العودة الى الصفحة السابقة
الشكر

الشكر

جون نور


أفسس 20:15 «شَاكِرِينَ كُلَّ حِينٍ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فِي اسْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، للهِ وَالآبِ».

الشكر هو الفضيلة التي أعطانا إياها الرب وهي أحلى وأغنى وأقدس فضيلة لأنها فيض القلب الشاعر بمحبة الله ومقابلة احساناته ومراحمه.

الشكر هو امتنان القلب والرضى الداخلي بكل ما تجريه العناية الإلهية.

الشكر جواب طبيعي يجيب به القلب بفرح وسرور على احسانات الله وأعماله المختلفة فالشكر لا يقود النفس إلى الأبواب السماوية بل إلى تلك داخل الأبواب.

إن كلمة شكر واحدة أفضل من مائة كلمة صلاة وساعة حمد أفضل من يوم صوم وتذلل، لأن الشكر دليل القلب الحساس الرقيق المتصل بالله، القلب الشاكر قلب مملوء بالحنان، وهو أرض خصبة لنمو كلمة الله وإثمارها.

معنى الشكر:

الشكر هي لغة الخاطئ المخلص بالنعمة هو نغمة الملائكة في السماء وهو دليل محبتنا القلبية للآب فهو أكثر من مجرد كلام، إنه عاطفة قلب بشري نحو عاطفة قلب إلهي. الشكر هو لغة القلب التي بها يعبر عن عواطف قلبه واحساساته نحو ألطاف محبة الله له، فإذا فاض القلب نطق اللسان هاتفاً شاكراً، وبمقدار ما يكون لنا من الثقة والإيمان بعنايته الصالحة نحونا بمقدار ما تفيض قلوبنا حمداً وشكراً.

الشكر هو سر طهارة القلب إذ لا بد من موافقة تامة بين القلب وروح الشكر فإن كان روح الشكر روحاً صالحاً فلا يمكن أن يصدر عن قلب غير صالح، ولنعلم أن ليس كل شكر يعني شكر ولو كان له صورة الشكر والكتاب المقدس يتكلم عن عدة أنواع من الشكر ومن ذلك:

شكر البر الذاتي:

ظاهره شكر وباطنه كفر والدافع إليه الكبرياء كشكر الفريسي الذي قال: «اَللّهُمَّ أَنَا أَشْكُرُكَ أَنِّي لَسْتُ مِثْلَ بَاقِي النَّاسِ» (لوقا 18: 11) وصاحب هذا النوع من الشكر أسخف من مادح نفسه، إنه لا يرفع لله حمده بل يترفع على الرب بقلبه . أمثال هؤلاء وثنيون يحرقون بخور شكرهم على مذابح ذاتيتهم، فلا كان برهم ولا كان شكرهم.

كالغني الغبي الذي يقبل يده شاكراً ويرفع يديه حمداً لأنه ليس محتاجا ولكنه لا يقبل على البؤساء لمواساتهم، ولا يفتقد المتضايقين للتفريج عنهم وعن كربهم، فهل هذا شكر يرضاه الله.

ما أكثر الذين تدعوهم الظروف إلى الشكر فلا يشكرون، وهؤلاء مثل يقطينة يونان سرعان ما يكون وسرعان ما يصبح في خبر كان فبينما نكون في حالة الشكر تتغير الأحوال فننقلب ساخطين متذمرين، أما أفضل الشكر فهو الشكر غير المتزعزع، لأن أساسه راسخ شكر ينبض به القلب المتجدد بالنعمة، هذا الشكر مولده الجلجثة وفخره الصليب، وغايته مجد المسيح شكر تسكبه النعمة على شفاهنا فيصبح جزء من كياننا فلا نقدر أن نكون إلا شاكرين.

أحياناً يتصور البعض أن احسانات الله أمور طبيعية عادية فلا يوجد هناك دافع داخلي للشكر مثلهم كمثل شعب إسرائيل كانوا يتذمرون من أجل الجوع فلما رأوا المن يغطي وجه الصحراء القاحلة امتلأت أفواههم شكراً وحمداً، ولما طالت عناية الله بهم وصار لهم أمراً عادياً نسوا شكر الله.

دخل أحد رجال الدين كوخ امرأة فقيرة ليزورها فوجدها قد انتهت من طعامها الذي كان عبارة عن كأس ماء ورغيف خبز يابس ورآها ترفع عينيها إلى فوق قائلة: أشكرك يا رب.. وكيف لا أشكرك وقد أعطيتني كل هذا ومعه المسيح... مما يحب أن نشكر الله عليه نشكره على البركات ونشكره لأجل البركات الجسدية: من صحة وطعام وملابس وبركات جسدية كثيرة وإذ تأملنا جيداً لأعمال عناية الله المتنوعة المحيطة بنا لا يسعنا إلا أن نهتف «بَارِكِي يَا نَفْسِي الرَّبَّ، وَكُلُّ مَا فِي بَاطِنِي لِيُبَارِكِ اسْمَهُ الْقُدُّوسَ. بَارِكِي يَا نَفْسِي الرَّبَّ، وَلاَ تَنْسَيْ كُلَّ حَسَنَاتِهِ. الَّذِي يَغْفِرُ جَمِيعَ ذُنُوبِكِ. الَّذِي يَشْفِي كُلَّ أَمْرَاضِكِ. الَّذِي يَفْدِي مِنَ الْحُفْرَةِ حَيَاتَكِ. الَّذِي يُكَلِّلُكِ بِالرَّحْمَةِ وَالرَّأْفَةِ. الَّذِي يُشْبعُ بِالْخَيْرِ عُمْرَكِ، فَيَتَجَدَّدُ مِثْلَ النَّسْرِ شَبَابُكِ» (مزمور 1:103 - 5) هل تشكر الرب لأجل كل نسمة هواء وكل نقطة ماء وكل خطوة تخطوها.

قال أحد المؤمنين: «لم أشك في دهري سوى مرة واحدة هو أني حافي القدمين ولم أجد ما أشتري به حذاء فصعب ذلك علي كثيراً وفي أثناء ذلك شاهدت رجلاً بلا قدمين فما كان مني إلا أن شكرت الرب أن لي رجلين ورأيت أن مصيبتي بالحفاء خيراً من فقدان قدمي فشكرت الله على عنايته ورحمته» فكم يجب أن تفيض قلوبنا بالشكر والحمد عندما نرى ونتأمل العمي والعرج والبرص والصم، والمصابين بأمراض متنوعة شاكرين الرب لأجل العيون المبصرة والآذان السامعة والعقول المفكرة، من السهل أن تعد النجوم في السماء من أن تعد بركات الرب وإحساناته.

لقد تعودنا أن نشكر الله فقط لأجل البركات والخيرات لأجل الصحة والثروة لأجل الطعام والكساء ولكننا لا نشكره أبداً لأجل التجارب والتأديبات التي سمح بوقوعها علينا نشكر الرب لأجل الحلاوة ولكن قلما نشكره لأجل المرارة.

ومن أحسن الطرق للشكر:

أن نذكر فضل الله ونخبر باسمه.

أن ننادي باسمه ونبشر بخلاصه ونخبر بكم صنع بنا الرب ورحمنا فلتكن حياتنا حياة الشكر بأن نكرس حياتنا وكل مالنا لمجد الله

شاكرين كل حين على كل شيء في اسم يسوع المسيح الله الآب.