العودة الى الصفحة السابقة
فريقان

فريقان

جون نور


في الحياة فريقان من الناس. الفريق الاول هم أولئك الذين لا يشعرون بحاجتهم إلى مخلص، الذين لا يحسون بالتبكيت والندم على خطاياهم. والفريق الثاني هم أولئك الذين قد تبكتوا على خطاياهم وهم يصرخون قائلين: «ماذا ينبغي أن افعل لكي أخلص؟». فالناس إما أن يكون لهم روح الفريسي أو روح العشار.

للفئة الأولى، أفضل ما يمكن أن نقدمه لهم من كلمة الله هو قول بولس في رومية 10:3: «كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: أَنَّهُ لَيْسَ بَارٌّ وَلاَ وَاحِدٌ. لَيْسَ مَنْ يَفْهَمُ. لَيْسَ مَنْ يَطْلُبُ اللهَ. الْجَمِيعُ زَاغُوا وَفَسَدُوا مَعًا. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحًا لَيْسَ وَلاَ وَاحِدٌ». ومن عدد 17 - 19 وما بعده نجد هذا القول: «وَطَرِيقُ السَّلاَمِ لَمْ يَعْرِفُوهُ. لَيْسَ خَوْفُ اللهِ قُدَّامَ عُيُونِهِمْ، وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ مَا يَقُولُهُ النَّامُوسُ فَهُوَ يُكَلِّمُ بِهِ الَّذِينَ فِي النَّامُوسِ، لِكَيْ يَسْتَدَّ كُلُّ فَمٍ، وَيَصِيرَ كُلُّ الْعَالَمِ تَحْتَ قِصَاصٍ مِنَ الله» .

«لأَنَّهُ لاَ فَرْقَ. إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ» (رومية 3: 22 و23). ليس جزء من البشرية فقط، لكن الجميع قد أخطأوا وأعوزهم مجد الله. وفي رسالة يوحنا الأولى 1: 8 نجد هذا القول: «إِنْ قُلْنَا: إِنَّهُ لَيْسَ لَنَا خَطِيَّةٌ نُضِلُّ أَنْفُسَنَا وَلَيْسَ الْحَقُّ فِينَا».

والآن لنأتي إلى الفئة الأخرى من الناس: إنها تشمل أولئك الذين قد تبكتوا على خطاياهم وهم يصرخون كما صرخ سجان فيلبي قائلاً: «مَاذَا يَنْبَغِي أَنْ أَفْعَلَ لِكَيْ أَخْلُصَ؟». لمثل هؤلاء نوجه قول الكتاب: «آمِنْ بِالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ فَتَخْلُصَ» (أعمال 16: 30 و31). لكن رغم أن هذا هو قانون السماء - أن كل من يؤمن يخلص - فإنك حتماً ستقابل البعض الذين لا يكتفون بهذا بل يطلبون أن يفعلوا شيئاً أكثر ليخلصوا.

في يوحنا 35:3 و36 نقرأ هذا القول: «اَلآبُ يُحِبُّ الابْنَ وَقَدْ دَفَعَ كُلَّ شَيْءٍ فِي يَدِهِ. الَّذِي يُؤْمِنُ بِالابْنِ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَالَّذِي لاَ يُؤْمِنُ بِالابْنِ لَنْ يَرَى حَيَاةً بَلْ يَمْكُثُ عَلَيْهِ غَضَبُ اللهِ».

إني أستطيع أن أصدق الله أكثر مما أصدق نفسي. في إرميا 9:17 يقول النبي: «اَلْقَلْبُ أَخْدَعُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ نَجِيسٌ، مَنْ يَعْرِفُهُ؟». إن كنت تريد أن تعرف طريق الحياة، آمن أن الرب يسوع هو مخلص شخصي لك. ابتعد عن كل النظريات والفلسفات التي لا تجدي نفعاً، وتعال مباشرة إلى ابن الله، فهو الذي يشبع جوع روحك لأنه هو خبز الحياة النازل من السماء الواهب حياة للعالم.

الإيمان هو أن نصدق كلمة الله كما هي بدون أن نضع لذلك أي شروط. لا يمكن أن نحصل على السلام الحقيقي إن كنا نخاف أن جزءاً من كلمة الله لن يتحقق، و«الْمَحَبَّةُ الْكَامِلَةُ تَطْرَحُ الْخَوْفَ إِلَى خَارِجٍ» (1يوحنا 4: 18)، المحبة الحقيقية لا يمكن أن تشك أبداً.

في يوحنا 24:5 يقول السيد له المجد: «اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ يَسْمَعُ كَلاَمِي وَيُؤْمِنُ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَلاَ يَأْتِي إِلَى دَيْنُونَةٍ، بَلْ قَدِ انْتَقَلَ مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ». في هذه الآية لا نجد ظلاً للشك بل كل التأكيد وكل اليقين، فإن سمع إنسان هذا الكلام وآمن بالله الذي أرسل ابنه ليخلص العالم وقبل هذه الحقيقة وخصصها لنفسه فإنه ينجو من الدينونة. إذ أنه لن يقف أمام العرش العظيم الأبيض، بل يكون له كما قال الرسول يوحنا في (1يوحنا 17:4): «بِهذَا تَكَمَّلَتِ الْمَحَبَّةُ فِينَا: أَنْ يَكُونَ لَنَا ثِقَةٌ فِي يَوْمِ الدِّينِ، لأَنَّهُ كَمَا هُوَ فِي هذَا الْعَالَمِ، هكَذَا نَحْنُ أَيْضًا». إن كنا نؤمن فإننا لن نرى دينونة بل يكون لنا ثقة في يوم الدين، «إِذًا لاَ شَيْءَ مِنَ الدَّيْنُونَةِ الآنَ عَلَى الَّذِينَ هُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ» (رومية 1:8).

المشكلة لدى عدد كبير من الناس هي أنهم يقرنون الإيمان بالشعور، مع أن كلاً منهما لا علاقة له بالآخر إطلاقاً، فالكتاب لا يقول إن كل من يشعر ويؤمن له حياة أبدية، كلا، فالشعور غير ثابت ولا يمكن التحكم فيه، أما الإيمان فهو في متناول الجميع. نحن نستطيع أن نؤمن بالله، ومتى وضعنا أقدامنا على هذه الصخرة الثابتة فلتأتِ الشكوك والمخاوف كما تريد ولتتلاطم الأمواج حولنا كما تشاء، فإن مرساة أنفسنا مؤتمنة وثابتة.

البعض يقولون إن الإيمان هو هبة من الله، وهذا حق. والهواء أيضاً هو هبة من الله، لكن لكي نحيا به علينا أن نستنشقه. الماء أيضاً هو هبة من الله، لكن لكي نرتوي به علينا أن نشربه.

البعض يظنون أنهم لكي يؤمنوا يجب أن تحدث معهم معجزة ما، لكن ليس هذا هو الإيمان، فإن «الإِيمَانُ بِالْخَبَرِ، وَالْخَبَرُ بِكَلِمَةِ اللهِ» (رومية 17:10). لا يجب أن أجلس وأنتظر أن يأتي الإيمان ويمتلكني، لكن علي أن أصدق كلمة الله.

في يوحنا 47:6 و48 نجد هذا القول: «اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ يُؤْمِنُ بِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ. أَنَا هُوَ خُبْزُ الْحَيَاةِ». إن الخبز في متناول كل يد، لكن علينا أن نمد أيدينا ونأخذ نصيبنا منه. قد تكون أمامي مئات الأرغفة، ومع ذلك فإني أظل جائعاً ما لم أمد يدي وأتناول منها وآكل. هكذا، فإن الرب يسوع هو الخبز السماوي، وكما أن الجسد ينبغي أن يتغذى بالخبز المادي فإن الروح تتغذى بالرب يسوع.

لو رأى غريق حبلاً يلقى إليه لإنقاذه، فإن عليه أن يمد يديه ويمسك به، ولكي يفعل ذلك عليه أن يترك كل ما عداه. المريض لا يمكن أن يستفيد شيئاً من مجرد النظر إلى الدواء، ما لم يستعمله وفقاً لتعليمات الطبيب. معرفة بعض الحقائق عن المسيح لا يمكن أن تفيد الخاطئ شيئاً ما لم يؤمن به ويتعلق به كرجائه الوحيد، فالمعرفة لا تفيد شيئاً ما لم تقترن بالعمل. علينا أن نؤمن بالمسيح ونلقي بأنفسنا عليه، وهو قد وعد أن يحفظ كل الذين يتكلون عليه.