العودة الى الصفحة السابقة
الشهادة للمسيح

الشهادة للمسيح

جون نور


«لكِنَّكُمْ سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ، وَتَكُونُونَ لِي شُهُودًا فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ» (أعمال الرسل 8:1)

«وَيُكْرَزُ بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ هذِهِ فِي كُلِّ الْمَسْكُونَةِ شَهَادَةً لِجَمِيعِ الأُمَمِ» (متّى (14:24)

في هذا الحلقة أريد أن أتكلم عن دعوة المسيح لنا أن نكون شهوداً له، إنه لا يطلب محامين أو مدافعين ولكن شهوداً، وهذه هي الخدمة العظمى التي تركها لنا يسوع بعد أن صعد إلى السماء ليجلس عن يمين الآب. قد يخطر ببالنا أن نسأل، ولكن ماذا يعني أن نكون شهوداً؟

من المثير للاهتمام أنه بعد صعود المسيح أن نرى تلاميذه بعد ذلك الوقت ينشرون ويشهدون عن شخص حكم بالإعدام، عن شخص احتقر وأهين، عن شخص بصق على وجهه، عن شخص ضرب بالسوط، عن شخص صلب بين أسوأ اللصوص، ومن الممكن أن نتخيل مدى الاستهزاء الذي لقيه هؤلاء المؤمنين عندما حاولوا أن ينشروا مثل هذه الرسالة، هل من الممكن أن يصلوا إلى كل العالم بهذه الرسالة التي ختم عليها ختم العار؟ الجواب نعم. قد يرى البعض ان المسيح ورسالته نوع من أنواع الجنون، اذ لا يمكن أن تكون رسالة الخلاص ممزوجة بختم العار. كتب الرسول بولس إلى أهل كورنثوس قائلاً في الأصحاح الأول والعدد 18: «فَإِنَّ كَلِمَةَ الصَّلِيبِ عِنْدَ الْهَالِكِينَ جَهَالَةٌ، وَأَمَّا عِنْدَنَا نَحْنُ الْمُخَلَّصِينَ فَهِيَ قُوَّةُ اللهِ للخلاص». لليهود كان المسيح المنتظر ملكاً قوياً أرضياً ذو قوة وسطوة وثروة. ولكنهم تفاجئوا عندما جاء المسيح عبداً فقيراً متواضعاً يمنح ملكوته لمن يؤمن وليس لمن يعمل، وهذا يبدو نوعاً من الجهالة والجنون بالنسبة لليهود والعالم.

حمل التلاميذ هذه الرسالة إلى كل أرجاء المعمورة، وكم كانت المفاجأة أن هذه الرسالة المحتقرة قد قلبت العالم على وجهه، وإن كان بمقدور التلاميذ في ذلك الوقت أن يقلبوا العالم رأساً على عقب، فنحن أيضاً نقدر أن نفعل الشيء نفسه.

إنها رسالة أظهر بها الله محبته لنا فأرسل ابنه الوحيد وبذله على الصليب لكي لا يهلك كل من يؤمن به. نحن نشهد ونبشر أن المسيح صلب، ولكنه لم يصلب فقط، بل كان هناك هدف سامٍ لكل ما فعل، ليس لجلب العار لنا، بل على العكس تماماً. لقد مات المسيح عوضاً عنا، من أجل خطايانا، حتى لا نتألم نحن بالعقاب الذي نستحقه، ونحصل بدل عن ذلك حياة أبدية. قد لا يفهم البعض الآخر هذه الرسالة ولكن لا يوجد لدينا رسالة أخرى، نعم لقد صلب المسيح وهذه هي رسالة الحياة التي نحملها.

قد يكون بيننا اليوم البعض حتى الآن لم يقبلوا هذه الرسالة، أشخاص يقولون إن هذه الرسالة رسالة عار وجهالة ولا تصلح لحياتي. لهؤلاء الأشخاص أشهد لكم اليوم أنه من قبل المسيح فإن المسيح له القدرة أن يغفر ذنوبك لديه القدرة أن يغير حياتك ويقلبها رأساً على عقب من حياة الخطية إلى حياة سلام مع الرب يسوع بعيداً عن الخطية وعواقبها.

يجب أن نعرف أنه ليس بمقدورنا أن نصل العالم بالخبر السار عن موت المسيح وصلبه وقيامته بقوتنا البشرية، ولكن وعدنا يسوع أن يكون معنا ويساعدنا في تحقيق هذه الخدمة العظيمة. التلاميذ بعد أن صعد المسيح لم يكن لديهم المال أو القوة أو الطريقة ليحققوا الوصية العظيمة بنشر الإنجيل، لقد كانوا بدون قدرة أو قوة، لكنهم آمنوا بانهم كما يقول الكتاب «أَسْتَطِيعُ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْمَسِيحِ الَّذِي يُقَوِّينِي» (فيلبي 13:4). نعم لقد استطاع التلاميذ أن يعملوا كل شيء في المسيح، ونحن أيضاً نستطيع أن نفعل كل شيء. لقد حصل التلاميذ على هذه القوة، قوة الروح القدس وبسبب تلك القوة، أصبح هؤلاء التلاميذ الذين هربوا عندما قبض على يسوع صاروا يجولون المعمورة ينشرون كلمة المسيح بدون خوف.

من الأمور العظيمة التي يمكن أن نراها نتيجة لشهادتنا هي القدرة على تحيير وتقيد العالم وجعله يشك في مبادئه وتعاليمه. شهادة المسيح وتلاميذه كان لها قوة عظيمة، ليس فقط تجعل الفريسيين يعترفون أنهم مخطئون وان اضطهادهم لن يؤثر على المسيح وأتباعه. بل نرى أيضاً من خلال أعمال الرسل أنه مع الاضطهاد كبرت الكنيسة وتعاظمت. لقد أراد أعداء المسيحية أن يطفئوا النار السماوية عن طريق عاصفة هذا العالم ولكنهم لم يعرفوا أن النار تشتعل أكثر مع الريح وهذا تماماً ما حصل مع النار الروحية للكنيسة، إذا لم يكن هناك نار سوف تضعف النار وفي النهاية سوف تنطفئ وتموت، ولكن إذا وجدت الريح قويت النار انتشرت في مساحات واسعة. لقد حاول الشيطان وملوك الأرض أن يطفئوا شعلة الإيمان، ولكنهم لم ينجحوا إلا بخداع أنفسهم، وعلى العكس تماماً، حيث أنهم لم يعرفوا أنهم ساهموا في نشر الكلمة في كل أرجاء المعمورة. أينما ذهب المؤمنون فقد أخذوا معهم مسؤولية الشهادة لاسم المسيح.

أخي أختي/ أنا أدعوك أن تصبح شاهداً للمسيح، شاهداً لمحبته. نعم أنت. أنت تقدر أن تغزو العالم ليس بالسلاح والقوة، بل برسالة السلام مع الله، رسالة المحبة والخلاص نقرأ في رؤيا يوحنا 11:12 «وَهُمْ غَلَبُوهُ بِدَمِ الْخَرُوفِ وَبِكَلِمَةِ شَهَادَتِهِمْ، وَلَمْ يُحِبُّوا حَيَاتَهُمْ حَتَّى الْمَوْتِ».

تلاميذ المسيح كانوا شهوداً للمسيح في كل العالم، اتبعوا خطواتهم، في كل الأيام احملوا شهادتكم عن المسيح من خلال كلامكم، حياتكم ومن خلال تحملكم لكل المصاعب والاضطهاد لمجد اسمه. آمين.