العودة الى الصفحة السابقة
الله يبحث عن رجل

الله يبحث عن رجل

جون نور


«وَطَلَبْتُ مِنْ بَيْنِهِمْ رَجُلاً يَبْنِي جِدَارًا وَيَقِفُ فِي الثَّغْرِ أَمَامِي عَنِ الأَرْضِ لِكَيْلاَ أَخْرِبَهَا، فَلَمْ أَجِدْ» (حزقيال 30:22).

نحن في حاجة إلى كثيرين مثل حزقيال في هذه الأيام. نحتاج إلى رجال ونساء لله يصرخون بصوت عال ضد الخطية في يومنا وجيلنا هذا! أناس واقعيين يرون الأمور على حقيقتها، وهذا الشيء نحتاجه بشدة في هذه الأيام.

الله يبحث عن رجل وكلنا يعلم ما يعينه البحث. كان لراع مئة خروف، فضل واحد، فماذا فعل؟ لقد ظل يبحث عن ذلك الخروف الضال حتى وجده. وامرأة كان لها عشرة دراهم، فضاع واحد، فماذا فعلت؟ لقد بحثت عنه حتى وجدته. ومن كلمات الكتاب المقدس يتضح أن الله يعمل نفس الشيء، إنه يبحث، لكن ترى عما يبحث؟ إنه يبحث عن رجل (أو امرأة) يقف لأجله ويعلن حقه.

وفي الحقيقة إن الله يبحث عنك، أتؤمن بهذا؟ أنظر إلى كلمات الشاهد مرة أخرى ولاحظ إنه أحياناً حينما يبحث الله عن إنسان فإنه يجد نفس الإنسان الذي يريده، المستعد أن يتمم مقاصده والذي يرغب في استخدامه، لكنه أحياناً لا يجد نفس الإنسان الذي يطلبه.

إن التحصينات الحقيقية لأية أمة هي أخلاقها وعدلها وبرها ونقاوتها، أو كما يقول الكتاب: «اَلْبِرُّ يَرْفَعُ شَأْنَ الأُمَّةِ، وَعَارُ الشُّعُوبِ الْخَطِيَّةُ» (أمثال 14: 34). فقد تكون للأمة ثروة عظيمة، ولكن بغير أن يكون هناك رجال ونساء أنقياء القلب لهم طهارة الحياة ويخافون الله فإن تحصينات تلك الأمة تكثر ثغراتها وتمسى في خطر عظيم، وبمعنى آخر فإن الحصون المنيعة لأي أمة ليست في الأسوار والأبواب الضخمة، أو في السلاح أو الأساطيل، ولكن في رجال ونساء يخافون الله ويحيون الحياة التي تمجده. ودعوني أقل أن هناك ثغرات كثيرة وعظيمة في تحصينات كثير من الأمم والأفراد في هذه الأيام. هذه الثغرات هي بعينها مثلما كانت منذ 2500 سنة في حياة الشعب أيام حزقيال، فالطبيعة البشرية لم تتغير. إنها لم تزل متعفنة في الداخل، ولم يزل قلب الإنسان «اَلْقَلْبُ أَخْدَعُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ نَجِيسٌ» (إرميا 17: 9). ولأجل ذلك نجد الحروب. والخصومات، والمصادمات الأهلية والدولية، والانقلابات، والثورات، والفوضى التي تعم العالم اليوم.

دعونا في هذه الحلقة نتأمل في الثغرات الموجودة في أسوار الحياة في هذه الايام.

يقول حزقيال: «نَجَّسْتِ نَفْسَكِ بِأَصْنَامِكِ الَّتِي عَمِلْتِ» (4:22). فليس الوثنيون فقط هم الذين يسجدون للخشب والحجر ويعبدون الأصنام، لكن كم من أشياء كثيرة نسمح لها أن تأخذ مكان الله! وهذه هي الوثنية.

لكن الشاهد الذي أمامنا يعلن أن الله يطلب رجلاً (أو نساء) يصلحون هذه الثغراث ويقفون بأنفسهم فيها إذ يقول: «وطَلَبْتُ مِنْ بَيْنِهِمْ رَجُلاً يَبْنِي جِدَارًا وَيَقِفُ فِي الثَّغْرِ أَمَامِي عَنِ الأَرْضِ» (حزقيال 22: 30). فهذه حاجة الساعة، وما يطلب الله هو رجالاً ونساء مكرسين له بالتمام ومستعدين لخدمته، فأي نوع من الرجال والنساء يطلبه الله؟

لاحظوا أولاً وقبل كل شيء أن الله يطلب رجالاً، أي أنه لا يريد آلات أو أموالاً، لكن:

(1) رجلاً:

إن الله دائماً يصل إلى الناس عن طريق الناس، وهذه قاعدة معترف بها. ففي زمن إشعياء كان رجل الله هو إشعياء، وفي زمن إرميا كان رجل الله هو إرميا، وفي زمن حزقيال كان رجل الله هو حزقيال. وعندما أراد الله أن يصل للإنسان بالخلاص أرسل ابنه «الإِنْسَانُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ» (1تيموثاوس 2: 5)، وقد صار ابن الله إنساناً حتى فيه نستطيع أن نخلص. لقد سمعنا عن رجال غيروا شعوباً بأكملها، لكن أين نجد اليوم أمثال هؤلاء؟ يقولون: «بنعمة الله سأكون ذلك الرجل... أو تلك المرأة..».

ثم لاحظ أيضاً أن الرجل الذي يطلبه الله هو: رجل يقف:

«وَطَلَبْتُ مِنْ بَيْنِهِمْ رَجُلاً... يَقِفُ» (حزقيال 22: 30). لا نستطيع كلنا أن نعظ، لكننا بنعمة الله نستطيع كلنا أن نقف لأجل الرب، وهذا هو عين ما يطلبه الله. إنه يطلب رجالاً ونساء وشباناً يقفون لأجله ولأجل حقه، فهل تكون واحداً من هؤلاء؟

إن الله يريد رجالاً ونساءً يقيمون الجدران ويملأون الثغرات. وقد يكون الوقوف عملاً سلبياً، لكننا نرى هنا شيئاً إيجابياً. إن الله يطلب رجالاً ونساءً يحملون لواء البر والحق ويقفون ضد قوات الشر المنتشرة في العالم، ولنلاحظ أخيراً أن الله يطلب:

رجلاً يقف في الثغر أمامه حتى لا يخرب الأرض:

ولماذا أراد الله أن يخرب الأرض؟ لأنها كانت فاسدة تماماً، ولا يمكن أن الله يتغاضى عن الخطية، ولا يمكن أن يتساهل مع الشر، وإن لم يجد الرب أحداً يقف أمامه ويسد هذه الثغرات فلا بد أن تحل الدينونة. هل هناك ما يمكن أن نفعله لنمنع دينونة الله من أن تحل بالأرض؟ نعم، بالتأكيد.. حينما يوجد المؤمنون المخلصون الحقيقيون الذين عزموا أن يحيوا لله ويخدموه بأمانة فلأجلهم يحجز الله الدينونة؟ لقد تشفع إبراهيم أمام الرب لأجل المدينة الشريرة سدوم. فهل يوجد مثل هؤلاء الرجال والنساء اليوم المستعدون أن يعترفوا بالرب يسوع المسيح مخلصاً ويعيشون لأجل اسمه؟ إن مثل هؤلاء يستطيعون ببرهم وتشفعاتهم أن يردوا غضب الله فلا يحل بالأرض. «وَطَلَبْتُ مِنْ بَيْنِهِمْ رَجُلاً يَبْنِي جِدَارًا وَيَقِفُ فِي الثَّغْرِ أَمَامِي عَنِ الأَرْضِ لِكَيْلاَ أَخْرِبَهَا، فَلَمْ أَجِدْ. فَسَكَبْتُ سَخَطِي عَلَيْهِمْ. أَفْنَيْتُهُمْ بِنَارِ غَضَبِي. جَلَبْتُ طَرِيقَهُمْ عَلَى رُؤُوسِهِمْ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ» (حزقيال 22: 30 و31).