العودة الى الصفحة السابقة
قوة الصلاة

قوة الصلاة

جون نور


إن حياة الانسان الحافلة بالصلاة هي علامة اختباره مع الله. فالصلاة ضرورية للحياة.

فإذا ما انقطع الاتصال الذي تقيمه الصلاة بالسماء لا يعود هنالك نمو روحي. وبدون صلاة يضعف الانسان ويموت روحياً.

تعتبر الصلاة عملية التنفس الطبيعي لحياة كل مومن. وعن طريق قناة الصلاة نعيش في جو روحي - فنحصل على النعمة، والمحبة، وقوة الله المحيطة بنا.

بدون تنفس لا نستطيع أن نعيش جسدياً. وبدون صلاة لا نستطيع أن نعيش روحياً.

بالرغم من هذه الحقيقة المعروفة جيداً في الحياة الروحية هناك العديد من المدعين التدين الذين لا يصلون كما يجب ولذا تجد حياتهم الروحية ضعيفة وفي الحضيض، ونظراً لقلة الوقت الذي يمضونه في الصلاة تكون حياتهم حياة مشوهة ضعيفة.

إن ذاك الذي لا يستطيع التنفس بانتظام لا يستطيع النمو بانتظام. إذ لا يقدر على العمل جيداً وعقله لا يعمل بصورة طبيعية.

وكذا الحال في الحياة المسيحية. فالإيمان لا يمكن أن يتقوى بدون صلاة. والمعرفة التي يتوجب على المسيحي أن يحصل عليها في جو الإيمان والصلاة لن تفهم على حقيقتها بدون صلاة.

لا يستطيع واحدنا أن يبذل جهداً جسدياً زائداً إذا لم تكن رئتاه قد نمتا بصورة طبيعية. وكذا المسيحي لا يستطيع أن ينجز أعمالاً عظيمة لله أو يتغلب على التجربة إذا لم يكن قد اعتاد حياة الصلاة.

(الصلاة هي سر القوة الروحية، ولا يمكن الاستعاضة عنها بأية وسيلة أخرى للمحافظة على صحة النفس. الصلاة تصل القلب مباشرة بنبع الحياة، وتشدد أوتار الاختبار الروحي وعضلاته. وإذا أنت أهملت الصلاة أو مارستها في مناسبات متقطعة فإن ذلك يبعدك عن الله، فتفقد قواك الروحية حيويتها، ويغدو اختبارك الروحي مفتقراً إلى النشاط والقوة). الصلاة الحقة هي منفذ لدافع يأتي من الله. مثل هذه الصلاة يمكنها أن تحرك السماء. فعن طريق الصلاة استطاع النبي أيليا أن يقوم بأعمال رائعة لله. «طَلِبَةُ الْبَارِّ تَقْتَدِرُ كَثِيرًا فِي فِعْلِهَا. كَانَ إِيلِيَّا إِنْسَانًا تَحْتَ الآلاَمِ مِثْلَنَا، وَصَلَّى صَلاَةً أَنْ لاَ تُمْطِرَ، فَلَمْ تُمْطِرْ عَلَى الأَرْضِ ثَلاَثَ سِنِينَ وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ. ثُمَّ صَلَّى أَيْضًا، فَأَعْطَتِ السَّمَاءُ مَطَرًا، وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ ثَمَرَهَا» (يعقوب 16:5 - 18).

متى سندرك كما يجب. إن الصلاة هي البوابة التي توصلنا إلى عرش السماء وتفتح أمامنا قوة الكلي القدرة اللامحدودة.

إن المثال الأسمى لقوة حياة الصلاة هو حياة مخلصنا. وتلاميذ المسيح أتوا إليه يوماً وقالوا: «يَارَبُّ، عَلِّمْنَا أَنْ نُصَلِّيَ» (لوقا 1:11). صار التلاميذ يربطون بين ساعاته التي كان يقضيها في الصلاة وبين قوة كلامه وأعماله.

لم تكن هنالك حياة مزدحمة بالأعمال والمسؤوليات كما كانت حياة يسوع، ومع ذلك فما أكثر المرات التي وجد فيه وهو يصلي! وكم كانت شركته مع الله متصلة ودائمة! ومراراً عديدة في تاريخ حياته الأرضية نجد مثل هذه الشهادات: «وَفِي الصُّبْحِ بَاكِرًا جِدًّا قَامَ وَخَرَجَ وَمَضَى إِلَى مَوْضِعٍ خَلاَءٍ، وَكَانَ يُصَلِّي هُنَاكَ». «اجْتَمَعَ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ لِكَيْ يَسْمَعُوا وَيُشْفَوْا بِهِ مِنْ أَمْرَاضِهِمْ. وَأَمَّا هُوَ فَكَانَ يَعْتَزِلُ فِي الْبَرَارِي وَيُصَلِّي» «وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ خَرَجَ إِلَى الْجَبَلِ لِيُصَلِّيَ. وَقَضَى اللَّيْلَ كُلَّهُ فِي الصَّلاَةِ للهِ» (مرقس 35:1؛ لوقا 15:5 و16؛ 12:6).

إن حياة المسيح الحافلة بالصلاة كانت مثالاً لنا ولتلاميذه..

وموقفنا في الضيق القادم يعتمد إلى حد كبير على اتصالنا بالله عن طريق الصلاة كل يوم فالشعور بالاكتفاء الذاتي هو نتيجة إهمال الصلاة إذ ندرس عادات المسيح في الصلاة نجد أنه لم يصرف دقائق قليلة فقط كل يوم في الاتصال بأبيه بل كان أحياناً يصرف الليل كله في الصلاة إلى الله. إذاً لا نستطيع أن نتوقع أن تكون لنا قوة في حياتنا إذا أمضينا خمس أو عشر دقائق في الصلاة الشخصية الخاصة.

قال المسيح: «فَمَتَى صَلَّيْتَ فَادْخُلْ إِلَى مِخْدَعِكَ وَأَغْلِقْ بَابَكَ، وَصَلِّ إِلَى أَبِيكَ الَّذِي فِي الْخَفَاءِ» (متّى 6:6). فوسط هذه الظروف فقط يمكننا أن نشعر بحياتنا الروحية. هناك فقط نستطيع أن نفتح قلوبنا تماماً وبحرية لله. هناك فقط نستطيع أن نعبر عن أنفسنا كما نرغب.

لقد فهم تلاميذ المسيح أخيراً القوة الكامنة في الصلاة. وبعد صعوده تبعوا إرشاداته في أن يقيموا في مدينة أورشليم. وأثناء إقامتهم هناك كانوا يجتمعون معاً ليقدموا صلواتهم وطلباتهم إلى الآب باسم المسيح. لقد علموا أن لهم نائباً يمثلهم في السماء، وهو شفيعهم أمام عرش الله. ففي خشوع مقدس انحنوا يصلون مرددين وعد الرب الأكيد القائل، «كُلَّ مَا طَلَبْتُمْ مِنَ الآبِ بِاسْمِي يُعْطِيكُمْ» (يوحنا 23:16). لقد تمسكوا بالإيمان بوعد الله. «اَلْمَسِيحُ هُوَ الَّذِي مَاتَ، بَلْ بِالْحَرِيِّ قَامَ أَيْضًا، الَّذِي هُوَ أَيْضًا عَنْ يَمِينِ اللهِ، الَّذِي أَيْضًا يَشْفَعُ فِينَا» (رومية 34:8).

علينا أن نتعلم عن القوة الكامنة في الصلاة. وعندما نفعل ذلك وعندما نعيش بموجب كل الحقائق التي تمتلكها قوة الصلاة ستظهر قوة الروح القدس من جديد وبقوة أعظم مما ظهرت من قبل وإعلان هذه القوة في الكنيسة هو الذي نحن بحاجة إليه اليوم. فلنصل ولنستعد.