبَهُ وَيَأْتِي وَرَائِي فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذًا».

ترى هل حسبت حساب النفقة؟ قال الرسول بولس: «إِنِّي أَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ أَيْضًا خَسَارَةً مِنْ أَجْلِ فَضْلِ مَعْرِفَةِ الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّي، الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ خَسِرْتُ كُلَّ الأَشْيَاءِ، وَأَنَا أَحْسِبُهَا نُفَايَةً لِكَيْ أَرْبَحَ الْمَسِيحَ» (فيلبي 8:3) وهذا ما يطلبه المسيح منك الآن يريدك أن تمضي إلى العمل، فاحسب النفقة. كم ستكلفك؟

إن كنت تفكر تفكيراً سليماً فستجد أن كل ما عندك ليس ملكك. إنك لست ملك نفسك فقد اشتراك بثمن. وعليك أن تسلم لله حقوقه عليك وتعطيه حياتك ومالك ووقتك وكل شيء مسلماً بين يديه، عندئذ يرد هذه الأشياء لك مرة أخرى.

عليك أن تبني وأن تحارب، فإن الله يدعوك إلى هذا. قال المسيح: «وَمَنْ مِنْكُمْ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ بُرْجًا لاَ يَجْلِسُ أَوَّلاً وَيَحْسِبُ النَّفَقَةَ، هَلْ عِنْدَهُ مَا يَلْزَمُ لِكَمَالِهِ؟» إنه يدعوك لتبني. قال المسيح: «َأَيُّ مَلِكٍ إِنْ ذَهَبَ لِمُقَاتَلَةِ مَلِكٍ آخَرَ فِي حَرْبٍ، لاَ يَجْلِسُ أَوَّلاً وَيَتَشَاوَرُ: هَلْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُلاَقِيَ بِعَشَرَةِ آلاَفٍ الَّذِي يَأْتِي عَلَيْهِ بِعِشْرِينَ أَلْفًا؟» وفي هذا دعوة لمعركة.

فالمسيح هو رئيس بنائي كنيسته، وهو يجمع الأحجار من بلاد العالم المختلفة اليوم هو كبير البنائين. إنه المهندس الذي يبني كنيسته، لكنه يفتش عن أشخاص أمناء ينفذون خطته في البناء. لقد دعانا لنبني، أن ندعو رجالاً ونساء أمواتاً كالأحجار لنوصلهم بالمسيح، فتتغير حياتهم ويجدون مكانهم في البناء العظيم الذي هو الكنيسة، هيكل الله. ولقد توقع المسيح مقاومة كبيرة لعمل البناء، لكنه يؤكد لنا أن قوات الجحيم وقوات الموت لن تغلب الكنيسة. هذا إذاً، هو العمل الذي يدعونا المسيح إليه: أن نبني وأن نحارب.

عندما جاء المسيح إلى عالمنا، كان يدرك أن كنيسته ستواجه مقاومة قوية من جنود الظلام، فجلس وحسب النفقة. «إِذْ جَرَّدَ الرِّيَاسَاتِ وَالسَّلاَطِينَ أَشْهَرَهُمْ جِهَارًا، ظَافِرًا بِهِمْ فِيهِ» (كولوسي 15:2). ولا زال الشيطان وجنوده أقوياء ولكن المسيح هو المنتصر، والغلبة الأخيرة له.

كان المسيح قد قال لتلاميذه: «أَنْتُمْ مِلْحُ الأَرْضِ» (متّى 13:5) فماذا قصد بهذا؟ لا شك أن للملح طعماً مالحاً مميزاً، وهذا يعني أن المسيحي يجب أن يختلف عن غيره. فإن كان أهل العالم يعيشون ليستمتعوا بحياتهم. فإنك في مكتبك وفي مدرستك وفي مصنعك موجود لتبني ولتحارب ولتقف في جانب الحق ولتكسب أناساً لله.

هل هذه شروط صعبة؟ ربما تحققت من هذا وأنت تحسب حساب التكلفة، لأن الله يريد أن يعتمد عليك في الشهادة في بناء كنيسته ولخوض معركته. فإن كنت تتركه فلن يرتفع البناء. وإن كنت تستسلم للشيطان فسوف تنهزم. فهل أنت تلميذ له؟ هل تريد أن تكون تلميذاً له؟ إنه يسألك أن تقدم له كل شيء. لأنه قد بذل من أجلك كل شيء، إنه أمر منطقي. لقد وعدنا: «أَبْني كَنِيسَتِي، وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا» (متّى 16: 18). ولكن ماذا يحدث لو أن المسيحيين خذلوا المسيح؟ فكر في هذا، وأنت ترى الصورة كاملة لهذا. احسب حساب التكلفة، وسلم كل شيء له، لأنه هو وحده المستحق أن يأخذ كل شيء.