العودة الى الصفحة السابقة
ماذا نعطي للرب

ماذا نعطي للرب

جون نور


«لأَنَّنِي تَسَلَّمْتُ مِنَ الرَّبِّ مَا سَلَّمْتُكُمْ أَيْضًا» (1كورنثوس 23:11)

يقول بولس هنا: تسلمت شيئاً من الرب وسلمتكم وبلغتكم إياه مباشرة.

بطرس ويوحنا اللذان كانا في طريقهما إلى الهيكل في ساعة الصلاة، كما هو مدون في أعمال الرسل. وفي أثناء طريقهما للصلاة في الهيكل بمدينة أورشليم، أتيا إلى ما يسمى «باب الجميل» وكان مصنوعاً من النحاس الكورنثي الأصفر الجميل. ويزن عدة أطنان. وقد أتى الناس من كل صوب لرؤيته. وعندما أتيا للباب، وهو أحد مداخل الهيكل، كان يجلس هناك رجل أعرج، يقول الكتاب عنه أنه كان كذلك «مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ» (أعمال 3: 2). جلس هناك يشحد، رافعاً يده ليشفق عليه أحد. ونتخيل أنه قال لهذين الرسولين: «أعطياني بعض النقود، أعطياني صدقة». هذا الرجل كانت له حاجة حقيقية فلقد توقع هذا الرجل شيئاً من هذين الرسولين. فلاحظهما منتظراً أن يأخذ منهما شيئاً (أعمال 5:3).

قال بطرس لهذا الرجل الأعرج: «لَيْسَ لِي فِضَّةٌ وَلاَ ذَهَبٌ، وَلكِنِ الَّذِي لِي فَإِيَّاهُ أُعْطِيكَ: بِاسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ النَّاصِرِيِّ قُمْ وَامْشِ!» (أعمال 6:3). يقول الكتاب: «فَفِي الْحَالِ تَشَدَّدَتْ رِجْلاَهُ وَكَعْبَاهُ، فَوَثَبَ وَوَقَفَ وَصَارَ يَمْشِي، وَدَخَلَ مَعَهُمَا إِلَى الْهَيْكَلِ وَهُوَ يَمْشِي وَيَطْفُرُ (يقفز) وَيُسَبِّحُ اللهَ» (أعمال 3: 7 و8).

ما قاله بطرس: «لَيْسَ لِي فِضَّةٌ وَلاَ ذَهَبٌ، وَلكِنِ الَّذِي لِي فَإِيَّاهُ أُعْطِيكَ» كان لبطرس ويوحنا ما يقدمانه. قال بطرس «لَّذِي لِي فَإِيَّاهُ أُعْطِيكَ». ولم يعط أي رجل أو يستقبل آخر مثلما استقبله هذا الأعرج عند الباب. نسأل انفسنا نحن المسيحين المخلصين ماذا لدينا لنقدمه اذا واجهنا مثل هذا التحدي؟ ماذا لي كي أعطي؟

يا أصدقائي – كل مؤمن له ما يعطيه، كل مؤمن يستطيع أن يكون رابحاً للنفوس – كل مسيحي له ما يسلمه لغيره ويبلغه إياه. لقد أعطاك الله الخلاص، خبر به لغيرك وأعطه لهم. لقد كسبت السامرية كثيرين للرب، «فَآمَنَ بِهِ مِنْ تِلْكَ الْمَدِينَةِ كَثِيرُونَ مِنَ السَّامِرِيِّينَ بِسَبَبِ كَلاَمِ الْمَرْأَةِ الَّتِي كَانَتْ تَشْهَدُ أَنَّهُ: قَالَ لِي كُلَّ مَا فَعَلْتُ» (يوحنا 4: 39).

لا أعتقد أنه يوجد إنسان على الأرض لا يستطيع إعطاء شيء للرب. جلس الرب يسوع بقرب الخزينة وراقب الناس وهم يلقون عطاياهم فيها، ورأى فلسي الأرملة «وَتَطَلَّعَ فَرَأَى الأَغْنِيَاءَ يُلْقُونَ قَرَابِينَهُمْ فِي الْخِزَانَةِ، وَرَأَى أَيْضًا أَرْمَلَةً مِسْكِينَةً أَلْقَتْ هُنَاكَ فَلْسَيْنِ. فَقَالَ: «بِالْحَقِّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ هذِهِ الأَرْمَلَةَ الْفَقِيرَةَ أَلْقَتْ أَكْثَرَ مِنَ الْجَمِيعِ، للأَنَّ هؤُلاَءِ مِنْ فَضْلَتِهِمْ أَلْقَوْا فِي قَرَابِينِ اللهِ، وَأَمَّا هذِهِ فَمِنْ إِعْوَازِهَا، أَلْقَتْ كُلَّ الْمَعِيشَةِ الَّتِي لَهَا» (لوقا 1:21 – 4).

لقد لاحظها المسيح وهي تعطي حوالي فلسين، فقال إنها «َلْقَتْ أَكْثَرَ مِنَ الْجَمِيعِ». لأن الرب لم يتطلع فقط إلى ما أعطته بل أدرك ما تبقى معها، وبالطبع لا شيء. كل مسيحي قادر.

كل منا له ما يعطيه. لكم حياة تستطيعون تقديمها لله. سيأخذها ويباركها ويطعم أنفس الجموع الجائعة بعد أن يكسرها بعد أن تسلمها له.

لا نحتاج إلى علم اللاهوت لكي نخبر الناس عن القصة الحية التي فعلها يسوع لنا.

قال الرب يسوع: «إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ (كل يوم) وَيَتْبَعْنِي. فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي يَجِدُهَا» (متّى 16: 24 و25).

أي مسيحي أمين لا يقرأ هذه الآية إلا ويصل إلى الرأي الآتي وهو أن تبعية يسوع المسيح تكلف شيئاً ما. «إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ (كل يوم) وَيَتْبَعْنِي».

أصدقائي، هذا العالم وأعداء الإنجيل والكتاب المقدس والكنيسة ليسوا أكثر وداً للمسيحيين اليوم عما كانوا في زمن بطرس. تبعية يسوع تكلف شيئاً ما. المسيحية ليست شعبية اليوم لعامة الناس، لكنها مميزة وفريدة. وهذا ما تعلمه الرسول بولس.

بولس. كان أفضل الوعاظ، أنشأ مزيداً من الكنائس، وقام بمزيد من الرحلات التبشيرية، ووعظ أغلب ما في الكتاب المقدس، وحرم نفسه أكثر من الآخرين. وعندما كان في سجن روما، كتب هناك ما يلي: «الجو بارد هنا، أريد أن تحضر لي الرداء»، لم يكن لديه قط رداء ليلبسه، قال: «اَلرِّدَاءَ الَّذِي تَرَكْتُهُ فِي تَرُواسَ عِنْدَ كَارْبُسَ، أَحْضِرْهُ مَتَى جِئْتَ...» (2تيموثاوس 13:4). ثم كتب إلى تيموثاوس أيضاً: «بَادِرْ أَنْ تَجِيءَ قَبْلَ الشِّتَاءِ» (2تيموثاوس 4: 21). أنا أفكر في بولس الشيخ وهو مسجون تحت الأرض في رطوبة وبرودة. هذا السجن الأرضي من حجارة صلدة وبه فتحة مستديرة أعلاه. وكان المساجين يدلون بالحبال، ثم تسحب. هناك عاش بولس، وكانوا يعطون قليلاً من الماء او الطعام. لقد ربينا جيلاً من المؤمنين في عصرنا هذا سوف لا يدفعون أي ثمن ليكونوا مؤمنين صالحين يعملون ما هو مريح!

مسيحيون يتخذون الطريق السهل! مسيحيون لا يريدون أشواكاً، لا يفكرون في صليب. مسيحيون راضون عن أنفسهم. في كل شيء يقولون الله يساعدنا وفي نفس الوقت هم غير مكترثين بشيء وباردون. إن ما يقوله يسوع هو: «اتبعني بأي تكلفة». وأهم ما نحتاجه اليوم هو هذا الشيء: «مسيحيون يتبعون يسوع بأي تكلفة، «اتبعني» .