العودة الى الصفحة السابقة
موت المسيح وقيامته

موت المسيح وقيامته

جون نور


أعزائي المستمعين الكرام موضوع حلقة اليوم هو عن موت المسيح وقيامته وسبب حديثي بالتحديد عن هذا الموضوع هو أن كثيرين قد سمحوا للشك ان يتسرب الى حياتهم وايمانهم مشككين في موضوع صلب المسيح وقيامته.

أعزائي مات المسيح على الصليب وسدد دين الخطية «لِيَكُونَ بَارًّا وَيُبَرِّرَ مَنْ هُوَ مِنَ الإِيمَانِ بِيَسُوعَ» (رومية 3: 26). فلم تكن حادثة الصلب وآلام المسيح وقيامته حادثة دوّنها التاريخ لكيما تتناقلها الأجيال وتصبح تقليداً كنسيا ثم ترجع الأمور كسابق عهدها بل أراد الله في قيامة المسيح أن يقيمنا أيضاً معه لكي لا نعود نحيا فيما بعد في خطايانا بل أن نعيش كل يوم للذي أحبنا وأسلم نفسه لأجلنا.

الله عادل وكان لا بد أن يدين الخطية التي يعيشها الإنسان وعدالة الله تطالب بالقصاص، فمن يستطيع ان يجيب أن الشخص الوحيد الذي استطاع أن يجيب عن مشكلة عدالة الله ورحمته كان هو المسيح عندما مات على الصليب. كان كل دين آخر يعجز عن أن يعطي لله كمالاته الأدبية ولكن ديانة الصليب حفظت لله كمالاته الأدبية. لان المسيح عندما مات على الصليب أصبح الله بموته باراً واستطاع بهذا الموت في ذبيحة المسيح أن يبرر من هو بالإيمان بيسوع.

هذا هو امتياز المسيحية عن كل دين آخر. ففي الديانات الأخرى نجد مبادئ عُليا ونهياً عن المفاسد والمنكر. لكن في المسيحية نجد الله يتكلم إلينا لا بلغة رمزية وإنما في شخصه العزيز المبارك «الْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْدًا كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ، مَمْلُوءًا نِعْمَةً وَحَقًّا» (يوحنا 1: 14).

قال بولس: «إِنَّ اللهَ كَانَ فِي الْمَسِيحِ مُصَالِحًا الْعَالَمَ لِنَفْسِهِ، غَيْرَ حَاسِبٍ لَهُمْ خَطَايَاهُمْ» (2كورنثوس 5: 19).

«مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحْيَا لاَ أَنَا، بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ. فَمَا أَحْيَاهُ الآنَ فِي الْجَسَدِ، فَإِنَّمَا أَحْيَاهُ فِي الإِيمَانِ، إِيمَانِ ابْنِ اللهِ، الَّذِي أَحَبَّنِي وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِي» (غلاطية 2: 20).

الحياة المسيحية ليست إنشاءً أو هي عظة ولا هي حضور الصلاة خلال الأسبوع. الحياة المسيحية هي حياة كل دقيقة هي حياة النوم واليقظة هي حياة السلوك الاجتماعي والسلوك التجاري فالمسيح في كل شيء. المسيح كان إنساناً اجتماعياً لأنه كان نجاراً في الناصرة. فأنتم لا تتصورون أن نجاراً في الناصرة لا يتعامل مع الناس كالناس، كان يذهب ويفتح كل صباح دكان النجار أي دكان يوسف وإن كان يأتيه أحد ويقول له أريدك أن تصنع لي باباً أو شباكاً أو خزانة كان المسيح يجلس ويحسب ثمن الخشب وأجرة العمل، ومن ثم يحاسب الناس على عمله. لقد كان إنساناً اجتماعياً لم يغش ولم يحاول أن يخدع بل قدس الحياة العملية بأن دخل فيها كنجار حتى قيل عنه «أَلَيْسَ هذَا هُوَ النَّجَّارَ ابْنَ مَرْيَمَ» (مرقس 6: 3).

ما هو تأثير قيامة المسيح في حياتنا؟

يقول بولس مع المسيح صلبت و«الَّذِينَ هُمْ لِلْمَسِيحِ قَدْ صَلَبُوا الْجَسَدَ مَعَ الأَهْوَاءِ وَالشَّهَوَاتِ» (غلاطية 5: 24) ما هو الجسد؟ هل هو ما تقوم به أصابعنا وأيدينا وأرجلنا؟ بل يقصد أجسادنا التي هي هيكل الروح القدس، فهذا الجسد الذي من لحم ودم مجرد أداة، وهذه الأداة تتحرك من هنا من المخ الذي هو مركز التشغيل.

الجسم يتحرك من المخ فهو الأداة التي تحرك كل شيء. فعندما يمتلئ الإنسان بالشر من الداخل يتحرك الجسد الخارجي فأول تأثير للصليب والقيامة في حياتنا هو أن نصلب «الْجَسَدَ مَعَ الأَهْوَاءِ وَالشَّهَوَاتِ» (غلاطية 5: 24) والدائرة الثانية لتأثير الصليب والقيامة مذكورة في رسالة غلاطية الأصحاح السادس والعدد الرابع عشر «أَمَّا مِنْ جِهَتِي، فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِهِ قَدْ صُلِبَ الْعَالَمُ لِي وَأَنَا لِلْعَالَمِ».

لنفكر في شخص مصلوب كيف يمكن أن يكون حاله لا منظر ولا صورة، دماء تنزف من يديه ورجليه يعيش دقائق الآلام منتظراً الموت وهذه صورة الإنسان الذي يعيش ذكرى القيامة بعيداً في حياته ومسلكه بعيداً عن الله.

تحدث المسيح عن إنسان أخصبت كورته فقال ماذا أصنع؟ إنسان لم يعش ضمن دائرة الله دائماً يسأل ماذا أصنع أما الشخص الذي يعيش حياة القيامة منتظراً مع المسيح لا يسأل ماذا أصنع بل ماذا تريدني يا رب أن أفعل ضمن دائرة المشيئة الإلهية. ذلك الإنسان قال لنفسه وليس لله ماذا أصنع «أَهْدِمُ مَخَازِنِي وَأَبْنِي أَعْظَمَ، وَأَجْمَعُ هُنَاكَ جَمِيعَ غَّلاَتِي وَخَيْرَاتِي، وَأَقُولُ لِنَفْسِي: يَا نَفْسُ لَكِ خَيْرَاتٌ كَثِيرَةٌ، مَوْضُوعَةٌ لِسِنِينَ كَثِيرَةٍ» (لوقا 12: 18 و19). هذا الإنسان لم يضع الله في برنامج حياته لم يقل إن شاء الرب لم يطلب من الله حكمة للتصرف في البركات السماوية التي أغدقها الله عليه فلقد أخرج الله من برنامج حياته؟

فقال الله له في تلك الليلة يا غبي لأنك أخرجتني من دائرة حياتك أخرجت التفكير السليم ووجود الله والأبدية من برنامج حياتك التي لا يمكن لها أن تعيش فقط على مخزون قمحك وغناك في «هذِهِ اللَّيْلَةَ تُطْلَبُ نَفْسُكَ مِنْكَ، فَهذِهِ الَّتِي أَعْدَدْتَهَا لِمَنْ تَكُونُ؟» (لوقا 12: 20).

المسيح يقول لنا نحن الذين قمنا معه أن نعيش في هذا العالم كغرباء ونزلاء وليس كملاكين لأن هذه كلها ستزول أنتم غرباء ونزلاء أنتم لَسْتُمْ مِنَ الْعَالَمِ... لِذلِكَ يُبْغِضُكُمُ الْعَالَمُ (يوحنا 15: 19) «اِفْرَحُوا وَتَهَلَّلُوا، لأَنَّ (أسماءكم كُتبت) فِي السَّمَاوَاتِ» (يوحنا 5: 12). المسيح يحيا فينا لأننا سلمنا له زمام الأمور وعندها نرى أن حياتنا أصبحت تتشكل بدون أن ندري يوماً بعد يوم بصورة المسيح الذي فينا.

إذ كان المسيح قد قام اليوم فلنعش قيامته فينا وفي حياتنا.

إذا كان المسيح قد قام اليوم فلنقل جميعاً متحدين في قلوبنا ومصممين أن نحيا له.