العودة الى الصفحة السابقة
إرادة الله

إرادة الله

جون نور


الله قد خلقنا لأعمال صالحة قد سبق فأعدها لكي نسلك فيها فكل دقيقة من حياتنا لها قيمتها لعلاقتها بإرادة الله وأن كل عمل نعمله مهما كان صغيراً إلا أنه كبير لأنه جزء من تدبير الله.

وطبقاً لهذا القصد دبر الله تدبيراً خاصاً لحياة كل إنسان.

ولنا في موضوع إرادة الله ثلاث كلمات نتكلم عنها في هذه الحلقة: -

1 - ما هي إرادة الله.

2 - كيف نعرف إرادة الله.

3 - واجبنا إزاء إرادة الله.

أولاً: ما هي إرادة الله

إن إرادة الله في معناها المطلق هي شيء يتفق اتفاقاً تاماً مع كمال الله فإرادة الله كاملة عادلة كريمة غير متغيرة أمينة حقة قدوسة بارة، كالله نفسه فلا يمكن أن يريد الله شيئاً ينافي كماله أو قداسته.

فهذا الكون وكل ما فيه أوجدته إرادة الله وحفظته وأحسن وصف لإرادة الله ما قاله الرسول بولس في (رومية 2:12) «لِتَخْتَبِرُوا مَا هِيَ إِرَادَةُ اللهِ: الصَّالِحَةُ الْمَرْضِيَّةُ الْكَامِلَةُ» لقد وصف بولس إرادة الله بأنها: -

1 - إرادة صالحة:

لأن قلب الله صالح وهو لا يجرب بالشرور إذ كل ما يصدر عنه فهو صالح. وهذا بعكس إرادتنا الطبيعية فلا صلاح فيها بالمرة أما إرادة الله فهي صالحة صلاحاً مطلقاً في كل ما تجريه معنا.

وإرادة الله صالحة في ما تجريه لحياتنا «هذِهِ هِيَ إِرَادَةُ اللهِ: قَدَاسَتُكُمْ» (1تسالونيكي 4: 3) وأيضاً صالحة فيما تجريه معنا «افْرَحُوا كُلَّ حِينٍ. صَلُّوا بِلاَ انْقِطَاعٍ. اشْكُرُوا فِي كُلِّ شَيْءٍ، لأَنَّ هذِهِ هِيَ مَشِيئَةُ اللهِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ مِنْ جِهَتِكُمْ» (1تسالونيكي 5: 16 - 18).

فإن كانت إرادة الله صالحة إلى هذه الدرجة تجاه الإنسان فهل يحق ويليق بالإنسان أن يتحدى يقاوم إرادة الله لحياته.

2 - إرادة مرضية «ملائمة»:

وبمقدار ما نخضع لمشيئة الله وتنسجم إرادتنا في إرادته بمقدار ما تكون حياتنا أكثر انسجاماً واتفاقاً مع الله فنتمتع به التمتع الحقيقي ويكون هو العامل فينا.

3 - إرادة كاملة:

لا نقص فيها ولا عيب لأنها تحيط بكل شاردة وواردة في حياتنا فتشمل الشؤون العامة المتعلقة بنا وتلم بأدق التفصيلات والأمور ففي كل أمورنا الكبيرة والصغيرة الظاهرة والمستترة وفي كل مجرى حياتنا ما دمنا خاضعين لمشيئة الله يتضح لنا حقاً إنها إرادة صالحة ومرضية وكاملة وليس لنا إلا أن ننحني أمام هذه الإرادة قائلين في كل ظروفنا «لتكن إرادتك لتكن مشيئتك».

2 - كيف نعرف إرادة الله:

من السهل علينا أن نعرف إرادة الله من كلمته لأنها إعلان مشيئته لنا وللعالم ولكل الأجيال وعندما نفتشها ونستعملها بكل تدقيق كطعامنا وحياتنا ونورنا وسلاحنا في كل ظروفنا ومحاربتنا نجد فيها إعلاناً كافياً لمعرفة إرادة الله.

أنظر إلى ظروف حياتك وما تجد نفسك فيه وإلى التدابير التي تدبرها العناية الإلهية وتأمل فيها لأنها كثيراً ما تظهر إرادة الله من ناحيتك إنما علينا أن نتأكد من هذه الظروف بروح الصلاة.

علينا أن نحذر من أن نفتح أبواباً بقوتنا ثم نطلب من الله أن يتبعنا.

نعرف إرادة الله من: -

3 - الروح القدس في داخلنا:

لكي نفهم مشيئة الله تماماً يجب أن نكون قريبين من الله كما طلب منا الرسول «أَنْ تَمْتَلِئُوا مِنْ مَعْرِفَةِ مَشِيئَتِهِ، فِي كُلِّ حِكْمَةٍ وَفَهْمٍ رُوحِيٍّ» (كولوسي 1: 9).

3 - واجبنا إزاء إرادة الله:

1 - أن نمتلئ بروح الطاعة والخضوع لإرادة الله وهذا معناه أنه يجب أن نخضع لإرادة الله ونسلم لمشيئته دون قيد أو شرط، ونخلي أنفسنا من أغراضنا الذاتية. وبكل عزم ثابت نعمل إرادة الله وأن نتذكر دائماً بأننا لسنا لذواتنا بل لله الحي الذي لا نراه ولكنه يرانا ولا نعرف بالعيان لكنه يعرفنا ويحبنا محبة أبدية، فيليق بنا أن نسلم له طريقنا ونتكل عليه وهو يجري.

2 - أن يكون خضوعنا لإرادة الله خضوعاً اختيارياً عن سرور ورضى.

البعض يخضعون اضطراراً أو لغرض ولكن هذا الخضوع في نظر الله لا قيمة له بل يجب أن يكون بشعارنا (مزمور 8:4) «أَنْ أَفْعَلَ مَشِيئَتَكَ يَا إِلهِي سُرِرْتُ» وكثيراً ما نصلي «لتكن إرادتك» وكأننا نعني حقيقة أننا نتحمل إرادة الله ما دام ليس في مقدورنا أن نتجنبها وحقيقة أنه من الواجب أن نصلي قائلين لتكن إرادتك لأنها أفضل شيء لنا لأن المؤمن المحصور بمحبة المسيح يخضع فرحاً مسروراً راضياً ويقول مع سيده: «طَعَامِي أَنْ أَعْمَلَ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي» (يوحنا 34:4).

3 - واجبنا أن نخضع لإرادة الله مهما كلفنا ذلك من تضحية حتى إلى الموت.

يجب أن يكون الله أولاً: ولتكن إرادته فوق كل إرادة يجب أن نضحي بكل شيء في سبيل تنفيذ إرادته فوق كل إرادة لأنه يجب أن يطاع الله أكثر من الناس وإذا أحببناه أكثر من كل شيء واكثر من كل شخصية فمن السهل علينا أن ننفذ إرادته مهما كلفنا ذلك.

كم نندهش عندما نقرأ تاريخ الشهداء الذين قابلوا الموت والعذاب الشديد في سبيل خضوعهم لإرادة الله فهل نحن خاضعون وهل إرادة الله هي الكل في الكل في حياتنا.