العودة الى الصفحة السابقة
باب العدو

باب العدو

جون نور


تخيل نفسك تسكن في منطقة مليئة بحوادث العنف والجريمة، فلا يمر يوم دون أن تسمع أخباراً مفزعة عن جرائم القتل أو الاغتصاب أو السرقة. وتخيل أيضاً انك عرفت أن هناك مجرماً خطيراً يتربص بمنزلك بالتحديد وهو مختفٍ في مكان ما في الظلام منتظراً الفرصة المناسبة لكي يفاجئك وينقض عليك، فهو يتوق لأن يأسرك أنت وكل ذويك ويشتاق إلى أن يسلب كل ممتلكاتك ويدمرها وأن يهلك كل عزيز وغالي لديك.

في ضوء كل هذا هل هناك احتمال أن تنسى يوماً أن تغلق باب منزلك وبإحكام؟ هل يمكن أن تذهب إلى فراشك ليلاً لتنام وتترك باب منزلك مفتوحاً على مصراعيه تحت أي ظرف من الظروف؟

بالطبع لا... بل مستحيل، أليس كذلك؟!

قد ترى أن هذا الكلام سخيف وغير منطقي، ولكن مع الأسف هناك عدد كثير من الناس يفعلون هكذا اليوم دون أن يدروا، ولكن الفرق هو أن الباب الذي يتركونه مفتوحاً ليس هو الباب إلى منزلهم بل الباب إلى نفوسهم وحياتهم.

قد يتنفس الكثير منا الصعداء قائلين: «حمداً لله! إن هذا بعيد كل البعد عني! فأنا لست متمرداً على الرب ولا عاصيا له ولسلطانه!».

ولكن أرجو ألا تكون متسرعاً في حكمك! فقد تفاجأ بأنك عكس ما تظن، فإبليس ليس أحمقاً أو غبياً بل هو وجنوده يتميزون بالدهاء والذكاء الشديد. فمعظم المؤمنين لا يقعون بإرادتهم وبكامل وعيهم في فخ العصيان والتمرد، ولكنهم عادة ما يقعون فيه بلا وعي كامل وذلك لأنهم مخدوعون.

لقد أعطى الرب لآدم وحواء وصية واحدة قائلاً: «مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلاً، وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا، لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتًا تَمُوتُ» (تكوين 2: 16 – 17).

لقد منحهم الرب الحرية لكي يأكلوا من جميع شجر الجنة ما عدا شجرة واحدة، ومن هنا تظهر طبيعة الرب التي تفيض بالحب والعطاء. ولكن الرب كان يبتغي لنفسه رفقاء في الجنة يحبونه ويطيعونه، لم يكن يريد آلات بلا إرادة وبلا حرية للاختيار بل كان يتوق لأن يكون لديه أبناء مخلوقين على صورته لهم إرادة حرة. وعندما أعطاهم وصية ألا يأكلوا من تلك الشجرة كان في الواقع يمنحهم فرصة لاستخدام إرادتهم الحرة في اختيار ما يحميهم من الموت، فبدون وصية لا يوجد اختيار.

لقد تجاهلت الحية .. عن قصد.. كرم الرب مع آدم وحواء وركزت فقط على الاستثناء، وبهذا أعطت انطباعاً وكأن الرب يحرمهم من شيء هام. وهكذا في جملة واحدة استطاع العدو أن يشوّه وصية الرب التي كانت تهدف إلى حماية آدم وحواء وحوّلها إلى أمر ظالم وغير عادل يهدف لحرمانهما مما هو جيّد ومفيد.

لقد أدى عصيان آدم وحواء وعدم طاعتهما للرب إلى الخطية والموت والمرض والدمار... قائمة أخذت تتزايد وتتكاثر عبر الأجيال والسنين. لقد فتح تمرد آدم وحواء الباب أمام إبليس لكي يسيطر ويدمر ولكي يحقق حلمه في أن يكون مثل اله ومساوياً له غير خاضع لسلطانه، ولقد كان السبيل لكي يحقق هذا الحلم هو أن يستعبد العالم الذي هو خليقة الله ويجعله خاضعاً لسلطانه هو، وليس لسلطان الله.

ولكن أعزائي المستمعين هذا مازال يحدث حتى في يومنا هذا.

كم من أناس يخرجون خارج مشيئة الرب بسبب انجذابهم لما يبدو جيداً ومبهراً لعيونهم، فقد يكون طريقاً للنجاح أو الرخاء المادي خارج مشيئة الرب وضد ما تعلنه كلمة الله ولكنهم يختارون أن يتبعوا أهواءهم ويسعوا لأن ينالوا السعادة والمتعة من طريق قد سبق وأشار الرب أنه خارج مشيئته وضد وصاياه. أتعرف لماذا؟ لأنهم يظنون أن الرب يمنع عنهم خيراً سوف يمتعهم ويسعدهم، فهم يظنون أن الرب لا يتفهم احتياجاتهم ويتجاهل أهمية ما بداخلهم من أحلام ورغبات. فهم يشكّون في أمانة الرب لأنه لم يستجب لصلواتهم في الوقت الذي كانوا يتوقعون فيه الاستجابة، ومن هنا يبدأ التفكير:

إلى متى ننتظر الرب واستجابته لصلواتنا بينما الخير والسعادة أمامنا؟ لما لا نمد أيدينا ونأخذ منه الآن ونشبع أنفسنا؟!

لقد ظل يسوع في البرية أربعين نهاراً وأربعين ليلة بدون طعام أو راحة، وفي النهاية بدأ الجوع يهاجمه وكان جسده في أشد الاحتياج للطعام ولكن... كان عليه أولاً أن يواجه تجربة قبل أن يسدد الرب احتياجه للطعام. فقد جاء إبليس ليسوع ليجرَّبه قائلاً: «إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ فَقُلْ أَنْ تَصِيرَ هذِهِ الْحِجَارَةُ خُبْزًا» (متّى 4: 3).

لقد كان يحاول أن يشوّه صورة الرب ويشكك في أمانته، فكأن لسان حاله يقول ليسوع: «لماذا أحضرك الرب إلى هنا في هذه البرية لتتضور جوعاً؟ لماذا لم يمنحك الطعام اللازم لتسديد احتياجك؟ لقد حان الوقت الآن لكي تسدد احتياجك بطريقتك الخاصة. هيا إستخدم سلطانك وقدراتك وحوّل هذه الحجارة إلى خبز قبل أن تموت من الجوع!

لقد أعلن يسوع أن رئيس العالم، أي إبليس، ليس له فيه شيء في نفس الوقت الذي تكلم فيه عن طاعته الكاملة لما أوصاه به الآب أن يفعله، ذلك لأن من خلال هذه الطاعة الكاملة للآب... أُغلق يسوع الباب بإحكام في وجه إبليس.

أعزائي المستمعين ان طاعتنا للرب تغلق باب العدو ولا تعطيه الفرصة للدخول إلى حياتنا. وعدم طاعتنا للرب يفتح باب العدو على مصراعيه ويعطيه الفرصة للدخول إلى حياتنا. يا ليتنا نغلق بإحكام أي باب يستطيع عدو الخير من خلاله ان ينفذ الى حياتنا وللرب نعطي كل المجد.