العودة الى الصفحة السابقة
انا هو الرب حافظك

انا هو الرب حافظك

جون نور


«لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَكَ قَدْ بَارَكَكَ فِي كُلِّ عَمَلِ يَدِكَ، عَارِفًا مَسِيرَكَ فِي هذَا الْقَفْرِ الْعَظِيمِ. اَلآنَ أَرْبَعُونَ سَنَةً لِلرَّبِّ إِلهِكَ مَعَكَ، لَمْ يَنْقُصْ عَنْكَ شَيْءٌ» (تثنية 2: 7).

بينما كنت اقرأ هذه الكلمات بدت لي وكأنها تتكلم إلي مثلما تكلم بها موسى للشعب فوجدت نفسي مدفوعاً أن أقول للرب كما قال عبده موسى:

شكراً لك يا رب لأجل عنايتك:

«لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَكَ قَدْ بَارَكَكَ فِي كُلِّ عَمَلِ يَدِكَ». وهذا بلا شك يذكرنا بعناية الله وإحسانه، وتلك الكلمات تؤكد الحقيقة الواردة في العهد الجديد (رومية 28:8): «وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ، الَّذِينَ هُمْ مَدْعُوُّونَ حَسَبَ قَصْدِهِ». لقد كانت هذه الحقيقة تنطبق علي كما هي تنطبق على كل واحد من أولاد الله، لذا دعونا نشترك معاً في تقديم الشكر لله لأجل عنايته قائلين له: «شكراً لك يا رب لأجل عنايتك بنا لأنك باركتنا في كل شيء». واقول للرب أيضاً:

شكراً لك يا رب لأجل علمك:

وهذه الكلمات تحدثنا أيضاً عن علم الرب الواسع بكل ما يحيط بنا: «عارفاً مسيرك في هذا القفر العظيم». نعم، إنه يعرف! إنه يرى ويعرف كل شيء عن أولاده، وهذا ما اختبرته لمدة أربعين سنة؟ إن ما يملأ قلوبنا تعزية أن نعرف أن الله يعلم كل شيء، ويفهم أيضاً، وهذا يجعلنا نسلك بحساب، إذ نتذكر أننا دائماً تحت رعاية العين الساهرة، وأنه يريد دائماً الأفضل لنا.

واقول للرب ايضا:

شكراً لك يا رب لأجل إرادتك:

لأن الرب إلهك قد باركك في كل عمل يديك عارفاً مسيرك في هذا القفر العظيم لان لله خطة في حياة كل واحد من أولاده، وهذه الخطة أن يسيروا معه خطوة فخطوة، لا يتسرعون ولا يتأخرون؟ بالأمس رجعت إلى (مزمور 9:32)، ومرة أخرى كان علي أن أعترف بأنني كثيراً ما كنت مثل الفرس يسابق ويجري، ومرات أخرى كنت مثل البغل المعاند المتأخر، وهذا ما يقوله الكتاب: «لاَ تَكُونُوا كَفَرَسٍ أَوْ بَغْل بِلاَ فَهْمٍ. بِلِجَامٍ وَزِمَامٍ زِينَتِهِ» (مزمور 32: 9). لقد كنت أحياناً متسرعاً متعجلاً، وأحياناً أخرى كنت عنيداً متباطئاً! لكن الرب يريد أن نسير أمامه، ونسير معه، وإرادة الله لأجل كل واحد من أولاده أن يتعلم السير. والأطفال لا يتعلمون المشي دفعة واحدة، إنهم يقضون وقتاً طويلاً في تعلم المشي. وفي أثناء ذلك يعثرون ويسقطون، ويتألمون ويبكون. ويحتاجون إلى اليد التي تحنو عليهم وتربت على أكتافهم. ونحن جميعاً – نظيرهم – نحتاج إلى الآب السماوي المحب لكي يشجعنا في مسيرنا، فهذه هي إرادته من جهتنا أن نسير معه في شركة مقدسة تفيض بالمحبة والسعادة لنتمتع برفقته.

فشكراً لك يا رب لأجل إرادتك.

وشكراً لك يا رب لأجل قصدك:

ترى ما هو قصد الله في حياة كل واحد من أولاده؟ أن نسير في هذه البرية، «هذا القفر العظيم»، الذي يشير إلى رحلة حياتنا الأرضية. والبرية في القاموس تعني: «بقعة خربة من الأرض مهملة وموحشة، أو هي حالة تحس فيها النفس بالوحشة». وكم تعبر هذه الكلمات عن اختباراتنا في هذا العالم الشرير! وقد تركنا الله هنا حيناً لكي يعلمنا ويدربنا ويقدسنا، كما نعلم من (تثنية 8: 2، 3): «وَتَتَذَكَّرُ كُلَّ الطَّرِيقِ الَّتِي فِيهَا سَارَ بِكَ الرَّبُّ إِلهُكَ هذِهِ الأَرْبَعِينَ سَنَةً فِي الْقَفْرِ، لِكَيْ يُذِلَّكَ وَيُجَرِّبَكَ لِيَعْرِفَ مَا فِي قَلْبِكَ: أَتَحْفَظُ وَصَايَاهُ أَمْ لاَ؟ فَأَذَلَّكَ وَأَجَاعَكَ وَأَطْعَمَكَ الْمَنَّ الَّذِي لَمْ تَكُنْ تَعْرِفُهُ وَلاَ عَرَفَهُ آبَاؤُكَ، لِكَيْ يُعَلِّمَكَ أَنَّهُ لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ، بَلْ بِكُلِّ مَا يَخْرُجُ مِنْ فَمِ الرَّبِّ يَحْيَا الإِنْسَانُ». فهكذا نحن في البرية سائحون، ويقودنا الرب في هذه الأرض القفر، وهذا يعني أننا فقط نعبر البرية في طريقنا نحو كنعان موطننا السماوي. وهذا هو رجاؤنا. وأقول للرب أيضاً:

شكراً لك يا رب لأجل حضورك:

تقول الآية: «اَلآنَ أَرْبَعُونَ سَنَةً لِلرَّبِّ إِلهِكَ مَعَكَ». لقد سار الرب مع الشعب قديماً في عمود سحاب نهاراً وليلاً، وأنا قد اختبرت حضور الرب معي طوال هذه السنين في شخص الروح القدس، الذي لا يسكن فقط معي بل فيّ. وإنني بالطبع أعلم أنه معي لأنه قال: «لاَ أُهْمِلُكَ وَلاَ أَتْرُكُكَ» (عبرانيين 13: 5). وقد قال الرب يسوع لكل خاصته: «هَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ» (متّى 19:28). لقد اختبرت ذلك ليس كمجرد وعد في الكتاب بل كحقيقة دائمة من يوم إلى يوم لمدة أربعين سنة إنه كان معي في أوقات فرحي وأوقات حزني. نعم، وفي أوقات الشدة، وعندما تتأمل هذه الحقيقة العجيبة، إن الله العظيم القدوس كان معك على مر السنين وهو معك الآن، ألا يملأ هذا قلبك بالشكر العميق؟ وأقول للرب أيضا:

شكراً لك يا رب لأجل جودك:

ترى كيف تنتهي الآية... «لَمْ يَنْقُصْ عَنْكَ شَيْءٌ». لمدة أربعين سنة قضاها الشعب في البرية لم يعوزهم شيء. «ثيابك لم تبل عليك، ورجلك لم تتورم هذه الأربعين سنة». فيا لها من عناية عجيبة من الله لأولاده! وكم أعد لنا نحن أيضاً ما يكفي لسد أعوازنا! «الأَشْبَالُ احْتَاجَتْ وَجَاعَتْ، وَأَمَّا طَالِبُو الرَّبِّ فَلاَ يُعْوِزُهُمْ شَيْءٌ مِنَ الْخَيْرِ» (مزمور 10:34).لماذا لأن الرب إلهك قد باركك في كل عمل يديك عارفاً مسيرك في هذا القفر العظيم، الآن أربعون سنة للرب إلهك معك لم ينقص عنك شيء.