العودة الى الصفحة السابقة
أي نوع من الناس يجب أن نكون

أي نوع من الناس يجب أن نكون

جون نور


تقول كلمه الرب في رسالة بطرس الثانية: «فَبِمَا أَنَّ هذِهِ كُلَّهَا تَنْحَلُّ، أَيَّ أُنَاسٍ يَجِبُ أَنْ تَكُونُوا أَنْتُمْ فِي سِيرَةٍ مُقَدَّسَةٍ وَتَقْوَى؟» (2بطرس 11:3).

يكون هذا السؤال أبعد أثراً إذا طرحناه بصيغة المفرد المتكلم:

أي نوع من الناس يتوقع الله منا أن نكون؟ أي نوع من الناس ينتظرنا العالم أن نكون؟

ولنجعل السؤال أكثر دقة، دعونا نفكر في النعوت التي يمكن أن نقدمها إجابة عن هذا السؤال: ربما نجيب .. مثل المسيح، مكرس، لطيف، محب، مؤدب، أمين، طاهر، عادل، مخلص، غيور ومملوء بالروح! ويمكنكم أن تضيفوا عشرات الأوصاف الأخرى!

هل أنا ذاك النوع من الناس؟

أي نوع من الناس يجب أن أكون، في سيرة مقدسة وتقوى؟ إن الكلمة «سيرة» كما هي مستعملة في العهد الجديد لا تنحصر في الاستعمال الضيق المنطبق عليها اليوم فترجمة الكلمة تعني طريقة أو سيرة الحياة. والمسيحية ليست مجرد معتقد بل طريقة حياة. ويصدق هذا بنوع خاص على نوع المسيحية التي يجب أن نظهرها للعالم في زمن يسير فيه كل شيء حولنا في طريق الزوال.

أي نوع من الحياة البيتية يجب على الإنسان أن يعيش؟ أي نوع من الحياة الفكرية؟

أي نوع من الحياة الاجتماعية؟ أي نوع من الحياة الترفيهية؟ أي نوع من الحياة التجارية؟ أي نوع من الحياة المهنية؟ أي نوع من الحياة الشخصية؟ أي نوع من الحياة المصلية؟ أي نوع من حياة المحبة؟ أي نوع من حياة الأكل والشرب؟

إن سؤال الله هذا في ارتباطه بكل ناحية من نواحي حياتي يستنهض همتي بالنسبة لأي نوع من الأزواج أو الزوجات يجب أن أكون. أي نوع من الآباء والأمهات أي نوع من الأبناء والبنات، أي نوع من المعلمين والتلاميذ، أي نوع من الواعظين أو السامعين، أي نوع من الصناع أو المزارعين، أي نوع من الجيران أو المواطنين، أي نوع من الموظفين أو أرباب العمل؟

الله لا يريدنا أن نكون أقزاماً من الوجهة الروحية، بل دعانا إلى أكمل قياس من الحياة الموفورة الطاهرة فهو يخبرنا هذا بوضوح في قوله: «بَلْ نَظِيرَ الْقُدُّوسِ الَّذِي دَعَاكُمْ، كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضًا قِدِّيسِينَ فِي كُلِّ سِيرَةٍ» (1 بطرس 15:1). «نَنْتَهِيَ... إِلَى إِنْسَانٍ كَامِل. إِلَى قِيَاسِ قَامَةِ مِلْءِ الْمَسِيحِ» (أفسس 13:4).

لا نستطيع نحن من ذواتنا أن نبلغ هذا المستوى الرفيع لذلك يتوجب علينا ألا نتكل على قوتنا الذاتية. فموارد القدير التي لا تنضب موضوعة كلها تحت تصرفنا في المسيح يسوع الذي به نستطيع أن نتمم دعوتنا السامية: كما تقول الكلمة في رسالة كولوسي «الَّذِي نُنَادِي بِهِ مُنْذِرِينَ كُلَّ إِنْسَانٍ... بِكُلِّ حِكْمَةٍ، لِكَيْ نُحْضِرَ كُلَّ إِنْسَانٍ كَامِلاً فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ» (كولوسي 28:1).

«قِدِّيسِينَ وَبِلاَ لَوْمٍ» (أفسس 1: 4) كيف يمكن ذلك من الناحية البشرية؟ إنها غير ممكنة! لكنها ممكنة من الناحية الإلهية عندما نضع أنفسنا تحت تصرف الروح القدس ونسمح له بالعمل في حياتنا.

إن عربة القطار الحديدي لا تستطيع أن تتحرك بنفسها. وأملها الوحيد في الحركة هو ربطها بالقاطرة الضخمة التي تمتلك كل الطاقة التي تحتاجها عربات الشحن لعمل ما لا تستطيع هي نفسها أن تعمله. وطالما أنها مرتبطة بها فهي تستطيع أن تسافر بالسرعة التي تسير القاطرة عليها. فعن طريق الربط تنتقل قوة القاطرة إلى العربة. وعندما تنفصل عنها تصبح فوراً ساكنة عديمة الحركة كما كانت من قبل. وبهذا نحصل نحن على القوة التي تمكننا من أن نعيش حياة مسيحية إذا ارتبطنا بالله مصدر كل قوة بواسطة يسوع المسيح.

«أتى المسيح بشكل بشري ليظهر لسكان العوالم غير الساقطة أنه أعد العدة الكافية لتمكين بني البشر من العيش بأمانة لخالقهم».

لقد أتى المسيح ليعلن مصدر قوته حتى لا يتكل الإنسان بعد على قوته البشرية التي لا تفيد...

المسيح أتى إلى الأرض كإنسان عاش حياة مقدسة واتصف بكمال الخلق. وهو يقدم هذا كله هبة مجانية لكل من يقبله. وأكثر من ذلك فإن المسيح يطبع صفات الله على قلوب الناس. وهو يبني خلق الإنسان على مثال صفات الله.

لقد أتى المسيح إلى العالم وعاش بموجب شريعة الله حتى يتسنى للإنسان أن يسيطر سيطرة كاملة على ميوله الطبيعية التي تفسد النفس. وكطبيب النفس والجسد يمنح هو النصرة على الشهوات المحاربة. إذ أعد كل ما يساعد الإنسان وييسر له امتلاك كمال الخلق.

إذن، عزيزي المستمع هذه هي الدعوة السامية الموجهة إلينا من السماء. إن الله لم يدعونا ليسخر منا! فهو يحبنا ويريدنا أن نكون نماذج للعالم على قدرته على تخليص أشخاص مثلك ومثلي. ويؤهلنا لأن نعيش في حضرته. فكلما عظمت الوهدة التي ينتشلنا منها كلما عظم المجد الذي يضاف إلى اسمه على غنى نعمته. فلنطلب منه تحقيق مواعيده لنا. وثقوا أنه سيحقق وعده: «وَإِلهُ السَّلاَمِ نَفْسُهُ يُقَدِّسُكُمْ بِالتَّمَامِ. وَلْتُحْفَظْ رُوحُكُمْ وَنَفْسُكُمْ وَجَسَدُكُمْ كَامِلَةً بِلاَ لَوْمٍ عِنْدَ مَجِيءِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ. أَمِينٌ هُوَ الَّذِي يَدْعُوكُمُ الَّذِي سَيَفْعَلُ أَيْضًا» (1تسالونيكي 23:5 و24).